أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مسلمون بين الفيلم المسيء وسوريا اتفقوا أن يختلفوا

شغلت قضية الفيلم المسيء للنبي محمد عليه الصلاة والسلام العالم بأسره في الأيام القليلة الماضية، خاصةً بعدما التف المسلمون في بقاع العالم حول بعضهم، ووحدوا صفوفهم من خلال الاحتجاج أمام السفارات الأجنبية عامة والأميركية خاصة، بعد أن أسيء لخاتم الأنبياء المرسلين بطريقة مقززة استفزت المسلمين كافة وبدرجة أقل غيرهم من الديانات.

القصة بدأت بانتهاء تصوير الفيلم الذي أنتجه وكتبه وأخرجه (سام باسيل) الأميركي الإسرائيلي والترويج لعرضه في عددٍ من الدول الأوروبية وأميركا بعد أن تمّ تحريف بعض كلمات عددٍ من الممثلين بعد الدبلجة وكتابة وتصوير الفيلم وتوجيهه بشكل واضح، بغرض الإساءة للإسلام ولشخصية النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

دول الربيع العربي والفيلم
قامت دول الربيع العربي (مصر - ليبيا – تونس – اليمن) تحديداً بتصعيد احتجاجاتها أمام السفارات الأميركية والأجنبية، وشهدت أعمال عنف واشتباكات مع رجال الأمن في عدد منها، فكان الحدث الأبرز هو قتل السفير الأميركي في ليبيا جي كريستوفر ستيفنز عند تواجده في بنغازي من قبل بعض الغاضبين من الفيلم المستفز، مما أدى لتحرك عالمي وإدانة دولية للفيلم أولاً ومن لأعمال العنف التي لم يتمكن أحد من السيطرة عليها في الأيام الماضية.

السوريون والفيلم
منذ بداية الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد في منتصف شهر آذار من السنة الماضية، لم يتفق المعارضون والمؤيدون على أيّ من العوامل التي قد تحد من الصراع الدائر والدمار الذي أحدثه النظام السوري عند مواجهته للمظاهرات السلمية المناهضة لحكمه، مما أدى لانشقاق عدد كبير من العسكريين وتسليح بعض المدنيين لتشكيل قوة تقاوم بطش قوات النظام في مواجهة شعبها.
ولكن الأمر اختلف اليوم بعد ظهور قضية الفيلم المسيء فندد المؤيدون للنظام السوري بعرض الفيلم وتحركوا للمطالبة بمعاداة أميركا من قبل الدول الإسلامية كوسيلة اتبعها البعض لتخفيف الضغط الذي يمارس على النظام، وبنفس الوقت تحرك المعارضون من خلال لافتاتهم ومظاهراتهم للتعبير عن رأيهم برفضهم الإساءة للإسلام والمسلمين وللنبي محمد.

اتفقوا على أن يختلفوا
السوريون المعارضون تحديداً ظهرت الغصة واضحة على وجوههم وفي صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك وتويتر)، فبالإضافة لمن تفرغ لنقد الفيلم، كان هناك العدد الأكبر ممن ندد بالفيلم ولكنه استنكر طريقة تعاطي الشعوب الإسلامية معه بالمقارنة مع مواقفها من الثورة السورية، التي تعرّض فيها المسلمون للكثير من الأحداث الموثّقة من إهانة للدين الإسلامي ودور العبادة، كأمر المواطنين بالكفر بالله ورسوله تحت تهديد السلاح، والعبارات التي يكتبها عدد من عناصر النظام في المناطق التي يسيطرون عليها، إضافة لقصف دور العبادة في الكثير من المدن الثائرة من قبل مدفعية النظام وطائراته، مما دفعهم لاستنكار موقف المحتجين الإسلاميين أنفسهم في بقاع الأرض.
أما المحتجون في الخارج فلم تصل الرسالة التي أطلقها الثوار السوريون لمعظمهم فكثفوا احتجاجاتهم المناهضة للفيلم مع تجاهل ما يحدث في سوريا من دمار وإهانات.

هل يتفقون؟
في ظل هذه الزوبعة ظهرت بعض الأصوات المعتدلة لتطالب بعدم تخوين طرف الآخر، وضرورة اتفاق الجميع على التنديد بكلّ ما من شأنه أن يمسّ دينهم ورموزهم بطريقة حضارية، ليثبتوا للعالم الأخلاق الحقيقية للإسلام والمسلمين، وليتكاتفوا في سبيل محاسبة كلّ من يهين الدين الإسلامي سواء في سوريا أو خارجها.
ولعل المرتكزات التي نادوا بها تأتي من تأكيدهم بأنّ السكوت عن الفيلم غير مبرر، وكذلك الأمر بالنسبة لما يجري في سوريا، فالقضية واحدة ولا يمكن أن يتم التعامل مع أيّ من الحالتين بطريقة منفصلة عن الأخرى.
فهل سنشهد تنديداً بالقضيتين في نفس المظاهرات التي يبدو بأنها لن تتوقف في الأيام القادمة؟ وهل سيأخذ السوريون في المهجر دورهم بالمساعدة في تبني الحالتين من قبل المحتجين أنفسهم؟ أم إنّ الازدواجية ستبقى هي الطاغية على ما جرى وما سيجري؟ لا يمكننا سوى الانتظار.

جورج خوري - زمان الوصل
(119)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي