أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الناجي الوحيد من مجزرة السبيل في حمص.. أبو جعفر المغربل يروي قصة الطفل "نبيل الغنطاوي"

في إحدى مدارس حمص يعيش اليوم الطفل "نبيل الغنطاوي" ذو السنوات السبع وهو الناجي الوحيد مع شقيقه الأكبر من المجزرة المرّوعة التي ذهب ضحيتها سبعة من أفراد عائلته قتلوا ذبحاً بالسكاكين على يد شبيحة حي السبيل على مرأى من عينيه وهو مختبئ في سقيفة المنزل التي بقي فيها خمسة أيام في حضن أمه الشهيدة بسبب القصف العشوائي، ولخوفه من هول ما شاهد حتى استطاع الثوار إخراجه في قصة أبكت الملايين.

الناشط بدوي المغربل أبو جعفر الذي كان شاهداً على عملية إنقاذ الطفل من بين الجثث المتعفنة والدماء والأشلاء يروي لـ"زمان الوصل" تفاصيل ما حدث قائلاً: 

كان الشهيد خليل مشهدي (أبو إبراهيم) جالساً مع مجموعة من الثوار عندما جاء إليه طفلان من أطراف حي السبيل وقالا له: (يا عمو دخلوا الشبيحة على بنايتنا ودبحوا العالم وما في حدا بيعرف غير نحن وماحدا عم يصدقنا الله يخليك يا عمو مافي إلنا غيرالله وأنت جيب أهلي من البيت يمكن دبحوهم الشبيحة). ولم يتوانَ أبو إبراهيم -رحمه الله- عن الإستجابة لاستغاثة الأطفال وذهب إلى قائد كتائب الفاروق أبو أسعد رحمه الله المتواجدة في حي الخالدية، وكنت أنا موجوداً عند أبو أسعد في المقر وكان أبو إبراهيم في غاية اللهفة وطلب ذخيرة للدخول إلى ذلك الحي الذي يسيطر عليه شبيحة الأسد آنذاك، فطلب أبو أسعد التمهل لخطورة الدخول إلى ذلك الحي لكونه تحت السيطرة الكاملة لشبيحة الأسد ولكنه قال لأبي إبراهيم عندي 16 مقاتلا أستطيع أن أستغني عنهم عدة أيام وعندي 1200 طلقة و4 قنابل فقط أيضاً اعتبرها تحت تصرفك من أجل هذا العمل.
وأضاف: سيكون العمل بالغ في الخطورة إذا لم يكن هناك من يساندك فيه وأنت تعرف أيضاً أننا في حي الخالدية معرضون في أي وقت للاقتحام ويجب أن نكون حذرين ومستعدين فقال الشيخ ابو ابراهيم -رحمه الله– لاعليك عندي خطة مدروسة جيداً فوافق أبو أسعد رحمه الله وأعطى "أبو ابراهيم" ما وعده من ذخيرة ومن مقاتلين، وذهب على الفور لمباشرة العمل في إخراج الشهداء من المبنى في حي السبيل وبدأ بتنفيذ خطته التي تقوم على حفر الجدران في أكثر من23 منزلاً من خارج الحي حتى يستطيع الوصول إلى ذلك المنزل الذي تتواجد فيه العائلة المذبوحة.

شهداء السقيفة !
ويضيف الناشط المغربل: بعد أن أستطاع أبو إبراهيم -رحمه الله- من الدخول إلى المنطقة وسط روائح الجثث التي كانت تفوح في كل أرجاء الشوارع، كانت المفاجأة الكبرى، فعشرات الجثث كانت مذبوحة بالسكاكين والدماء تسيل في كل أرجاء المنزل وكان من بين الضحايا الكثير من الأطفال والنساء وحينها جن جنون الثوار من هذا المنظر الرهيب، ولم نعد نستطيع عد الجثث لكثرتها في المنزل، وألهم الله بعض الإخوة الموجودين في المنزل أن يتفقدوا سقيفة المنزل وكانت الصدمة !! زوج وزوجته مذبوحين وقد تنفّخت جثثهما بعد أيام من ذبحها على أيدي شبيحة الأسد، ذهل جميع الحضور وسارعوا لإنزال تلك الجثث من سقيفة المنزل ليفاجأوا بصراخ طفل وهو يقول: (عمو عمو أنا هون) ويردف المغربل وهو يصف ذلك المشهد الذي أوقف الزمن من شدة هوله: خرج من بين أحضان والديه المذبوحين طفل لايتجاوز عمره خمسة أعوام كان نائما مدة قتلهم حتى وصولنا إليهم لفترة أربعة أو خمسة أيام) لقد بكى كل من كان موجوداً حينها في المكان وتم سحب الطفل من بين والديه المذبوحين وسارع أبو إبراهيم لنقله أولاً لأنه الناجي الوحيد من تلك المجزرة الشنيعة عبر فتحات الجدران ونقله إلى المشفى الميداني للفحوصات الطبية، كانت التعفنات ظاهرة على خده الأيمن ورقبته وطالت فمه الذي بقي من دون طعام وشراب كل المدة حتى وصول "أبو إبراهيم" وكان الطفل يبدو كأنه خاج من مغارة أو كهف.

فأخذته إلى منزلنا الذي كنا فيه مع بعض الإعلاميين ليروي لنا ما حصل معه طوال فترة بقائه في أحضان والديه اللذين استشهدا في هذه المجزرة إلى جانب شقيقاته الثلاث واثنين من أشقائه ولم ينجُ من العائلة المذكورة سوى نبيل وشقيق أكبر منه. 

وحول استهداف شبيحة النظام لهذه العائلة وهل كانوا بمفردهم في الحي يقول الناشط أبو جعفر: 
كان هناك أهالي من السنة يقطنون بنائين ملاصقين لأهل المنطقة من الطائفة العلوية المؤيدة للنظام رفضوا الخروج من الحي، فدخل إليهم الشبيحة ليلة 5/ 2 / 2012 بعد استيلاء الثوار على مبنى قسم الشرطة والبريد وفتحوا النار على كل من وجدوه في طريقهم، ومن هرب قتلوه بالسكاكين وبلغ عدد الشهداء 16 شخصاً أغلبهم من الأطفال والنساء.

وحول وضع الطفل نبيل الغنطاوي بعد نجاته من المجزرة يقول المغربل: عندما تم إنقاذ الطفل كان في حالة نفسية سيئة لهول ما رأى وتم إرساله للعلاج، فبقي حوالي ستة أشهر تحت العلاج النفسي وشفي تماماً، أما من الناحية الجسدية فهو معافى، وهو موجود في مكان آمن في إحدى مدارس حمص.



فارس الرفاعي - زمان الوصل
(174)    هل أعجبتك المقالة (203)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي