أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المغاربة مهووسون بالعيد

كبش الأضحية في البيت المغربي يتجاوز ما نص عليه الدين الإسلامي، باعتبارها تقربا من الله وأنها سنة مؤكدة، تسقط عن الفقراء والمحتاجين. فالآية مقلوبة عند المغاربة، عدد من الميسورين لا يهتمون بطقوس العيد ويفضلون قضاء عطل عيد الأضحى في المنزهات الشتوية والمدن السياحية أو القيام برحلة خارج المغرب "لا أنحر أضحية العيد، أقوم بتصديق قيمة الكبش على عائلة أو عائلتين معوزتين، ثم أسافر رفقة زوجتي إلى مراكش حتى تمر أيام العيد" يحكي مهدي، رجل الأعمال. ويفضل أمثال مهدي أن يغادروا البيت تجنبا لأسئلة الجيران "جيراني لا يفهمون رفضي لنحر أضحية العيد، لذا أتحاشاهم وأسافر بعيدا عن أسئلة قد تكون مستفزة من بعضهم" يضيف مهدي القاطن في العاصمة الاقتصادية للدار البيضاء. فنادق مدن سياحية مثل مراكش تشهد إقبالا كبيرا من قبل أمثال مهدي "إن كنت راغبا في الحجز، عليك أن تطلبه قبل أسبوعين، أما الآن فالفندق محجوز" ترد مكلفة بالحجز في أحد فنادق مدينة مراكش الموجود بحي "النخيل". هذه السيدة تؤكد أن غالبية زبناء الفندق المصنف أربعة نجوم من المغاربة "هناك نسبة قليلة من الأجانب المقيمين في المغرب ونسبة أقل من السياح" تضيف الموظفة. في المقابل ذهبت مسؤولة في المكتب الوطني للسياحة إلى القول أن أيام عيد الأضحى تشهد إقبالا ضعيفا على الفنادق مقابل المناسبات الأخرى "لا نتوفر على إحصائيات دقيقة حول ارتياد المغاربة للفنادق أيام العيد، لكن الأرقام الموسمية السابقة (تضم مناسبة العيد) تظهر ضعف الإقبال على الفنادق، وأكثر المدن إقبالا هي مركش وأكادير".


وكالات الأسفار بدورها تعمل في هذه المناسبة، فزبناؤها حجاج من نوع خاص "لنا عروض طيلة أيام عطلة العيد إلى دول كتركيا، وهناك زبناء مغاربة يزورون إسطمبول هذه الأيام" تقول مسؤولة بإحدى وكالات الأسفار، ثم تضيف "لكن عددهم قليلا مقارنة مع مناسبات أخرى".


أمام إصرار بعض العائلات الميسورة وفئة من الطبقة المتوسطة على تجنب أيام عيد الأضحى، فإن السواد الأعظم من المغاربة حريصون إلى درجة التشدد على أداء شعائر عيد الأضحى، وخاصة نحر الأضحية "هذه السنة، ونتيجة الجفاف، ثمن الأضحية مرتفع، فالكبش الصغير يصل إلى 1500 درهما (140 أورو تقريبا)، لكنني مجبر على شرائه" يحكي حسن، عامل في إحدى شركات الحراسة بالدار البيضاء. حسن اضطر إلى طلب سلف من أصدقائه لأنه لا يستطيع أن يتوجه إلى الأبناك.


هناك فئة أخرى يحكي عنها حسن، وهي فئة المواطنين الذين يعرضون أثاثهم المنزلي من فراش وزرابي بالإضافة إلى الآلات الإلكترونية من تلفزيون وثلاجة وأفرنة للبيع في سوق المواد المستعملة "هؤلاء مضطرون لشراء الأضحية، ففي الأحياء الشعبية شراء الأضحية أمر واجب، وكل شيء يبرر غاية شراء الأضحية" يوضح حسن. ويفرض الأطفال، على الخصوص، نوعية معينة من الأكباش على آبائهم، بغض النظر عن وضعيتهم المادية، فالطفل يحتفل بالكبش ذي القرنين الكبيرتين ويتناهى بذلك أمام أقرانه، ويدخل في علاقة خاصة مع الأكباش التي تقيم في مع العائلة في المنازل قبل يوم العيد.
إذا كانت عائلات تظهر إلى شراء الأضحية ولو تطلب الأمر بيع أثاث البيت، فإن فئة أخرى تلجأ إلى القروض المخصصة لهذه المناسبة من قبل البنوك. "هناك عدة عروض توجه للزبناء بهذه المناسبة "تقول مديرة وكالة بنكية، وتضيف أن أكثر الفئات إقبالا على القروض الصغيرة هم العمال وصغار الموظفين وحتى الموظفين ذوي الدخل المتوسط. وكل سنة تقدم شركات السلف الصغرى والمؤسسات البنكية باقة من القروض تتراوح ما بين ألف وألف وخمسمائة أورو، يسدد الزبون قرابة 35 أورو شهريا.


هذا التشدد في شراء الأضحية لدى المغاربة يفسره البعض بحرصهم على أداء الشعائر الدينية، وأحيانا، بطريقة مبالغة فيها، ومرد ذلك إلى وجود المغرب في منطقة بعيدة عن مراكز الدول والخلافة الإسلامية، وهناك من يعزوه إلى الفقر، فنسبة من المغاربة لا تستطيع أن تقتني اللحوم الحمراء، والعيد مناسبة لاستهلاكه وأحيانا المبالغة في أكله. فالمغرب ورغم أن عدد سكانه، حسب آخر إحصائيات، لا يصل إلى 30 مليون نسمة، في حين أعلنت وزارة الفلاحة المغربية أن العرض المرتقب من الأغنام يقدر هذه السنة بـ 4.6 مليون رأس من الذكور، و2.5 مليون رأس من الإناث، فيما يناهز الطلب المتوقع 4.9 مليون رأس، منها 4.5 مليون رأس من الأغنام و 400 ألف رأس من الماعز.


بينما في دولة كتركيا، عدد سكانها يتجاوز 70 مليون نسمة (98 في المائة منهم مسلمون)، يقدر عدد الأكباش المرتقب نحرها بمناسبة عيد الأضحى بمليوني كبش و600 ألف من الأبقار، وحسب غرفة التجارة في العاصمة أنقرة، فإن الأتراك سيصرفون من أجل اقتناء أضحية العيد5،2 مليار ليرة تركية (حوالي1،2 مليار دولار أمريكي)، ويظهر من هذه المقارنة أن المغاربة يذبحون ضعف ما تذبحه تركيا خلال العيد، رغم أن سكان تركيا أزيد من ضعف سكان المغرب.


فالعيد في المغرب مناسبة مهمة للرواج الاقتصادي في المغرب، إذ تنتعش دورة الحياة الاقتصادية، خاصة في العالم القروي. فذبح أضحية العيد له انعكاسات اقتصادية واجتماعية إيجابية، إذ من المرتقب أن يناهز رقم المعاملات لعملية حوالي سبعة ملايير درهم (كل دولار يساوي 7 دراهم ونصف).

احمد نجيم
(82)    هل أعجبتك المقالة (80)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي