ذكرت صحيفة "الغارديان" أن نظام الرعاية الصحية في سوريا يقترب من الانهيار جرّاء الأزمة التي تشهدها منذ قرابة 21 شهرا، ما سيجعل الناس اليائسين يكابدون بحثا عن أدوية أو أطباء أو مستشفيات أو مراكز صحيّة.
واكدت الصحيفة إن النقص في الأدوية ليس سوى جزء واحد من أزمة الرعاية الصحية في سوريا، مع نفاد الأماكن واللوازم في المستشفيات، والصعوبات التي يواجهها العاملون في مجال الصحة للوصول إلى عملهم، واستحالة وصول الكثير من المرضى إلى المرافق الصحيّة بسبب العمليات القتالية، وارتفاع أسعار الأدوية. وأضافت أن صيدليات كثيرة، وحتى في العاصمة دمشق، تكافح من أجل مواكبة الطلب وتعاني من نقص حاد في الأدوية وخاصة أنواع محدّدة منها، واضطر بعض هذه الصيدليات إلى تحديد كمية الدواء التي تبيعها لكل زبون، نتيجة النقص.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصانع الأدوية في سوريا، والتي كانت تغطي معظم احتياجات البلاد من الدواء، تدمّر الكثير منها أو تعرّض للتخريب جرّاء القتال الدائر، وجرى استهدافها في بعض الأحيان من قبل المعارضة المسلّحة، ويقع معظمها في مدينة حلب الأكثر تضرراً، في حين تكافح مصانع أخرى لاستيراد المواد الخام بسبب العقوبات المفروضة على سوريا من قبل الدول الغربية. وقالت إن الأدوية المتوفرة ارتفعت أسعارها بصورة حادة، ما جعل الكثير من السوريين يكافحون من أجل تحمّل تكاليف أدويتهم المعتادة، وسط ارتفاع معدّلات البطالة وأسعار المواد الغذائية.
وأضافت أن القس، نورس سمور، أكد أن أكثر من 600 شخص طلبوا المساعدة لعدم قدرتهم على تحمّل تكاليف الأدوية وعلاج أمراضهم المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.
ونقلت "الغارديان" عن القس سمور قوله إن "النازحين لا يملكون أي شيء ويفتقدون إلى المال لتأمين احتياجاتهم، ونحن نساعد من نستطيع، غير أن المصابين منهم بالسرطان، على سبيل المثال، ليس لدينا ما نقدّمه لهم وغير قادرين على تحمّل تكاليف علاجهم."
وأشارت إلى أن منظمات غير حكومية تقدّم الخدمات الطبية في سوريا، مثل الهيئة الطبية الدولية، تأثرت أيضا بنقص الأدوية وتخطط الآن لطلب الأدوية من الخارج لكنها تواجه صعوبات بسبب ارتفاع التكاليف والتأخير الناجم عن الشحن والحصول على التصاريح الجمركية، فيما اشتكت وكالات أخرى من أن بعض البلدان لا يرغب في شحن الأدوية إلى سوريا خوفاً من انتهاك العقوبات المفروضة عليها.
وقالت الصحيفة إن نقص الأدوية وارتفاع أسعارها في سوريا ليسا سوى غيض من فيض، فقد دمّر القتال الدائر جزئياً أو كلياً نصف المستشفيات الحكومية في البلاد البالغ عددها 88 مستشفى، وجعل 23 واحدة منها لا تعمل على الإطلاق، في حين ألحق الضرر بـ 186 مركزاً صحياً من أصل 1919 مركزاً وجعل 106 مراكز غير قادرة على العمل، كما جعل المستشفيات العاملة تكافح في التعامل مع المرضى، وفقاً لتقرير أصدرته مؤخراً منظمة الصحة العالمية.
وأضافت، نقلا عن التقرير، أن 70% من العاملين في مجال الرعاية الصحية في دمشق وحلب يعيشون في المناطق الريفية ويواجهون صعوبة في الوصول إلى العمل بسبب انتشار القنّاصة على الطرقات والتأخير عند نقاط التفتيش أو انعدام الأمن، كما صار الأطباء يغادرون سوريا، في حين اضطر مستشفى للتوليد في دمشق الى تحديد ساعات إقامة المريضات لاستيعاب المزيد منهن، وينام طفلان مريضان في سرير واحد في جناح الأطفال بالمستشفى الوطني في مدينة الرقة.
ونسبت (الغارديان) إلى ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، إليزابيث هوف، قولها إن "مصانع الأدوية، التي كانت تغطي أكثر من 90% من احتياجات البلاد من الأدوية، لم تعد قادرة على إنتاج سوى 30%.. وإنها التقت طفلاً في التاسعة من العمر يسافر من مدينة درعا إلى دمشق مرتين في الشهر عبر الطرق الخطيرة لإجراء عمليات نقل الدم التي يحتاجها للبقاء على قيد الحياة."
واوضحت هوف أن دواء الأنسولين "لم يعد متوفراً في بعض مناطق سوريا، وكان 40 ألف طفل سوري مصابين بمرض السكري يعتمدون على حقن الأنسولين، لكنها لا تتوفر الآن في المراكز الصحية الحكومية، واضطروا نتيجة ذلك للجوء إلى الأسلوب الأكثر إيلاماً وصعوبة في استخدام الأنسولين."
وكالات
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية