شهدت بلدة "ببيلا" بريف دمشق أمس خروج مظاهرة حاشدة، كرد من الأهالي المتواجدين فيها على "المصالحة المذبحة"، معبرين عن رفضهم دخول وفد النظام إلى البلدة للبدء بتطبيق ماسمي بــ"المصالحة الوطنية" القائمة على الهدنة ما بين أطراف من الجيش الحر، وبين النظام، معتبرين أن هذه المصالحة تصب في مصلحة النظام وتسيء إلى دم الشهداء والمعتقلين.
وأكد ناشطون لــ"زمان الوصل" أن كل من بلدات "يلدا" و"ببيلا" و"بيت سحم" في ريف دمشق قد دخلت حيز تنفيذ المصالحة الفعلي، حيث شهدت بلدة "ببيلا" إقامة حواجز لجيش النظام على مداخلها ومخارجها، وإن المصالحة الوطنية في المنطقة تضمنت تسليم بعض المسلحين من أهالي البلدات أنفسهم وأسلحتهم بالتنسيق مع لجان المصالحة لتتم تسوية أوضاعهم وإنهاء المظاهر المسلحة في البلدة.
ونقلت مصادر لــ"زمان الوصل" بأنه تم إزالة المتاريس الترابية التي وضعت من قبل الجيش الحر إثر المعارك التي كانت تدور بينهم وبين جيش النظام وترافق ذلك مع دخول ورشات الصيانة لإصلاح كافة المرافق الخدمية كالمدارس والأفران وشبكات الهاتف والكهرباء تمهيدا لعودة الحياة الطبيعية إلى البلدة كما سيتم إدخال المساعدات الغذائية والطبية حتى يتمكن المواطنون من العودة إليها.
في حين صرح شيخ بلدة ببيلا "أنس الطويل" إبان المصالحة التي حدثت يوم السبت في البلدة لتلفزيون الخبر الموالي: "إن المصالحة الوطنية بمبادرة من إخواننا في جيش الدفاع الوطني، وسوف نضع أيدينا بأيدي قوات الدفاع الوطني، لن نرضى بأي تدخل خارجي وبأي متاجرة بدماء الشهداء".
جاء ذلك إبان افتتاح مسجد ببيلا للمرة الأولى بعد إغلاقه لمدة عام ونصف وإقامة صلاة الجماعة فيه، وبعد مصالحة وتسوية شهدتها البلدة بحضور قائد قوات الدفاع الوطني فادي صقر وعدد من ضباط جيش النظام الذين وعدوا "بتسوية أوضاع المقاتلين المحليين المتواجدين هناك" إضافة للإفراج عن المعتقلين.
من جهته لمس مصدر "زمان الوصل" احتقانا "مخيفا" في نفوس أهالي المنطقة وعدد كبير من عناصر الجيش الحر، الذين أكدوا أنه هذه المسرحية ماهي إلا ألعوبة من ألاعيب النظام كي يتمكن من تقليص عدد الجبهات وتأمين داخل دمشق و أطرافها وذلك لتمرير فترة الانتخابات الرئاسية المزعومة، وأن هذه اللعبة ستنقلب ضد النظام وأذرعه قريباً بعد كشف خداع النظام، وسيحاسب من باع دم الشهداء واحداَ تلو الآخر.
علما أن النظام سمى القائمين على المصالحة من "الجيش الحر" وبعض الشخصيات بــ"الدفاع الوطني".
كلمات لا بد منها من مصدر "زمان الوصل"
هل يمكن وبعد مرور ثلاث سنوات على الثورة، عانينا فيها ما عانينا من ملاحقات أمنية وقتل وتعذيب وحصار وقصف وتجويع أن نصالح؟ سؤال يطرحه أحد الناشطين في ببيلا، بعد دخول النظام إلى مدينتهم بناءً على الهدنة التي تم التوصل إليها مؤخراً.
وهل يمكن للمدينة التي حوصرت منذ أكثر من ثمانية أشهر، وعانت ما عانته من الموت جوعاً، أن تصافح اليوم جلادها، وفق ما بينت العديد من الصور بعد دخول وفد النظام من ضباط ومسؤولين مع عناصر من الشبيحة وقوات الأمن إليها، والتي كشفت حالة من الود "المهين" بين النعجة والذئب، وفق تعبير الناشط.
ويبدو أن حالة "المصالحة الوطنية" التي بدت في "ببيلا"، وإن كانت تحت سقف الموت، جعلت من الشبيحة يتمادون حيث قاموا بحركة استفزازية تتمثل برفع العلم الذي يمثل النظام وهتافهم بهتافات مؤيدة للنظام، ما دفع شباب الثورة للتظاهر مباشرةً ضد النظام رافعين راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وهاتفين ضده وضد من يريد إركاع الشعب وإذلاله مؤكدين أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً.
ماذا عن دم الشهداء
وتحول المدعو فادي صقر من "ثوري" إلى قائد للدفاع الوطني تحت أمرة النظام بموجب اتفاق المصالحة، وأجرت وسيلة إعلامية قريبة من النظام معه الحوار التالي ننشره حرفياً:
وتحول المدعو فادي صقر من "ثوري" إلى قائد للدفاع الوطني تحت أمرة النظام بموجب اتفاق المصالحة، وأجرت وسيلة إعلامية قريبة من النظام معه الحوار التالي ننشره حرفياً:
في مكتب هادىء، يستقبلك الرجل بابتسامة طيبة، هو فادي صقر قائد "الدفاع الوطني" في دمشق وريفها، الذي يعرف شكله أغلب المقاتلين فتارة يكون "عسكرياً" ضمن المعركة في ساحة معلولا، وتارة يظهر بلباسة المدني "ميّسراً" شؤون الناس في جنوب العاصمة.
لا يخفي الشاب الذي لم يتجاوز الاربعين من عمره حماسة لقتال من يصفهم بالاقصائيين التكفيريين الذي عاثوا فساداً في البلاد، لكنه يستدرك سريعاً "هناك مدنيون وبعض المسلحين غُرّر بهم وهولاء يجب استقطابهم ومدّ اليد لهم".
لا يجد صقر حرجاً في الدخول في تفاصيل بنود المصالحات مع الـ"الطرف الآخر"، بل يعتبر أن "المصالحة قوة والصلح يحتاج الى رجال".
عن موضوع المصالحات، يقول قائد "الدفاع الوطني" في دمشق إن "العمل على ملف المصالحات بدأ منذ عدة أشهر بعد نداءات وجهها الاهالي وبعض المسلحين للجيش السوري في عدة مناطق في ريف العاصمة دمشق، والان نحصد ثمار جهودنا في يلدا - بيت سحم - برزة - ببيلا، والبلدات المتجهة للمصالحات في ازدياد".
يشدد صقر على أنه "لا يوجد شيء اسمه حواجز مشتركة"، موضحاً أنها إشاعة تم تداولها"، ويشير الى أن "من يقف مع الجيش ممن حمل السلاح سابقاً أصبح اليوم منتسباً للدفاع الوطني"، معلناً أن "باب الانضمام مفتوح".
ويتابع صقر "كل المسلحين الان أصبحوا تحت مسمى "الدفاع الشعبي فالبلد يحميها أهلها ومطلب الناس ان يكونوا هم من يحمون اهلهم واولادهم من العناصر الغريبة"، ويردف "الدفاع الوطني في ختام الامر هو من أبناء البلد وابناء الاحياء نفسها".
ويرى صقر أنه "في النهاية سيعود الجيش لثكناته ومعسكراته وستبقى مهمة الحفاظ على السلم الاهلي من مسوؤلية الاهالي، فما شهدته البلاد خلال سنوات الحرب تفاصيل يجب أن لا تتكرر".
وعن موضوع المخطوفين، يكشف صقر أنه جرى استلام أكثر من 12 مخطوفاً بينهم عسكريون على قيد الحياة أصبحوا في بيوتهم الان"، ويأسف لاستلام 30 جثة أيضاً بينهم اثنتان لأقاربه تم تسليمها لأهلها وفق الأصول.
ويختم صقر حديثه: "هذه البلاد تستحق أن نضحي من أجلها".
سارة عبدالحق - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية