أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الصيدليات تفتقر حتى للدواء الإيراني "الموعود".. وصيادلة دمشق يبيعون آخر قطافهم

عدسة شاب حمصي

"كلُ شيءٍ في سوريا يتآمر على الإنسان" جملةٌ يصف بها الحاج "أبو محمد" الذي فقد منزله ومحله في حلب، حال المواطن السوري. فبعد أن صار من المتعذر على البقال العجوز "أبو محمد" إيجاد دواء لعلاج مرضه السكري، تأكد أن الظروف تبخل على المواطن السوري حتى بالدواء، الذي باتَ إما مفقوداً، أو مضاعف الثمن.. "وكأن ما يعانيه السوري من قتل وتشريد لا يكفيه".
 وعندما سألنا الحاج إن كان يجد نظيراً لدواء السكري -المفقود في حلب منذ ما يزيد عن الشهر- إيراني أو صيني التصنيع، ردَّ بابتسامةٍ ساخرة..

قطاع الأدوية.. ضحية النظام الجديدة
أعلنت "منظمة الصحة العالمية" أنَّ الأوضاع الحالية في حلب تسببت في أضرار بالغة على قطاع صناعة الأدوية، ما أدى إلى نقص حادٍ في الأدوية والمستلزمات الطبية في سوريا، وأنَّ "أضراراً جسيمة أصابت مصانع الأدوية في حلب وحمص وريف دمشق، التي تتركز فيها نحو 90% من مصانع الأدوية في البلاد"، كما أشارت المنظمة إلى أن المنشآت الصحية توقفت عن العمل في المناطق الأكثر تضرراً.
وأكدت منظمة الصحة على وجود حاجة ملحة لأدوية السل والتهاب الكبد، وارتفاع ضغط الدم والسكري والسرطان، في الأسواق الدوائية السورية".
وقال المتحدث الإعلامي باسم منظمة الصحة العالمية طارق جسارفيتش: "إنَّ المنشآت الطبية التي توقفت عن العمل، موجودة في قلب المناطق الأكثر سخونة، التي تزداد فيها أهمية التدخل الطبي والجراحي".
وإذا كان النظام السوري حتى اللحظة، يرفض الاعتراف بجسامة الأضرار التي أعلنتها منظمة الصحة العالمية في تقريرها السابق، نافياً -على لسان معاون وزير الصحة للشؤون الدوائية رجوة جبيلي- أن يكون هناك انقطاع لأي نوع من الدواء من الأسواق السورية، فإنَّ رئيس "اتحاد غرف الصناعة السورية" فارس الشهابي، يحمّل الحكومة مسؤولية تدهور القطاع الدوائي السوري، في تصريحٍ شرح فيه الشهابي لإحدى وسائل الإعلام السورية إهمال الحكومة، قائلاً: أُغلق في حلب وحدها أكثر من عشرين معملاً يغطي إنتاجها 50% من حاجة السوق المحلية، وكان بالإمكان تجنب إغلاقها، لو أن محافظة حلب والحكومة استجابوا للعديد من الكتب والنداءات التي أطلقتها غرفة صناعة حلب والفعاليات الصناعية والاقتصادية في المدينة، بتأمين حماية المدينة الصناعية ومعامل الأودية"!
وبيَّن رئيس غرفة صناعة حلب على أن تأثير إغلاق مصانع الأدوية "سيظهر سريعاً على كامل سوق الدواء المحلي في سوريا".

 وبالفعل هذا ما بدأ العديد من المواطنين السوريين يعانون منه في معظم المحافظات باستثناء العاصمة دمشق، لأن الصيدليات الدمشقية ما زالت -حسب الصيدلاني وسيم في حديثه لـ"زمان الوصل"- "تعتمد على مخزون مستودعات الأدوية، المتوقع نفاذه خلال الشهرين القادمين". ويضيف الصيدلاني: معظم الأدوية في بقية المحافظات باتت مفقودة أو نادرة، كما أن جميع الأدوية المستوردة ارتفع ثمنها.. وينفي الصيدلاني وجود أي أدوية صينية أو هندية أو إيرانية حسب الرواية الرسمية التي وصف فيها النظام علاجه لمشكلات القطاع الدوائي، حيث قالت معاون وزير الصحة السوري لشؤون الدواء في تصريح لها لوكالة "شينخوا" الصينية: في حال استمرت الأزمة وطال أمدها، ربما سيكون هناك خروج لبعض الأدوية، بسبب العقوبات التي تفرض على سوريا، من قبل الدول الغربية وأميركا، وقد نواجه أزمة دواء في المستقبل".. ولم تشر الدكتورة ولو من باب التنويه إلى ما وصفه الناشطون باستهداف النظام لمعامل الأدوية.
كما أوضحت معاون وزير الصحة أن الاحتياطي الموجود حالياً لدى معامل الأدوية يكفي لأكثر من ستة أشهر، مشيرةً إلى الحلول التي بدأت وزارة الصحة تعمل بها: تبحث الوزارة عن أسواق بديلة لتعويض النقص الحاصل، ولذلك توجهت شرقاً نحو الصين والهند وإيران لتأمين مستلزمات السوق السورية من الدواء والمواد الأولية. وعلى الرغم من أن الناشطين والأهالي في المناطق الساخنة يؤكدون على أن قذائف النظام لا تستثني معامل الأدوية من مراميها في حلب وحمص بشكل خاص، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منها، فإن الدكتور جبيلي تؤكد للوكالة الصينية أن وزارة الصحة السورية وفي مسعى منها لمساعدة معامل الأدوية قامت بتأمين القطع الأجنبي للمعامل بالسعر الرسمي أي (الدولار الواحد يساوي 59 ليرة سورية، في حين أن الدولار في السوق السوداء وصل إلى 110 ليرات، والآن يستقر ما بين 70 و57) ، مما ساهم -حسب معاون الوزير- في تثبيت الأسعار، وساعد المعامل على استيراد المواد الأولية اللازمة.

المضحك المبكي
يصف الناشط والطبيب الميداني مجد رد فعل الشارع السوري على التصريح الذي أدلت به معاون وزير الصحة السوري الدكتورة رجوة جبيلي بأنه أثار مزيجاً من السخرية والحزن لدى المواطن السوري، المعتاد -كما يقول الطبيب الميداني- على تملق وكذب المسؤولين عليه، ويضيف الناشط والطبيب: في حين أن المؤيدين قبل المعارضين باتوا يعرفون أن النظام السوري يقصف الأحياء الثائرة بشكلٍ عشوائي، متسبباً بسقوط مئات الشهداء يومياً، تغرد معاون وزير الصحة خارج سرب المنطق، وتقول: "إنَّ الحكومة السورية تهتم بالمواطن، وتراعي ظروفه المعيشية، وأن وزارة الصحة لا تساوم على جودة الدواء ونوعيته، بل إنها تقوم بتسجيل الشركات أولاً، ومن ثم تختار الدواء المطلوب بعد دراسة مواصفاته العلمية".

 ويتابع الطبيب الميداني: أما المعلومات التي كان يتوجب على المسؤولة أن تفكر قليلاً قبل إدعائها، هو ما قالته حول "عدم نية الحكومة السورية رفع سعر أي نوع من الأدوية، على الرغم من ارتفاع أسعار المواد الأولية للأدوية بسبب انخفاض سعر الليرة السورية أمام الدولار"، لأن ارتفاع أسعار الأدوية بات حديث المواطنين، بعد أن أُضيف إلى قائمة همومهم الكثيرة، خاصةً أن سعر الأدوية صار يتفاوت من صيدلية إلى أخرى، مما يدلّ على أن نقابة الصيادلة باتت تهمل أبسط واجباتها.

قيمة مضافة
نتوجه بالنصح للمرضى المحتاجين إلى أدوية لمعالجة السل والتهاب الكبد وغيرها من الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكّري، والثلاسيميا، والسرطان، وكذلك الأدوية الخاصة بمعالجة أمراض الكُلى.. إلى شراء كميات كافية من الأدوية، كون انعدامها متوقعاً في دمشق خلال الفترة القادمة.

لمى شماس - دمشق - زمان الوصل
(86)    هل أعجبتك المقالة (92)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي