أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المشفى الذي واكب مسيرة "حجي مارع"..تجربة إغاثية مميزة أنهاها لصوص الثورة

مشفى مارع الميداني في حلب مشروع إغاثي لم يكتمل

حكاية مشفى الحرية في مارع هي إحدى حكايات هذه الثورة اليتيمة، بدايته من بداية الثورة، واكب الشهيد "حجي مارع" في مسيرته حتى استشهاده في غرفة عمليات المشفى، ثبُت في كل المصائب والمحن، كان حاضراً في كل معارك حلب الشهباء، والآن يغلق بفعل "لصوص الثورة". 

بهذه الكلمات المؤثرة رثى ناشطون "مشفى الحرية الميداني في مارع" بعد أن أُُعلن عن إغلاقه بسبب توقف كل مصادر التمويل التي كانت تمده بالاستمرارية والبقاء، ووصل المشفى إلى طريق مسدود وذلك لعدم قدرته على مواصلة تقديم خدماته بسبب تخلي الحكومة المؤقتة ممثلة بوزارة الصحة، والمنظمات الداعمة بواجبها تجاهه، فقد مضت أربعة أشهر لم تستلم فيها الكوادر الطبية رواتبهم، علاوة على أن المشفى مدين بمبلغ 7500 دولار لأهل المنطقة الذين قدموها على أمل استردادها بعد مجيء الدعم، ولكن الدعم توقف لتتوقف تجربة إغاثية مميزة بكل المعايير امتدت لأكثر من سنتين، قدم المشفى خلالها خدماته لسكان "مارع" وريفها في منطقة جغرافية تخلو من أي مشفى آخر من حدود مدينة حلب إلى مدينة إعزاز وصولاً إلى الحدود التركية- كما يقول مدير عام المشفى الدكتور"عبد الرحمن الحافظ" الذي تحدث لـ"زمان الوصل"عن ملابسات إغلاق المشفى قائلاً:

كان مشفى مارع الميداني عبارة عن نقطة طبية صغيرة، وأواخر العام 2012 تم نقله إلى بناء كبير وتجهيزه بكل المستلزمات، وكان المشفى يتلقى آنذاك دعماً مادياً من عدة منظمات وجهات إغاثية في حلب كـ "السامز" و"الاوسم" و"السيما" و"أطباء بلا حدود"، وكان هذا الدعم يأتي بأوقات غير منتظمة فنضطر للاستدانة من أهل مارع الخيّرين ريثما تأتي دفعة المساعدات.

عندما تشكلت الحكومة المؤقتة، ووزارة الصحة التي أُنشئت في الشهر الرابع كان من المقرر أن تستلم زمام الأمور وتتكفل بدعم مشفى مارع ولكن انفكاك المشفى عن المنظمات الإغاثية والاعتماد على الوزارة كانت غلطة كبرى -كما يؤكد مدير المشفى- مضيفاً أن وزارة الصحة دفعت مصاريف المشفى ورواتب موظفيه لشهر واحد، وهو الشهرالرابع 2014 وأصدرت قراراً بتغطية الشهر الخامس والسادس والسابع من هذا العام، ولكنها لم تلتزم بقرارها منذ الشهر الرابع وحتى بداية الشهر العاشر، ولضعف المردود المادي أصبحت كوادر المشفى -بحسب د. عبد الرحمن الحافظ- تذهب للعمل مع المشافي الأخرى المدعومة من منظمات كبرى كـ"أطباء بلا حدود" حيث الرواتب ثابتة والدعم مستمر، وأغلبها مشافٍ أُنشئت من قبل الجهات الداعمة، فأصبح مشفى مارع كاليتيم على مائدة اللئيم -حسب وصفه-.

ويضيف د. الحافظ: بقينا ستة أشهر مستمرين بمساعدة أهل مارع، وكنا نأمل أن تقوم وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة بتغطية تكاليف ونفقات المشفى.

خسارة بكل المقاييس
لدى اتصال القيّمين على مشفى مارع بوزارة الصحة في الحكومة المؤقتة قالوا" لم يعد بمقدورنا تغطية نفقات المشفى" مبررين ذلك بحسب د. الحافظ بأن "الحكومة شكلية وإمكانياتها المادية ضعيفة، وأنهم لا يستطيعون تغطية كل المشافي الميدانية في الداخل السوري"رغم أنهم لم يقوموا بتغطية إلا شهر واحد وتنصّلوا من بقية الشهور التي أصدروا قراراً بتغطيتها.

ويردف د الحافظ: "مضت ستة أشهر والمشفى دون موارد مادية، وهناك ديون متراكمة على المشفى لأهل مارع تتجاوز الـ7500 دولار ثمن محروقات مازوت للمولدات ولسيارات الإسعاف ومصاريف تشغيلية للمشفى، علاوة على أن وضع الكوادر الطبية في المشفى أصبح صعباً بلا رواتب ولم يعد لدينا ما نعطيهم إياه، فلم يبقَ من حل إلا إغلاق المشفى ليذهب كوادر المشفى كلاً في طريقه أو يتدبرون أمورهم في العمل لدى مشافي أخرى.

تجربة المشفى الذي كان يتميز بموقع استراتيجي هام على الطريق بين حدود حلب إلى الحدود التركية خسارة بكل المقاييس كما يؤكد الدكتور "عبد الرحمن الحافظ" فـ"المشفى مجهز بتجهيزات كاملة ولا ينقصه شيء إطلاقاً بما في ذلك جهاز الطبق المحوري الوحيد في مناطق حلب المحررة وحتى الحدود التركية، وأجهزة الأشعة الحديثة، وفي المشفى أربعة أسرّة في غرفة العناية المشددة وغرفتي عمليات وقسم نسائية مع غرفة عمليات".

ويضيف د.الحافظ: "أجرى المشفى 60 عملية قيصرية و150 عمل جراحي، وكان يستقبل يومياً بحدود خمسة آلاف مريض في عياداته الخارجية،علماً أن المشفى لا يتقاضى أي مبلغ من المرضى بل يقوم بتوزيع الأدوية مجاناً أيضاً، و80 % من خدماته للمدنيين في مدينة مارع وريفها". 

رجل كرسي !
وحول الكادر الطبي في المشفى يقول الدكتور الحافظ: "في مرحلة ما كان لدى المشفى17 طبيباً أخصائياً في اختصاصات الجراحة التجميلية، والجراحة العصبية والبولية و3 أخصائيين في الجراحة العامة، و3 أخصائيين في الجراحة العظمية عدا أطباء العيادات الخارجية في اختصاصات العينية والأذن والأنف والحنجرة، وعند تبني الوزارة للمشفى التحق به أعداد كبيرة من الأطباء والممرضين، ولكن هذه الأعداد من الأخصائيين والكوادر الطبية انخفضت إلى النصف بعد تراخي وزارة الصحة وتخليها عن واجبها تجاه المشفى.

وحول تبرير وزارة الصحة في الحكومة الانتقالية لإيقاف دعمها للمشفى يقول د. الحافظ: "زعموا أنه ليس لديهم المال الكافي الذي يغطي جميع النقاط الطبية والمشافي الميدانية في حلب، وأنهم كوزارة مقيّدين بإجراءات بيروقراطية، وغير مخوّلين بصرف أي مبلغ دون موافقة من وزير المالية، بمعنى أن وزارة الصحة أصبحت مجرد "رجل كرسي" أو واجهة ومهمتها تقتصر على رفع المشاريع وحساب كلفتها المادية إلى وزارة المالية التي بدورها توافق أو ترفض التغطية، ويردف الدكتور الحافظ إن المسؤولين في وزارة الصحة قالوا له:"هناك تناحرات كثيرة داخل الائتلاف تحول دون تمويل المشروعات التي تم توقيف الكثير منها" ويتابع بلهجة مؤثرة:"قبل أن نرتبط بالوزارة كانت أمورنا أفضل، وكنا نمشي على "عكاز" -كما يقال- أما الآن فبتنا نمشي "مكرسحين" للأسف".





فارس الرفاعي - زمان الوصل
(133)    هل أعجبتك المقالة (158)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي