من ميخائيل سعد الى الصحافي بيار ابي صعب

في يوم من ايام ١٩٨٠، جاء الى زياتي في بيتي، في ساحة ابي شاكر، بيار أبي صعب، مع مجموعة من شباب وصبايا ما كان يطلق عليها: بيروت الشرقية. كان هو الانضج بينهم، جاء وبيده مقال للنشر، وكنت وقتها سكرتير تحرير مجلة المصباح البيروتية. كان المقال وطريقة صياغته ملفتة للانتباه، وقد نشرته في المجلة، ثم لحقه آخر قبل ان يسافر بيار الي باريس للدراسة.
قرأت في سلوك بيار حينها رغبة كبيرة في الخروج من عنق زجاجة (الشرقية) الى رحابة الوطن. قرأت في سلوكه ايضا مغامرة التحدي للفكر الانعزالي وللمليشيات العسكرية التي كانت تمارس ديكتاتوريتها على المسيحيين في بيروت الشرقية، لذلك اجببت بيار وقتها، وقلت له ذلك.
الان، بيار ابي صعب، الذي كسر في احد الايام، سجنه الزجاجي في بيروت الشرقية كي ينطلق الى رحاب الحرية، الان يعود الى قوقعته المالية المغلفة بالخوف من حزب الله وسلاحه، ويطبق المثل الذي يقود (من يأكل من خبز السلطان عليه ان يضرب بسيفه)، لذلك نراه يستخدم مفردات تلبس لبوس الموضوعية في مقاله الاخير الذي يهاجم فيه مختطف الصحافي فداء عيتاني، مستغلا حادثة فردية وخطأ فرديا، يقع في كل ثورات العالم، كي يقول لنا ان الشعب السوري (المسكين) الذي يستحق شفقة الصحافي الكبير جدا وجريدته التابعة لحزب الله (الاخبار)، ولكن المشكلة في عدم معرفة من هو سجان الشعب السوري الحقيقي.
مؤسف يا بيار ان تستهتر بعقلك النقدي بهذه الطريقة الساذجة والرخيصة، مؤسف حقا، وانت الذي تربى على ثقافة الحرية، ان لا تستطيع، بعد 19 شهرا من ثورة الشعب السوري، معرفة من هو السجان الحقيقي للشعب السوري.
مؤسف يا بيار انك تحاول ان تلغي ذاكرتك التي عايشت الذل الذي فرضة البسطار العسكري الاسدي على لبنان على مدى 30 عاما، وتتحول الى مدافع عنه.
مؤسف وضع بعض المثقفين اللبنانيين الذين كنا نأمل ان يكونوا في طليعة من يدافع عن حرية الشعوب واذا بهم يصفون في خنادق الاستبداد.
حزين انا السوري، يا بيار، لأنني كنت اعتقد ان لي صديقا فكريا في بيروت، واذا به يغطي قاتلي بعقله ولسانه وقلمه.
رحم الله سمير قصير وشهداء لبنان وسوريا.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية