لا شك أن العالم كله انتظر نتائج الانتخابات المصرية بفارغ الصبر، ربما كي يعرف نتائج الثورة، أو ليرى الديمقراطية لأول مرة في مصر، أو بدافع الفضول، وبدوافع كثيرة ليس هذا مجال ذكرها. ولكن شعوباً معينة حبست أنفاسها بانتظار تلك النتائج، وارتجفت قلوبها خوفاً على الثورة المصرية، ورغبة في فوز محمد مرسي. لست هنا في وارد الحديث عن تلك الشعوب التي تتوق إلى الحرية ولكني خاصة أريد أن أركز على الشعب السوري الذي يقاتل أقبح نظام استبدادي عرفه التاريخ.
انتظر السوريون نتائج الانتخابات المصرية كالمصريين تماماً، وقد تعلقت آمالهم بنجاح مرسي، وذلك بسبب موقفه الداعم للثورة السورية. خاصة وأنه صرح سابقاً بموقفه هذا،وكان مما قاله "بالنسبة للسوريين فهم يحتاجون لدعم سياسي ومعنوي وهذا ما نفعله كل يوم. نحن مع الشعب السوري بكل قوة وضد النظام بكل قوة، ولو استطعنا أن نذهب إلى سورية لنقف مع الشعب السوري لفعلنا. حتى القائم بالأعمال الإيراني يحاول مقابلتي كل يوم، رفضت مقابلته حتى يتغير موقف إيران من الثورة السورية. نحن مع الشعب السوري ندعمه بكل ما نستطيع بكل مطالبه وأؤكد لكم أن نظام بشار سيسقط".
الشعب السوري عانى كثيراً من المجلس العسكري الحاكم، المسؤول عن تمرير شحنات الأسلحة الروسية والإيرانية التي تقتل أطفال سورية. وقد ناشد السوريون مراراً المشير طنطاوي بأن يغلق قناة السويس بوجه "سفن الموت" دونما فائدة، فقد ادعى المجلس أنه لا يستطيع منع المرور من القناة بسبب الاتفاقيات الدولية، فهل تجيز تلك الاتفاقيات قتل أطفال سورية وتدمير بنيتها التحتية؟. ولهذا فقد أطلق السوريون وأنا منهم، اسم "المجلس العسكري الصهيوني" على مجلس مصر العسكري. كما تخوف الشعب السوري من نجاح شفيق على اعتبار أنه امتداد لحسني مبارك، ولو نجح الرجل لتآمر جهاراً نهاراً على ثورة سورية وشعبها.
لهذه الأسباب، وغيرها، انتظر السوريون نتائج الانتخابات المصرية. وسجد الآلاف منهم شكراً عند إعلان النتيجة، وانهمرت دموع مئات الآلاف فرحاً بفوزه، وكبر الشباب والشيبة، وارتفعت أعلام مصر في ساحات الحرية في سورية تماماً كما ارتفعت أعلام الثورة السورية في ميدان التحرير. شعب عربي واحد في دولتين، لم أكن لأستطيع أن أتصل بأصحابي وأحبتي في الداخل ولا حتى بأهلي فكل الناس شغلت بخطاب الرئيس المصري، وتحلق الكثير من السوريين ليصفقوا له من وراء الشاشات.
اليوم، وبعد كل هذا التعاطف مع الرئيس المصري المنتخب، فإنا نطالبه بالوفاء بالتزاماته تجاه الثورة السورية، تلك الالتزامات التي يفرضها عليه دينه وضميره وعروبته وكلامه الذي نطق به آنفاً.
إنني ومن خلفي خلق كثير، نطالب الرئيس بالعمل فورا على منع السفن العسكرية الروسية والإيرانية المتوجهة إلى نظام الأسد من المرور عبر قناة السويس. وقد قال الرئيس "لو كنت أستطيع أن أذهب إلى سورية لفعلت". نحن لدينا ولله الحمد رجال أشداء يستطيعون جعل الأسد أرنباً، ولكننا نريد أن يقف بوجه السلاح الذي يصل للأسد فيستخدمه في قتل الاطفال والنساء.
كما نريد من الرئيس الجديد، أن يدافع عن الشعب السوري في المحافل الإقليمية والدولية، فيتبنى المجلسَ الوطني السوري كما يتبنى مطالب الثوار على الأرض. إننا نطمع أن تدعم مصر الجيش الحر بالسلاح والمال، وأن تحسن معاملة اللاجئين السوريين على أرضها، وأن تطرد عيون النظام وجواسيسه المنتشرين في أرض الكنانة، بما يعنيه ذلك من تسليم السفارة السورية إلى المجلس الوطني. كما نرغب بأن تفتح الجامعات والمدارس المصرية أبوابها للطلبة السوريين المتواجدين على الأرض المصرية.
لقد وقف الشعب السوري مع السيد مرسي وكأنه رئيس لسورية وليس لمصر فحسب، لذلك نرجو من الرجل أن يقف مع ثورتنا، وليتذكر أننا ثرنا على بشار كما ثار هو على مبارك، وأن تلك الثورة هي من جاء به إلى الحكم.
الرئيس مرسي يحفظ كتاب الله كاملاً، فليتذكر ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه عن نصرة المظلوم. الأيام القادمة ستجلو لنا الحقيقة، وأرجو أن تكون الحقيقةَ التي نتوقعها، وإن غدا لناظره قريب.
*دكتوراه في الإعلام- فرنسا
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية