أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النظام سرب خبر "العفو" قبل خطابه... هكذا لعب الأسد بدموع أمهات المعتقلين

الأمهات في الانتظار صورة من قلب دمشق أثناء الخطاب

فور سماع خطاب الأسد توزع عشرات النسوة بين بناء مقر قيادة الشرطة وبناء القصر العدلي وسط دمشق، وقفن على الأرصفة يحدوهنّ الأمل بأن ينتهي الخطاب بالإفراج عن أولادهن، خاصة أن شائعة (العفو) تمّ الترويج لها بقوة منذ نحو أسبوع قبل الخطاب.
ما عزز المشاعر الإيجابية لدى الأمهات وذوي المعتقلين عموماً، جملة لفظها الأسد في معرض خطابة (عفو عام عن المعتقلين)، فقرأن ما سمعنه بمشاعرهن دون التفاتة إلى السياق الذي أتت فيه، ولا للبعد السياسي لطريقة تعاطي النظام مع هذا الملف الإنساني الشائك.

في ذيل قائمة الاهتمامات

فالأسد ذكر المعتقلين بوصفهم ورقة للتفاوض ضمن أوراق ما أسماه (حلاً للأزمة) تضمّن ثلاث مراحل، تبدأ بوقف العمليات العسكرية ضده من قبل المعارضة المسلحة بضمانات دولية ووقف تمويلها ودعمها من الخارج، وبعد أن يتأكد الأسد-الذي يحتفظ بحق الرد- أنها توقفت..إلخ، تبدأ المرحلة الثانية بعقد مؤتمر وطني للحوار، يؤدي إلى تشكيل حكومة موسعة تضع ميثاقاً وطنياً جديداً ودستوراً وانتخابات برلمانية "إذا" كان هناك ضرورة لذلك (طبعاً لم يتطرق إلى الانتخابات الرئاسية)... الخ. 

ومن ثمّ المرحلة الثالثة -بحسب الأسد- تبدأ بحكومة جديدة بالاستناد إلى الدستور الجديد بعد الاستفتاء عليه، ثم تدعو الحكومة إلى مؤتمر للمصالحة الوطنية وتصدر الحكومة بهذا السياق عفواً عاماً عن المعتقلين...الخ.
يتضح من خلال خطة الأسد-التي لاقت رفضاً من كل أقطاب المعارضة- بأن قضية المعتقلين تأني في نهاية المرحلة الثالثة، أي في ذيل خطته، والتي على "فرض" تمّ قبولها غداً من قبل جميع أطراف الصراع فإنها تحتاج بحسب المراقبين لزمن لا يقل عن سنة لتصل لنقطة الإفراج عن المعتقلين.ف


وبحسب حقوقيين متابعين لملف المعتقلين، فإن السلطات الأمنية ومنذ منتصف العام الماضي تقريباً، أصبحت تحتفظ بكل من يتم اعتقاله، وبصرف النظر عن سبب الاعتقال، وصحة علاقة المعتقل بنشاط الثورة أم لا، ولا تحيل أي معتقل إلى المحاكم إلا بشق النفس، وبالواسطة ومن خلال بعض السماسرة الذين يبتزّون أهالي المعتقلين، وغالباً دون نتيجة تذكر، فكل الفروع الأمنية(نحو 16 فرعاً) لا تحيل يومياً إلى المحاكم سوى عدد من المعتقلين لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وبالمقابل تعتقل مقابلهم أضعافاً مضاعفة.

المعتقل درع بشري
وبغياب أرقام وإحصائيات دقيقة لعدد المعتقلين، تذهب آخر إحصائية - عرضها مركز توثيق الانتهاكات في سوريا قبل بضعة أشهر- إلى وجود نحو 31288 معتقلاً، بينما يذهب ناشط حقوقي إلى تقدير الرقم بأكثر من مئة ألف معتقل، ويوجد منهم نحو 15 ألفاً في سجن عدرا لصالح محكمة الإرهاب، والباقي يتوزعون بين الفروع الأمنية وسجن صيدنايا ومراكز الاحتجاز "السرية" تم إحداثها داخل الوحدات العسكرية –كما مطار المزه العسكري ومقر قيادة الفرقة الرابعة ومقر الحرس الجمهوري وغيرهم.

ويشير ناشط سياسي معارض إلى أنه مع تصاعد العمليات العسكرية خاصة في حلب ودمشق، والتقدم الذي أحرزته قوى المعارضة المسلحة على الأرض، أصبح قادة الأجهزة الأمنية ورغم تحصنهم في "قلاع" محروسة جيداً وسط دمشق، يعتقدون أن وجود السجناء لديهم يشكل درعاً بشرياً "نوعياً" لحمايتهم من أي هجمات محتملة، كما أنه يشكل ورقة على درجة من الأهمية للضغط والتفاوض، لتحقيق مكاسب سياسية في أي تسوية محتملة.

هذا التحليل وجد ترجمته العملية في الخطاب الأخير للأسد، ما يعكس خوف النظام عموماً وقلق رموزه وقادته على مصيرهم الشخصي خصوصاً، فخلافاً لكل الخطب السابقة التي كان يعقبها الإفراج عن بضع مئات من المعتقلين، فإن هذه المرة سبق الخطاب شائعة حركت المشاعر وانتهى دون خروج أي معتقل.

أسامة براء - دمشق - زمان الوصل
(65)    هل أعجبتك المقالة (75)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي