جماعة ميشيل كيلو..

المعارضة السورية، من دون أدنى شك، هي الوجه الآخر للنظام الديكتاتوري السوري الذي أسسه بطلُ التشرينين، والنيسانين، والآذارين، وحزيران الكئيب، وأيلول الأسود، رمزُ الأمة العربية، القائد التاريخي، الفذ، الفظ، الملهم، الخالد، الخارج.. حافظ الأسد!
لقد كان النظام الديكتاتوري الأسدي، القومي، المناضل، المكافح، المجاهد، الممانع، الصامد، المتصدي، ذو السنوات الأربعين، والمغارات الأربعين، والحرامية الأربعة آلاف وأربعمية وأربعة وأربعين!!!.. وما يزال، يكره الشعب، ويحتقر الشعب، ويزدري الشعب، ويتعالى على الشعب، ويمنع الحياة السياسية عن الشعب، وكان.. يفتت الأحزاب التي يمكن أن يتنفس من خلالها الشعب، وكان.. يطلب من الأحزاب التي لم تتفتت (الانضمام) إلى مدجنة الجبهة الوطنية التقدمية التي تزعم، زوراً وكذباً، أنها تمثل الشعب، ومن (ينضم) إليها يُمنح مكافآت مجزية، ومن يرفض أن (ينضم) إلى الجبهة فإنه يفتح على نفسه أبواب جهنم، والنظام لن يتوانى في أن يمسح به وبقادته وبأعضائه الأرض..
هذا النظام الأشوس لا يرضى، ولا يقبل، ولا يوافق على أن يُشار، أو يقال، أو يُذكر، أو يُنَوَّه إلى هذه الشريحة من (الشعب) التي تشكل قوام هذا الحزب أو ذاك، باسمها الصريح، فتراه يعمد إلى إطلاق اسم الشخص الذي يقود الحزب على الحزب كله!!.. فيقال: جماعة خالد بكداش، وجماعة يوسف فيصل، وجماعة صفوان قدسي، وجماعة فايز اسماعيل، وجماعة رياض الترك.. وما ذلك إلا ليوحي، ويمعن في الإيحاء، بأن الأشخاص المنتسبين إلى الحزب لا يعدون كونهم، بيادق، أنفاراً، نكراتٍ، أصفاراً على الشمال!
المعارضة المسلحة التي تشكلت من أجل حماية الشعب من بطش النظام الديكتاتوري لم تشذ، هي الأخرى، عن هذه القاعدة، وأنا متأكد من أن العبارات التي من قبيل (جماعة فلان)، أو (جماعة أبو فلان)، يجري تداولها ملايين المرات خلال اليوم!
تقدمت مجموعة من الناشطين السياسيين إلى لجنة العضوية في "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" بكتاب يطلبون فيه قبول عضوية عدد من الأشخاص الديمقراطيين، (والتسمية هنا مجازية، والمفهوم ملتبس) يتراوح عددهم بين 25 و30، شارك في تشكيلها كل من الأساتذة ميشيل كيلو وأحمد عاصي الجربا وموفق نيربية ووليد البني وبسام يوسف.
لم يَرُقْ هذا الطلب لبعض الأشخاص الذين يمسكون بزمام الائتلاف، الذين يعتقدون، جازمين، أن الائتلاف، بوضعه الحالي جيد، وحباب، وابن خلق وعالم!.. فسارعوا إلى الإقلال من شأن السادة والسيدات المقترحة أسماؤهم من أجل توسعة الائتلاف إذ أطلقوا على القائمة اسم (قائمة ميشيل كيلو)!..
خلال الأيام الأولى لاجتماع اسطنبول، شاركتُ أنا (خدام الأوادم) والأساتذة الذين اقترحوا الأسماء بالصيغة المبدئية، إضافة إلى مجموعة من الشخصيات الديمقراطية (والتسمية تطلق علينا مجازاً، كما أسلفت) منهم الأساتذة برهان غليون ورياض سيف وسهير الأتاسي في مناقشة تعديل الأسماء الواردة في القائمة الأولى..
وسرعان ما أطلقوا علينا نحن (تخيلوا!).. اسم (جماعة ميشيل كيلو)!!
ملاحظة: مطلقو التسميتين هم: (جماعة مصطفى الصباغ).. و(جماعة جورج صبرا)!
لا أرى ما يدعوني للتذكير بأن الأستاذ ميشيل كيلو مناضل وطني سوري ذو تاريخ ناصع.. وكان سبب سجنه في الـ 2006 هو أنه شارك، مع مجموعة من الشخصيات السورية واللبنانية، في التوقيع على بيان يبرىء الشعبين السوري واللبناني من التبعية لقرارات الحكومات والأنظمة.. وعلى إثر ذلك سجنته (جماعة علي مملوك)، وحينما أخلي سبيله اعترضت (جماعة ماهر الأسد) على قرار الإخلاء، وأعيد إلى السجن مراراً لهذا السبب.
ولكن أداء الأستاذ ميشيل كيلو، في الآونة الأخيرة، لم يكن- في قناعتي- على ما يرام.. والتصريحات التي أطلقها عبر قناة العربية وغيرها من القنوات لا تنتمي إلى الفعل السياسي المتزن بقدر ما تنتمي إلى ردود الأفعال الغاضبة لرجل كان يظن أن قوة معارضيه، ومقدرتهم على التمترس، أقل مما هي عليه بكثير..
أريد أن أصل الأشخاص المقترحة أسماؤهم، سواء اقترحها ميشيل أو غيره، والشخصيات الموجودة في الائتلاف من قبل، لا يقبلون، بل يرفضون بشدة، أن تطلق عليهم صفة (جماعة ميشي كيلو) أو غيره.. وميشيل كيلو نفسه- حسب معرفتي به- لا يريد ذلك، ولا يرضاه..
تجدر الإشارة، أخيراً، إلى وجود فرق جوهري بين النظام الديكتاتوري الأسدي والمعارضة السورية التي تصر على استخدام لغة إعلامه.. وهو أن النظام، حتى الآن، متماسك، وأما المعارضة.. فهي، على قولة زهير بن أبي سلمى، كما رأيتم وذقتمو.. وما هو عنها بالحديث المُرَجَّمِ!
مقالة تنشر كل سبت .. نشرت الخميس بسبب آنية الحدث
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية