ضخّم إعلام الأسد من معركة القصير بشكل مبالغ به كثيراً، وساعده في ذلك إعلام حزب الله موقنين بأن انتصارهم العسكري في المنطقة ربما يغير بعض المعادلات السياسية والعسكرية على الأرض وعلى طاولة المفاوضات في جنيف.
ودخول ميليشيات حزب الله على الخط عبر ارتزاقها لحساب نظام الأسد ضخّم من حجم المعركة لدى المعارضة بكل تأكيد فهي شكل من أشكال الغزو والاحتلال الإيراني للأراضي السورية وهو ما دفع المعارضة لحشد قواها سياسياً وإعلامياً وعسكرياً أيضاً، وفي النهاية مع سقوط القصير اعتبرها نظام الأسد نصراً محققاً ونهاية "للإرهاب" ، لكن الأخطر من كل ذلك كان الدور السلبي لحزب الله في المعادلة والذي أقول إنه سيكتب نهايته على المدى البعيد.
فقد كشف عن أوجه متعدده لهذه الميليشيا، أولا بنيته الطائفية والمذهبية التي تشكل محور تصريحاته وتحركاته أكثر من كونه حزباً سياسياً لبنانياً يضع مصالح لبنان أولاً، وإنما تحركه عصبية طائفية ومذهبية عنصرية محورها الحقد الذي تزرعه في أذهان أتباعه، وما الحجة التي سوقتها ميليشيات حزب الله بحجة حماية المزارات والمقامات الشيعية إلا ترداد سخيف لحجة الحروب الصليبية نفسها التي أتت من أجل حماية الأماكن المقدسة ، وهو بذلك يخفي عملياً وظيفته السياسية في الدفاع عن نظام مجرم كنظام الأسد.
ثانياً كشف حزب الله في تدخله في سوريا كذب غلالة المقاومة التي كان يستغلها باستمرار لحماية سلاحه، وأدرك الآن اللبنانيون قبل السوريين أن لا أمل بالاستقرار في لبنان دون التخلص من هذه الميليشيات وترحيلها خارج لبنان، وهو ما أدركه الآن الكثير من الدول العربية والإقليمية وربما دعتها للتفكير في المدى البعيد من أجل التخلص من ميليشيات حزب الله ربما عبر التخلص من النظام الإيراني وبالتالي سوف تنتهي تلقائياً ذراعه الطويلة في لبنان.
ثالثاً الأخطر من ذلك كله هو تأجيج الحرب الإقليمية والمذهبية، لقد أسفر التحريض الشيعي المستمر من قبل حزب الله على تأجيج الحقد الطائفي وخاصة رفع علم الحسين فوق مسجد عمر بن الخطاب في القصير، مما حرض الطرف المقابل لإطلاق عنانه في تحريض طائفي مقابل ربما لا ينتهي الأمر قريباً مع دخول حرب طائفية تدمر سوريا ولبنان، وبذلك تحولت الثورة السورية من أجل الديمقراطية إلى حرب مذهبية نجح الأسد فيها في رهن بقائه باستقرار الشرق الأوسط بالفوضى الإقليمية.
لكن على الرغم من كل ذلك فيبدو أن تدخل حزب الله في سوريا بهذه الطريقة السافرة ستخلق إجماعاً إقليمياً ودولياً على ضرورة التخلص منه على المدى الطويل سواء عبر الإجراءات السياسية أو العسكرية أو الاستخباراتية، المهم أن لا يبقى ميليشيات طائفية عسكرية يغذيها الحقد دوماً، كي تخلق فوضى اللااستقرار بشكل دائم في كل منطقة المشرق العربي.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية