
قد يستغرب الكثيرون ويتساءلون وهل لهؤلاء أوقات فراغ؟؟.... أجيبهم وأنا القادم من خطوط جبهاتهم في حمص: نعم لهم أوقات فراغ لا تشبهنا ولا تشبه تلك الساعات التي نقضيها في تصفح "فيس بوك" أو "تويتر"، أو حتى تلك التي نقضيها في الحدائق مع أطفالنا، أو شرب قهوة الصباح وتصفحنا الصحف، فعظم مقاتلي الجيش الحر في كل الجبهات حمص وإدلب وحلب ودمشق، طبعاً لهم أوقات فراغ لا تشمل تنظيف السلاح أو وضع خطط الهجوم على الحواجز أو مستودعات أسلحة النظام، ولا حتى تأمين الذخائر لندرتها وأحياناً شحها.
مهمات إنسانية
تبدأ أوقات فراغ الجيش الحر بتأمين الطعام والخبز والثياب للمدنيين ممن هجروا قسراً من مناطقهم التي يقصفها الجيش السوري النظامي ليل نهار، وتنتهي ربما بتأمين الثياب والمأوى لمجموعاتهم الصغيرة المتفرقة هنا وهناك .
ربما أصبح كأس الشاي أو نوم نصف ساعة فقط أو حتى رغيف خبز طازج يبدو حلماً بالنسبة لمقاتلي الجبهات والمناطق الساخنة، إلا أنك تشاهد ورق اللعب أحياناً إلى جانب القرآن الكريم والذخائر وبقايا كأس مته أو شاي، فلحظات يقضونها مع الله ولحظات مع كأس شاي، وفي أوقات الهدوء والتي لا تستمر لأكثر من ربع ساعة أو نصف ساعة أحياناً يستغلونها بالاستحمام أو غسيل ثيابهم .

في ريف حمص وفي استراحات المعارك شاهدتهم يلعبون الكرة داخل أسوار المزارع يسبحون داخل أحواض السباحة أو "حواصل المياه" يستحمون ثم ينامون في ظل شجرة على بطون خاوية.
من النادر أن لا تشاهد نسخة من القرآن مع مقاتلي الجهات، فالموت والشهادة من أولوياتهم، وليس شغلهم الشاغل أبداً. ألفة بينهم وبين الموت فعندما يستشهد أحد المقاتلين لا يحمله إلا شخص واحد لأقرب مسجد في المنطقة يُصلى عليه ثم يحمله وحيداً ليدفنه ويعود، مشهد لا تستطيع الكلمات نقله أو ترجمته... يبكيه ويعود لخط الجهة ربما ليدفنه آخر .
مقاتلو الداخل وعلى قلتهم مشغولون دائماً بتأمين الذخائر والطعام وكل ما هو ضروري لصمود خطوط الدفاع الأولى مما تيسر وهو غالباً قليل، كما يستطيع مقاتلو الداخل الحركة والتنقل وربما أخذ قسط أوفر من النوم أو الاستحمام لوجودهم ضمن منازل من نزح من المنطقة غالباً.
إلى الجنة
إلى الجنة عبارة ابتكرها الجيش الحر لينقشها على سياراته وباصاته التي تنقل المجموعات من وإلى الخطوط الأمامية، والتي هي على تماس مباشر مع الجيش السوري وشبيحته. من النادر أن لا تجد نسخة من القرآن في ملابس الشهداء من المقاتلين، من النادر أن لا تحبهم عندما تراهم عائدين من معركة وأصوات التكبير تملأ الطريق، بعضهم يبتسم لنكته أطلقها آخر، والثاني متكئ على قاذف الـ "آ ربي جي" يحتضنه كطفل، والرابع تلفه أشرطة الرصاص من على خصره ورقبته.. فهم كما يقولون والله أعلم إلى الجنة .
رغم القصف المستمر كنت أراهم على مداخل البيوت يشربون الشاي ويتحدثون عن العمليات التي قاموا بها خلال النهار، أذكر مقاتلاً كان يحمل ألبوم صور من بيت دخلوه بمنطقة "وادي السايح" بحمص أثناء اشتباكات بينهم وبين حاجز مشهور "حاجز مؤسسة المياه" لم ينم المقاتل إلا والألبوم في البيت رغم خطورة الدخول .
أخلاق حاول ويحاول النظام السوري من خلال إعلامه تشويهها وطمس معالمها بوصفهم بالعصابات المسلحة والمجموعات الإرهابية السلفية، يظهرهم كوحوش لا يستمتعون إلا بالقتل وروائح الدماء.
محمد الحمصي - حمص - زمان الوصل

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية