"هذا هو محمد بيتماز الذي حدثتكِ عنه..." قال هذه الجملة أحد الحاضرين في مسرح الدراما بدار الأوبرا لصديقته، عندما بدأ عازف العود التركي باللعب مع فرقة بزق اسطنبول أمسية حلم اسطنبول مساء الأحد 23/1/2011.
الأمسية الحميمية بدأها العازفون الأتراك "بسيغا نهوند" ثم عزفت الفرقة قطعة "أشعل لي سيجارتي من فضلك" و"رقصة على مقام الصبا"، وقطعة لمحمد بيتماز وحيدر تاتلياي كردلي حجاز كار لونغا بتلوينات خاصة بالفرقة تيمزات بإظهار العلامات الموسيقية بشكل جلي وواضح دون الإكثار من الاستعراض والسرعة على حساب تبيان جمالية القطع.
وتخلل البرنامج "رقصة من منطقة يا غجار" على مقام الحجاز كار، ومقطوعة "ساز" على نفس المقام، وكانت الفرقة تظهر انسجاماً خلابا في القطع والتنقل بانسيابية تامة بين المقامات المنوعة ولم يكن أي عضو بالفرقة أقل مهارة من قائد الفرقة حين يأخذ فرصته في السولو.
وتنوعت مقامات الفرقة فعزفت "أزهار الربيع" لبيتماز و"المنديل الأخضر منديلي" و"مكان درس القمح" و"منزل الزفاف" وختمت بلحن على مقام السلطانيغاه التركي.
بيتماز بابتسامته المتواضعة عبّر خلال الأمسية بكلمات قليلة عن سعادته للعزف في سورية وقال: "إن الفرقة لا تشعر بغربة عن تركيا عندما تكون في دمشق".
وكذلك بهذه المناسبة عزف بيتماز إحدى المقطوعات بعود صنع في سورية تعبيرا عن مودته للجمهور والأرض التي يعزف بها.
زمان الوصل التقى عازف العود السوري والمدرس المساعد في المعهد العالي ميلاد باهي يتحدث عن انطباعه عن هذا الحفل فقال: إنّ ما لفت انتباهي في الأمسية، التوظيف الدقيق للآلات الوترية القريبة صوتياً من بعضها البعض كالعود والطنبور والقانون دون أن تطغى إحداها على الأخرى، وأعجبني ذلك التفاهم الفطري لدى الموسيقيين الأتراك الناتج عن فهم كل منهم لطبيعة آلته الموسيقة وطبيعة آلات مَنْ يعزف معهم، فتجد انسجاماً يبلغ حدوداً كماليةً أداءً واستغراقاً موسيقياً، وتجدر بنا الإشارة إلى أن أهمية برنامج الأمسية ليست كونه يحتوي مؤلفات لكبار موسيقييّ الأتراك كـ طاطيوس افندي ورفيق فرسان وحسين سعد الدين آريل فحسب بل من التنوّع المقامي الموجود في المقطوعات المنتقاة وتسلسلها للإبتعاد عن التكرار الرتيب.
كانت أمسية فعلاً كالحلم كما جاء في عنوانها (حلم اسطنبول) توَّجَهُ نخبة من العازفين المخضرمين المشهود لهم في تركيا والعكالم بإبداعهم ويترأسهم محمد بيتماز الأستاذ وعازف العود الذي أتحفنا بثلاث من مؤلفاته ايضاً ..
يذكر أن محمد بيتماز تخرج من جامعة استانبول التقنية- المعهد العالي الحكومي للموسيقى التركية التقليدية في عام 1980. وفي عام 1990، حاز على درجة الماجستير بموضوع "ميزات أداء جميل بيك الطنبوري على آلة الطنبور". تدرب بيتماز على يد معلمي آلة عود عديدين نذكر منهم جينوتشين تانريكورور.
وباعتباره أحد أكثر عازفي العود موهبة في العالم، قام بيتماز بالعديد من الأبحاث خلال وبعد فترة دراسته فيما يختص بموضوع "المقام" وبعزف عود جميل بيك الطنبوري. وبدراسته المعمقة لهذه الأداءات والتحركات والميزات التقنية لأساتذة مرموقين مثل شريف محي الدين، وتارغان أودي نيرفيس بيك، ويورغو باجانوس وجينوتشين تانريكورور، طوّر بيتماز أسلوباً تقليدياً كلاسيكياً فريداً خلاّقاً مكنّه مع أصواته الرائعة من التربع على مرتبة رفيعة بين المعلمين الكبار.
يشارك بيتماز في الحفل كل من :تورغوت أوزفلر على القانون،أحمد توز على الناي،فرقان بيلغي على الكمان،فرقان رسول أوغلو على الطنبور،محمد أكَتاي على الإيقاع،إركان كانات على الإيقاع ومراد سونغو على التشيللو.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية