إذا أردت أن تعرف كيف "يهادن" بشار الأسد، وماذا تعني المواثيق والاتفاقات بالنسبة له، فلن تتعب كثيرا في الحصول على مؤشرات "الالتزام" و"المصداقية" وقبل ذلك دلائل "الإنسانية"، التي لاتترك مجالا للشك بمغزى "الهدن" التي يعقدها النظام وأعوانه في محيط دمشق خصوصا.
فورا، يأتيك الخبر من "ببيلا" في جنوب دمشق، حيث يروي نشطاء من أبناء المنطقة قصة موثقة بالأسماء والتواريخ والأرقام، تقشعر لهولها الأبدان.. فبعد أيام من هدنة وقعت عليها ببيلا المثخنة بما لايحصى من جرائم النظام، تكشفت قصة نور الدين النابلسي، مسقطة أي لثام عن حقيقة "الهدن" وغاياتها، وساحبة كل الذرائع من الذي يروجون لها ويدافعون عنها، بحق أو بغير حق.
نور الدين النابلسي، كان من ضمن الذين أدركتهم "إنسانية" النظام، حيث "كسرت" مخابراته على أنفها "كيس بصل" وأخرجت الشاب المصاب إصابة بليغة في نخاعه الشوكي، تلقاها قبل حوالي 8 أشهر، داخل مخيم اليرموك.
صبر "نور الدين" وصابر على الحصار مع آلاف المحاصرين، وقبل ذلك صبر على إصابته التي أدخلته في شلل كامل، لكن لحمه بدأ يتفسخ نتيجة ضعف الإمكانات العلاجية، والنقص الشديد في التغذية، ولما جاءت "الهدنة" فتحت له طاقة فرج، حيث كان من ضمن من شملتهم "رحمة" النظام فأخرجهم من تحت الحصار ولكن إلى أين؟؟
هل يمكن أن تغمض عيونك أيها القارئ قليلا وتتخيل إلى أين "أسعف" النظام "نور الدين"، وكيف "عالجه"؟.. لن تتخيل، وإن تخليت فسيأتي الخيال أقل بشاعة وقذارة من الواقع.
أخرج النظام "نور الدين" إلى مسلخه المسمى "المشفى العسكري 601 بالمزة"، وهناك عولج بالوسيلة الأسدية المعتادة.. الضرب والتعذيب.
لكن رحلة "الرحمة" الأسدية لم تنته عند هذا الحد، وكان لابد لها أن تختتم كالعادة في فرع مخابراتي، لأن شياطين النظام ووحوشه لا يجدون أفضل من الأقبية المعتمة منشطا لغرائز القتل والتنكيل.. وهكذا كان، لينقل "نور الدين" الشاب المشلول، المتفسخ اللحم إلى فرع الدوريات، وبعدها بثلاثة أيام فقط (28/1/2014)، لاقى "نور الدين" المصير الذي لاقاه عشرات آلاف المعتقلين في سجون الأسد.. وأسدل الستار على قصة قتل أخرى، وأهيل التراب عليها، فما لايزال هناك من يحاول مسح الأقذار عن وجه الهدنة، بل عن وجه النظام عبر التهادن معه.
من البلد | |
|
دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية