أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مسلسل فَتِّتْ لعبِت.. والضحك على ذقن المشاهد

ينتمي مسلسل "فتت لعبت" الذي كتبه طلال مارديني وأخرجه مصطفى برقاوي إلى سلسلة الأعمال السورية الهابطة التي تريد أن تأخذ المشاهد على قد عقله وتجعله يجلس أمام التلفاز أوقاتاً طويلة دون أن تقدم له شيئاً يستحق الذكر، متذرعة بالقالب الكوميدي الذي يتجلى بإجراء حركات مجانية تقول للمشاهد: اضحك كرمى لخاطري، أبوس يدك اضحك!

يصنف هذا النوع من الكوميديا تحت اسم "الفارْسْ"، وهو يهدف إلى الإضحاك عن طريق مؤثرات وحوارات وحركات مبالغ فيها (over)، وبدون أي تعمق نفسي أو زبدة تتمخض عن مشاهدة العمل..

فمثلاً.. يوجد في إحدى الحلقات مشهد لطلاب إحدى الكليات الجامعية السورية وهم يرقصون بخلاعة، جميعهم، من دون استثناء!!.. وثمة مشهد لشاب يخاطب تمثال عرض الملابس (المانيكان): ممكن تسلفني خمسمئة ليرة لبكرة؟!

بدأ هذا النوع من كوميديا الفارْسْ التهريجية بالظهور ضمن الأعمال التلفزيونية السورية في أواسط التسعينيات مع المخرج أسعد عيد الذي أراد أن يستغل النجاحات التي حققها بعض الممثلين كأندريه سكاف وحسام عيد ونجاح حفيظ (فطوم حيص بيص في أعمال نهاد قلعي)، فقدم عملاً بعنوان "أهلاً حماتي" أتبعه بجزء ثانٍ لا يقل تهريجاً عن الأول أسماه "عش المجانين" الذي رفض النجم أندريه سكاف المشاركة فيه بعدما (تبهدل)

وأصبح يخجل من المرور في شوارع دمشق بسبب حنق المشاهدين الذين يستغبيهم المسلسل عليه!

ويبدو أن عدوى الأجزاء قد أصابت جميع المتدخلين على الفن بدليل أن المخرج ناجي طعمي قدم ثلاثة أجزاء مغرقة في التهريج من مسلسل "صبايا" الذي اضطر على إثره محمد خير جراح لأن يختبىء خجلاً من الجمهور مثلما فعل أندريه سكاف سابقاً.

يمكن اعتبار "فتت لعبت" جزءاً ثانياً من مسلسل "أيام الدراسة" بسبب اعتماد الممثلين أنفسهم للبطولة (طلال مارديني، أيمن عبد السلام، خالد حيدر، نادين قدور) إضافة إلى لما ابراهيم التي أخذت على عاتقها، في بداية الثورة، تقييم وطنية الفنانين السوريين، فمن كان مؤيداً للأسد فهو سوري!!.. ومن كان معارضاً فهو ليس كذلك!.. وبناء عليه اقترحت سحب الجنسية السورية من الفنانة المتميزة أصالة نصري، لأنها تعارض نهج القائد الأسد حارق البلد!

في مقابلة صحفية سابقة معه، يتخذ المخرج مصطفى برقاوي وضعية الشخص الفهيم، فيقول (هو: عالم شبابي بامتياز).. و(كل شخصية في المسلسل تدخل لعبة الحياة من خلال الكاراكتر الذي يميزها)! ثم يقرر: (نحن لا نعيد إنتاج الواقع، بل نحن أمام عمل انطباعي!!)..

يجدر بنا، حقيقة، أن نصفق لهذا المخرج الفيلسوف، ليس لأنه يفهم في (الانطباعية) وحسب، بل لأنه، كذلك، جاء ليخوض- درامياً- في قضايا الشباب السوري، متحدثاً عن الحب، والملل، ولعب الشدة الذي يجعلهم ينخرطون في قضايا الحياة مرغمين على مبدأ (فتت لعبت).. وعن طموحهم للقاء ممثل مشهور في حديقة كلية الآداب، أو تصوير فيديو كليب، أو قبول أحدهم في برنامج مسابقات (سوبر ستار)..

و(نصفق له)، في الوقت نفسه، و(نصفِّر له)، لأنه يتغاضى عن طرح المشاكل الحقيقية للشاب السوري، وهي: تجنب الأقوال والأفعال التي تؤدي به إلى مراجعة أحد فروع الأمن المنتشرة في سوريا مثل خلايا السرطان.. عجزُه عن تقديم واسطة أو رشوة لبعض دكاترة الجامعة (وإذا كان طالبة ستعجز عن تقديم شيء آخر، أو تقدمه مرغمة!)، وبحثه المستميت عن وظيفة وهو يرى الوظائف محجوزة لجماعة السلطة! وإذا توظف فإنه يقبض شهرياً ما يعادل 100 دولار!.. وقوفُه عاجزاً محروقَ النَّفَس والدمعة أمام منزل أهله الذي تهدم بالقصف!.. بكاؤه اليومي على أهله وأصدقائه الذين قتلتهم عصابة حافظ الأسد ووريثه!! هروبُه من البيت خوفاً من أن تطاله فتاوى الشيخ أحمد حسون بضرورة الجهاد ضد أبناء بلده الذين خرجوا ليطالبوا بالحرية والكرامة.. و..

هل نكمل التعداد؟..

أم نكتفي بالقول لصناع فتت لعبت: تضربون أنتم وهذا الفن السخيف!؟

خطيب بدلة - زمان الوصل - زاوية: دراما الثورة السورية
(485)    هل أعجبتك المقالة (433)

ميس احمد

2013-07-21

كنا ننتظر المسلسلات السورية التي تردنا من الغربة إلى أحضان الوطن ولكن للأسف تفاجأنا بكم المسلسلات الهابطة واقحام الكثير من الممثلين الشبيحة في أعمال ليست لهم.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي