عام مضى على رحلة أهالي ومقاتلي قلعة الحصن والريف الغربي من حمص باتجاه الأراضي اللبنانية، وقد تمكت "زمان الوصل"، وعبر "واتس آب" من محاورة أحد هؤلاء المقاتلين، الذي أصيب بشظية في رأسه أثناء رحلة الموت، وتوفي وجرح واعتقل، خلال الرحلة حوالي 40% من المشاركين فيها.
يقول المقاتل نعيم لـ"زمان الوصل": قررنا مساء /2014/3/1 وبعد أنَ أطبق النظام حصاره الخانق علينا، ولم يبقَ من الطعام ما نأكله، قررنا الخروج من القلعة باتجاه الحدود اللبنانية (18كم)، وصلينا المغرب والعشاء جمعا وقصرا، وتجمّع الناس في ساحة حي التركمان، القريبة جدا من القلعة.

وتم تقسيمهم إلى 3 فئات: الأولى: العائلات وكان عددهم 20 امرأة، والثانية: المقاتلين، وكان عددهم 200 مقاتل، والثالثة حاملو الجرحى.
وأضاف يقول: قبل المسير بنصف ساعة مر الطبيب على الجرحى والأطفال، وعددهم 4، وأعطاهم الأبر المهدئة والمسكنة، والأطفال أيضا عددهم 4 دون 3 سنوات.. وحوالي الساعة7 مساء أمرنا قائد الرحلة بالمسير لنجتمع عند دوار العوجة بمنتصف بلدة الحصن.
وأردف: ألقينا نظرة الوداع على بقابا بيوت لنا، نعلم إنها بعد ساعات ستكون محتلَة من قبل المغتصبين، وستنهب وتحرق من قبل شبيحة وادي النصارى والقرى الموالية للنظام.
تركنا الجرحى!
وأشار المقاتل نعيم إلى أنّ الطريق كان وعرا وشاقا، وعلينا عدم رفع الصوت، وسار دليلنا قبلنا ليكشف الطريق، ووصلنا نقطة صعبة جدا، حيث يتوجّب علينا التمسك بالحبال لقطع متعرجات صعبة، ووعرة جدا، تقع بالجهة الجنوبية الشرقية من القلعة.
وأضاف: بعدها بدأ المسير ضمن أراضي الزيتون وأمر قائد الرحلة بترك الجرحى بين أشجار الزيتون، وإعطائهم ما يدافعون به عن أنفسهم، كي يقتلوا، ولا يقعوا أسرى بيد الغاصبين، لأنهم أصبحوا عاجزين عن حملهم.
*"تانبعتكن ع الحوريات كلكن"
وردا على سؤال "زمان الوصل" كيف استطاعوا اجتياز حواجز النظام، ومرتزقته المحيطة بالقلعة، قال المقاتل نعيم: عندما قطعنا المنحدرات، وأصبحنا بين أشجار الزيتون، أصبحنا قريبين جدا من حاجز "أبو زيد"، وقام أحد الشبيحة بتسليط الضوء علينا وقذفنا بلهجته القذرة قائلا:"شووا جماعة الحصن رفضتوا تروحوا عالتسوية، بالله تانبعتكن عالحوريات كلكن"، مضيفا بأنّ الجميع أحسّ بأنَ النهاية اقتربت، وأصبحنا نتخيل كيف سيوجه الحاجز مدافعه ورشاشاته علينا، ولكن بفضل الله عز وجلَ، لم تتحقق أمنيتهم، وقررنا متابعة المسير بعد دقائق مرعبة، مرت علينا بين أشجار الزيتون المباركة.
*"يا نجاة يا جنّة"
وحول قصة اشتباكهم مع حاجز شبيحة النظام بقرية "عناز"، المسيحية الموالية للنطام، قال نعيم: قبل آذان الفجر بنصف ساعة تقريبا، أصبحنا قريبين جدا من حاجز "عناز"، وأخبرنا قائد الرحلة بأنه لا مجال إلا بالاشتباك مع الحاجز، كي ينجو الناس، قائلا لنا: "يانجاة.. يا جنَة".. وقام أبو محمد فكبَر (الله أكبر)، واقتحم الحاجز وتوفي رحمه الله وتقبله، وبدأ الناس بالمرور من قرب الحاجز، بعد أنّ قتلنا كل الشبيحة الذين كانوا على الحاجز، مشيرا إلى أنهم خسروا بمعركة حاجز عناز، العديد من الشهداء ومنهم الدكتور خلدون.
وأضاف:"بعدها بدأنا المسير بمنطقة البقيعة، وهي منطقة سهلية قريبة جدا من اتوستراد حمص -طرطوس، ومشينا في الوحل والمستنقعات، مع ضرب القنابل المضيئة، والقصف العنيف من حواجز الشبيحة المحيطة بنا".
*نفق الموت
وردا على سؤال آخر لـ"زمان الوصل"، عن كيفية عبورهم أتوستراد حمص-طرطوس الدولي، قال نعيم: عبرنا الأتوستراد باتجاه الأراضي اللبنانية، عن طريق النفق، وهنا بدأ ضوء النهار يزداد شيئا فشيئا، حيث قامت مجموعة من الشباب بتمشيط النفق قبل عبوره، فقتل شاب لم يشارك في معارك سابقة، ولكن زاده الله قوة وعزيمة، كي يساهم في نجاة من تبقى من الناس من بطش النظام ومرتزقته، مشيرا إلى أنّ الأشتباكات، وحدة القصف زادت بعد عبورهم النفق لسببين، أولهما: ازدياد ضوء النهار، وثانيهما: كثرة الكمائن للشبيحة بمنطقة البقيعة، نتيجة معرفتهم بخروج المحاصرين بالقلعة، وتوجّههم باتجاه الحدود اللبنانية، فقتل منا عدد من الشباب، وقتلنا من الشبيحة عدد لابأس به، وخاصة بالقرب من سكة القطار، حيث ازدادت حدة المعارك بيننا، وأصبحنا مكشوفين تماما لحواجز الشبيحة.

*زحفا على البطون
وعن أصعب المواقف التي مرّ بها ورفاقه بالرحلة الأسطورية قال نعيم: الرحلة كلها مواقف صعبة جدا، إلا أنّ أصعبها، كان قطع المسافة ما بين ساقية الري، ونهر الكبير الجنوبي، الذي يفصل بين سوريا ولبنان، لأن حواجز الشبيحة كانت قريبة جدا من مكان العبور، والرصاص علينا كالمطر، فقررنا مواصلة المسير، زحفا على البطون للحدود اللبنانية، وكانت المسافة حوالي 200 متر.
وبعد عبورنا للنهر وأصبحنا بالأراضي اللبنانية، همّ أبو ناصر بالنزول للأرض، ليسجد سجدة شكر لله تعالى، فأطلق النظام قذائفه بأتجاه الأراضي اللبنانية، وأصبت أنا بشظية في الرأس، وقتل أبو ناصر وهو ساجد لله تعالى.. وتابعنا المسير بالأراضي اللبنانية، حتى وصلنا إلى أحد البيوت، فبدأ كل منا بتفقد الآخرين.
*"فقدنا أما احتضنتنا"
وردا على سؤال أخير "زمان الوصل" حول سبب كره النظام الشديد لأهالي الحصن ومقاتليها، قال ابن الحصن نعيم أبو محمد: النظام كان يعتقد بأنه يحارب آلاف المقاتلين، ومن عدة جنسيات، وعندما اكتشف بأنّ من يحاربهم جميعهم من الحصن، وعددهم، لا يتجاوز 200 مقاتل جنّ جنونه.
وختم حديثه قائلا: "في مثل هذا اليوم من عام مضى، فقدنا أمّاً احتضنتنا في السراء والضراء (قلعة الحصن)، رواها أبطالنا بدمائهم الطاهرة على مدار 3 سنوات من عمر الثورة السورية اليتيمة.
شبيحة النظام يرقصون على مشهد الجثث الطافية فوق أبراج قلعة الحصن !
عمرو الحموي - ريف حمص - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية