سلطت صحيفة أمريكية، الضوء على ميناء أوكراني، كان له دور كبير في تمرير شحنات السلاح الروسي لنظام دمشق، خلال أكثر من عامين ونصف من حربه على الشعب السوري.
ونشرت "واشنطن بوست" تقريرا عن ميناء " أوكتيابرسك" الأوكراني الذي استخدم قنطرة لتمرير إمدادات السلاح الروسي لنظام بشار، الذي كان ومايزال يستخدم هذا السلاح في قتل المدنيين وتدمير الأحياء الآهلة بالسكان.
وأوضح التقرير الموسع الذي أطلعت عليه "زمان الوصل" أن الميناء الذي شحنت منه الصواريخ السوفياتية إلى كوبا، إبان الحرب الباردة، والتي تسبب حينها بأزمة حادة بين موسكو وواشنطن كادت تشعل الحرب بينهما.. هو نفس الميناء الذي انطلقت منه سفن تنقل السلاح الروسي إلى نظام دمشق.
اختفت عن الشاشات!
ويقول التقرير: في الخامس من كانون الثاني/يناير الماضي، غادرت سفينة "أوشن فورتشن" ميناء "أوكتيابرسك" الأوكراني على البحر الأسود، وعلى متنها بضائع غير معروفة وأخرى مخفية، وكانت السفينة تبحر باتجاه الجنوب، فتسللت عبر مضيق البوسفور، واتجهت نحو شرق البحر المتوسط، ثم اختفت.
وأضاف: اختفت السفينة عن شاشات الرادارات البحرية في التاسع من كانون الثاني/يناير، أي بعد 4 أيام من إبحارها، حين كانت قريبة من تركيا، متجهة نحو المياه المفتوحة، وقد تكرر هذا الأمر مع سفن شحن أخرى، خرجت من نفس الميناء على البحر الأسود، والذي يعد نقطة معروفة لانطلاق شحنات الأسلحة.
ومع تصاعد النزاع في سوريا، ووضع الحدود السورية البحرية والبرية تحت المجهر الغربي لمعرفة مصادر سلاح النظام، بدأ هذا السلوك يلفت انتباه محققين يتتبعون تدفق الأسلحة والإمدادات.
وأضاف التقرير: عرفت الحكومات الغربية منذ وقت طويل أن روسيا تقدم دعما قويا لبشار الأسد ونظامه، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة المستخدمة لوقف تقدم الثوار في المعارك، لكنّ مسؤولي الاستخبارات الغربية وخبراء مستقلين يقولون إن جزءا كبيرا من المساعدات يصل سوريا محملا على متن سفن تجارية؛ ما دفع بالمحللين إلى مراقبة هذا الميناء العسكري الذي كان مهما في حقبة الحرب الباردة، وله تاريخ طويل في تسليح حلفاء الروس وبعض الأنظمة الأكثر قمعا في العالم.
وقد كشفت تقارير حديثة ارتفاع حجم الشحنات من ميناء "أوكتيابرسك" الأوكراني إلى موانئ سوريا الرئيسية على البحر المتوسط، وربط تقرير "C4ADS"، وهي مجموعة غير ربحية مقرها واشنطن، بعض السفن الكبيرة الخارجة من الميناء الأوكراني بشبكة واسعة من رجال أعمال وشركات وطيدة العلاقة بكبار المسؤولين الحكوميين في كل من روسيا وأوكرانيا.
وتعد ظاهرة الاختفاء عن شاشات الرادارات حديثة نسبيا، وتزامنت مع انتقادات دولية لروسيا لمساعدة حليفها بشار.
المقصد المفضل
وبحسب "واشنطن بوست"، فقد اعترفت مجموعة "كالبي" ومقرها أوكرانيا، وهي التي تملك سفينة "أوشن فورتشن"، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، أن إحدى سفنها، واسمها "أوشن فوياج"، سافرت إلى سوريا في العام الماضي لتفريغ شحنات ذات غرض مزدوج، مسموح بها قانونيا بموجب قواعد المنظمة البحرية الدولية، لكن المجموعة نفت أن تكون أي سفينة من سفنها قد سافرت إلى المرافئ السورية منذ ذلك الحين.
وبحسب أنظمة المنظمة البحرية الدولية، فإن المتفجرات والمواد القابلة للاشتعال تصنف ضمن "البضائع الخطرة"، لكن الأسلحة لا تدخل في هذا الباب.
أما بخصوص اختفاء سفينتها عن الرادارات، فقالت "كالبي" إن تعطيل الإشارة الإلكترونية في أي سفينة يتناقض مع مبادئ سلامة الملاحة، وإن ذلك ينتهك القوانين المرعية في شركتنا.
وتلعب مجموعة "كالبي" الأوكرانية الدور الأكبر في شحن أسلحة موسكو إلى نظام بشار، نظرا لقرب مؤسسي الشركة وملاكها من الكرملين ومن بوتين شخصيا، وتمتلك هذه المجموعة 7 سفن شحن.
وبالاعتماد على سجلات "C4ADS" فإن ميناء "أوكتيابرسك" كان المقصد الأوفر حظا للسفن السورية أكثر من أي ميناء آخر في أوكرانيا أو روسيا، وقد وجد المحللون أن عدة سفن شحن سورية، قامت بأكثر من 12 رحلة ذهابا وإيابا بين "أوكتيابرسك" وأحد الموانئ الرئيسة الثلاثة في سوريا، وذلك في الفترة بين يناير/كانون الثاني 2012 ومنتصف عام 2013.
كما نفذت سفن شحن تابعة لـ"شبكة أوديسا" ما لايقل عن 10 رحلات إلى موانئ سوريا، خلال العام الفائت.
أوكراني بالاسم فقط
وليس لميناء "أوكتيابرسك" الأوكراني صيت كبير بين الجمهور، لأنه كان مرفأ سريا، وجزءا أساسيا في سلسلة توريد السلاح السوفياتي السابق إلى حلفائه في جميع أنحاء العالم، ومن هنا كان الميناء واقعا تحت حراسة مشددة، ومنه أرسلت موسكو صواريخ يمكنها حمل رؤوس نووية إلى هافانا في 1962، حين وصلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إلى شفير الحرب النووية في ما عرف باسم "أزمة الصواريخ الكوبية".
ويضع محللو "C4ADS" ميناء أوكتيابرسك في مركز مرموق على خارطة تجارة السلاح الدولية، وهو نقطة انطلاق شحنات أسلحة من روسيا إلى أكثر من 12 بلدا يُعرف عنها قمعها الوحشي للمعارضة أو الأقليات العرقية أو الدينية فيها، وتشمل السودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبورما وفنزويلا والصين وأنغولا وإيران، فضلا عن سوريا بالطبع.
وتشير "واشنطن بوست" إلى أن حكومات غربية وشرق أوسطية أكدت وصول شحنات ضخمة من الأسلحة إلى نظام دمشق، ما وفر لجيش النظام "تقدما" خلال الربيع الماضي، بعد أشهر من التقهقر بوجه الثوار، فاستعاد مدنا رئيسة بمساعدة مقاتلي مليشيا حزب الله، ولكن العامل الأكثر تأثيرا في "تقدم" قوات بشار كان تدفق أسلحة ومعدات روسية متطورة وعالية النوعية.
وشملت المواد التي وصلت في الشتاء والربيع طائرات هليكوبتر محدثة ودبابات، لتحل محل التي دمرت أو تعطلت خلال عامين من القتال، وفقًا لمسؤولين أمريكيين وشرق أوسطيين يعرفون تفاصيل الشحنات.
وفي الوقت نفسه تقريبا، وردت موسكو إلى نظام بشار مخزونات كبيرة من قاذفات الصواريخ وقذائف الهاون من عيار 240 ملم، التي تُفرط قوات النظام في استخدامها لدك الأحياء التي يسيطر عليها الثوار.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤولين تأكيدهم أن نظام دمشق اشترى أيضا معدات متطورة للرؤية الليلية ورادارات ميدانية، تمكن قوات بشار من تعقب ومواجهة قذائف الهاون المتساقطة عليهم.
ورغم كونه ميناء أوكرانياً، فإن "أوكتيابرسك" يدار ويسطير عليه من قبل الروس، فهو يدار من قبل ضابط بحرية روسي سابق، وتشرف عليه شركة مملوكة لرجل أعمال متنفذ وشديد القرب من الكرملين.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية