من البلد | |
|
بين زرع الميدان وحصاد الطاولة.. هل يقلب "جيش محمد" مائدة جنيف2 على من يعدونها؟

منذ فترة ليست بالبعيدة، تتوالى التسريبات عن قرب تشكيل جيش ذي صبغة إسلامية ومسمى له مدلول وغني عن البيان، وهو "جيش محمد"، كانت "زمان الوصل" أول من أشارت إليه...
آخر هذه التسريبات ما سجله القائد البارز "أبو عيسى الشيخ" عندما بشر بقرب ولادة تنظيم اندماجي ضخم يضم ألوية صقور الشام وأحرار الشام ولواء التوحيد، بل وجيش الإسلام، الذي تشكل مؤخرا وضم أكثر من 50 فصيلا مقاتلا، وما زالت تلتحق به كتائب وألوية بين الفينة والأخرى.
ولايحتاج أحد لواسع أو عميق بصيرة عسكرية وسياسة أيضا، ليعلم أن ولادة جيش موحد بات ضرورة أكثر من ملحة، أملتها عدة ظروف، أولها استمرار تخاذل ما يسمى المجتمع الدولي، وتخليه عن كل وعوده التي قطعها سرا وجهرا، وتراجعه المخزي عن معاقبة الجاني الذي يعرفه الجميع في جريمة كيماوي الغوطة، بل والذهاب أبعد من ذلك في إعادة تعويمه وتلميعه، وتحضيره لـ"مأدبة جنيف2".
ولو لم يكن من مؤامرة على الثورة والشعب السوري إلا "جنيف2"، لكفت لإقناع الكتائب الموجودة في الميدان أن التوحد لم يعد خيارا ولا ترفا، بل بات فرضا لازما وعملا واجبا، يستدعي اتهام المقصر فيه بالخيانة والتفريط بالثورة، فما بالك بمن يعرقله؟
لقد أضحت مفرزات "جنيف 2" ماثلة للعيان قبل عقده، والسعيد من استشرف الأمور وربط الأسباب بالنتائج واستبق الأحداث، وليس كلام المبعوث الخاص "الأخضر الإبراهيمي" عن اعتقاده بـ"المساهمة الكبيرة لبشار في بناء سوريا الجديدة"، بحاجة إلى عالم في البلاغة اللغوية ليفك طلاسمه، ويحذرنا من فحواه التي تحمل شرا مستطيرا.
وإذا كانت 19 من الفصائل ذات الثقل قد قالت كلمتها في "جنيف 2" وأعلنت رفضها له "كلاميا"، فإن الرد الفعلي هو في تشكيل جيش موحد ومؤسس على عقيدة سليمة وتراتبية واضحة، ومطعم بالمحترفين والخبراء، وقبل كل ذلك خاضع لوحدة سيطرة وتحكم صارمة.
لقد آن لأهل الميدان أن يأخذوا زمام "المبادءة"، ويستبقوا "جنيف 2" بخطوة فعلية، تقلب الطاولة على من يعدون للشعب السوري "ثوبا" على مقاييسهم هم، وليس على مقاسه ولا وفق رغباته، التي قدم في سبيلها عظيم تضحياته.
وأخيرا فإن تشكيل جيش قوي متماسك، لاينبغي أن يكون مرتبطا بانعقاد "جنيف 2" من عدمه، فمثل هذا الجيش مطلوب لغايات أكبر وأسمى، ولكن "الطبخة" التي يستعد لإعدادها لاعبون دوليون كبار، لايمكن مواجهتها بفصائل عسكرية متفرقة مهما كبر حجمها، فضلا عن أن تقاومها معارضة سياسية حتى ولوبلغت ذروة التناغم والتوحد.. فما تزرعه على الأرض هو ما تحصده على طاولة المفاوضات، والعكس ليس صحيحا أبدا.
إيثار عبدالحق - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية