المعسكر الآخر

أحاول بقدر ما أستطيع متابعة التلفزيون الرسمي الخاضع لنظام الأسد؛ لأرى وجهة النظر التي يبرر من خلالها حربه على الشعب السوري.. طبعا المتابعة بحد ذاتها مستحيلة وتشعرك أنك تحرق نفسك في كل لحظة، فسوريا من خلال شاشة تلفاز الأسد لا أزمة إنسانية عميقة فيها ولا نازحين أو لاجئين بالملايين، فقط هناك أخبار متعاقبة عن "أن الجيش السوري قتل مجموعة من الإرهابيين"، والحياة مستمرة بدون أي مشاكل.

كمية وحجم الكذب على الشاشة تفوق التصور، وفي النهاية تدرك أن لا فائدة ترجى من تحصيل أي موقف أو وجهة نظر تحاكي العقل أو المنطق، إنها سلسلة من الأكاذيب المستمرة التي تستعصي على التصديق حتى لقائلها.
لاحقا، صرت أتابع صفحات المؤيديين على "فيسبوك"، وقلت في نفسي إن العدد الكبير من القتلى الذين سقطوا من الشبيحة ومؤيدي الأسد لابد أن يفتح نقاشا منطقيا حول الجدوى والمستقبل، وكيف ستكون انعكاسات ذلك على سوريا وعلى مستقبل الطائفة العلوية ذاتها، التي تنحدر منها الغالبية العظمى من المؤيديين والشبيحة.

مجددا، وجدت أن من المستحيل العثور إلا على عبارات التمجيد الممجوجة للأسد، مع الكثير من الألفاظ النابية والشتائم للثورة والمعارضة، والشماتة بشهداء الثورة والتشنيع عليهم.

إذا افترضنا، أن الحل السياسي ممكن، وهو برأيي الآن كذبة كبيرة أخرى من قبل المجتمع الدولي، فإننا نفترض وجود معسكرين علينا الإصلاح بينهما والاتفاق على تقاسم السلطة، لكن، وبما أن الفريقين سيعيشان على الأرض ذاتها، فيجب أن يكون هناك حد أدنى من القيم المشتركة، وهذه القيم هي ما لا يمكن أن نجده أبدا لدى مؤيدي الأسد وشبيحته. وأعتقد أن هذا من أهم أسباب طول عمر الأزمة، ومن الأسباب التي ترشح تطاولها أكثر، لاسيما إذا بقي الاسد ومعسكره مجرد آلة للقتل والكذب مع غياب المنطق في التحليل والنظر في المستقبل.

ربما كان فاروق الشرع الوحيد في جوقة الشبيحة، الذي أجرى مقابلة فيها شيء من المنطق، لكنه استبعد الآن من القيادة القطرية، ليحل مكانه من هو أكثر تحريضا وطائفية، وهو ما يجعلنا نتساءل، أين سينتهي مستقبل سوريا، وكيف سيكون مستقبل كل هؤلاء القتلة؟

(107)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي