افتتح الدكتور رياض عصمت وزير الثقافة مساء يوم السبت الماضي 27 /11 مهرجان دمشق الخامس عشر للفنون المسرحية في دار الأوبرا بدمشق.
المهرجان يستمر على مدى تسعة أيام يقدم خلالها 33 عرضا في ستة مسارح ثلاثة في دار الأوبرا ومسرح الحمراء والقباني ومسرح دمر
قدم حفل الافتتاح الممثلين سلاف فواخرجي وزوجها وائل رمضان سلاف اعتبرت أن المهرجان عرس لها لذلك ارتدت الأبيض هي وزوجها ... ويسجل للافتتاح بساطته وابتعاده عن البهرجة والتزويقات التي نراها عادة في مهرجانات أخرى هنا كما رأيت طغى الفن وحب المسرح على كل ما عداه من غايات إعلامية وسياسية
مدير المسارح ومدير المهرجان عماد جلول في كلمة مقتضبة رحب بالضيوف قائلا : (إن دمشق ستبقى ترحب بأصحاب الفكر وحملة المشاريع الإبداعية ) وأشار جلول إلى أن هذه الدورة ستكون استثنائية في كل شيء. مضيفا: إننا نشعر بثقل المسؤولية لأننا نتابع جهودا بدأت منذ عشرات السنوات ونأمل أن نحسن حمل الراية لنكون امتدادا طبيعيا لمن سبقنا.
وعلى غير عادة وزراء الثقافة السوريين كثف وزير الثقافة الدكتور رياض عصمت كلمته وببساطة وعمق تحدث لدقائق معدودة بوجدانية عن أب الفنون خاصة وأن الوزير كاتب ومخرج مسرحي أساسا
يقول عصمت: إن المسرح في كيانه الأساسي ليس متحفا للتراث ولا مختبرا للتجارب إنما هو توازن بين الحداثة والأصالة يعيد إنتاج التراث الماضي برؤية وإسقاط معاصرين.
ويتابع: إن المسرح هو أبو الفنون ويعالج تراثنا بجرأة ومصداقية ويضيف ( في الألفية الثالثة يهب المسرح دفاعا عن هويته القومية في عصر العولمة منفتحا على ثقافات العالم متلقفا إياها بتسامح وحوار مع الآخر وفي الوقت نفسه يحتفي بالنصوص العربية المتميزة مضيفا إن التعددية والتنوع يجعلان من المشهد المسرحي المعاصر لوحة فسيفساء وهو يختلف عن باقي الفنون لأنه يخوض التحدي مع كل ولادة.
إذا المسرح بحسب الدكتور رياض هو أمل المستقبل وهو في عصرنا الراهن مقايضة تأخذ من مختلف ثقافات العالم لتعطى من ثقافتنا وتراثنا العربي فهو عناية بالمبنى والمعنى وتكامل بينهما.بعد انهاء الكلمات كرمت ادارة المهرجان ووزير الثقافة عدد من المسرحيين السوريين والعرب الذين حققوا حضورا فنيا وابداعيا كبيرا خلال مسيرتهم الفنية في مختلف مجالات الإبداع المسرحية وهم أيمن زيدان فايزة الشاويش نضال سيجري ندى الحمصي والفنان الراحل ناجي جبر من سورية إضافة إلى إسماعيل عبد الله الأمين العام للمنظمة العربية للمسرح من الإمارات والدكتور سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون من مصر ورفيق علي احمد من لبنان وعبد الغني بن طارة من تونس.
بعد ذلك قدمت فرقة أورنينا للمسرح الراقص عملها المسرحي الإلياذة الكنعانية
يتحدث العرض المسرحي الراقص عن النضال الفلسطيني بأسلوب درامي راقص واستعراضي ويحاول العرض تسليط الضوء على حجم المعاناة الفلسطينية وقوة المقاومة وصلابة الإرادة ضد ما يحدث على أرض فلسطين من قتل وتشريد وتهويد، العمل يقدم كهدية للشعب الفلسطيني في ختام احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية لعام 2009 وإلى روح الشاعر الفلسطيني محمود درويش الحاضر في أغلب تفاصيل العمل.العرض يستلهم رقصاته من الفنون الشعبية الفلكلورية الفلسطينية بأسلوب فني متطور وحديث وبإيقاع سريع يبقي المشاهد ضمن الأحداث المعروضة، يتألف العرض من تسعة عشر لوحة تبدأ بالأسطورة الكنعانية ونشوء أرض كنعان، ثم تأتي لوحة مذبحة أريحا التاريخية التي قام بها أوشع بن نون ومشهد الرومان وهيردوس وصولا إلى الحقبة الرومانية ومولد السيد المسيح في أرض فلسطين ومن ثم الفترة الإسلامية والحروب الصليبية وتحرير صلاح الدين لبيت المقدس ثم فترة الانتداب الانكليزي ووعد بلفور ومأساة النكبة وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وأرض أجداده ومرحلة النضال والمقاومة لاستعادة الحقوق المسلوبة وصولا إلى العدوان الأخير على غزة.
تناولت الفرقة التاريخ الفلسطيني بطريقة رمزية تعبيرية استطاع من خلالها الراقصون الخمسون أن يحققوا مشهدية مسرحية معبرة من خلال التكوينات الجماعية والحركات المدروسة التي جسدت الانسجام بين أعضاء الفرقة.
العرض بلغ ذروته الدرامية من خلال مشهد النكبة وتهجير الشعب الفلسطيني واقتلاعه من أرضه ولاسيما مع استخدام الأغنية التراثية "يما مويل الهوا يما مويلا.. طعن الخناجر ولا حكم النذل بي" وتأتي بعدها لوحة الثورة بأداء قوي يمثل عنفوان الشباب الفلسطيني.
وتضمنت إحدى اللوحات قصيدة "أيها المارون بين الكلمات العابرة" للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بصوته وأخرى احتوت على مقاطع من قصيدة "خديجة لا تفتحي الباب" ما زاد من تعبيرية اللوحات الراقصة وخدم فكرة العرض.
وجاءت لوحة "حلم الزفاف" برقصة ثنائية تعبر عن الحب في ظل الحرب ويتخللها أزيز الرصاص واستشهاد الشاب الفلسطيني ليرسم بعدها العرض لوحة تتكرر في الذاكرة الجمعية الفلسطينية وهي "عرس الشهيد" والتعبير عن الألم الفلسطيني المعجون بالأمل الدائم بتحرير الأرض والإنسان.
وتناولت "الإلياذة الكنعانية" في لوحة "جدار البراق" ما تعاني منه القدس من تهويد وسرقات تاريخية وتغيير لمعالم المدينة بطريقة رمزية استفادت من تقنيات الديكور وأداء الراقصين لينتهي العرض بمجموعة من اللوحات التراثية الفلسطينية التي قدمت على خلفية من أغاني الفلكلور بصوت المغني الشاب شادي علي.
وكان الإضاءة البطل الحقيقي قي العرض فقد رسم ماهر هربش بالضوء مشاهد أسطورية مفعمة بالتعبير والإيحاء بالتناغم مع ديكور مدهش يتضمن كتل كبيرة، كما كان المخرج والكريوغراف ناصر إبراهيم موفقا في تكثيف العرض وتواتر المشاهد السريع مما حافظ على إيقاع العرض إضافة لتناغم ملفت بين راقصي الفرقة..لكن ما يؤخذ على العرض عموما أن قدرة الراقصين على الأداء التعبيري عبر الجسد والحركة لم يكن متناغما مع فكرة العرض وموضوعه أي هناك ضعف في الأداء الفردي والجماعي بعكس الجانب الفلكلوري والدبكات الشعبية كانت متقنة أكثر وخاصة في مشاهد الأهازيج التي تستلهم بعضا من التراث الفلسطينيالعرض من تأليف الكاتب محمود عبد الكريم وموسيقا وليد الهشيم والديكور والإكسسوار ل محمد كامل والسينوغرافيا لـماهر هربش وصمم الأزياء محمد رحال كما شارك المغنى شادى علي بصوته في العمل واخرج العرض وصمم رقصاته مدير الفرقة ناصر إبراهيم.
تبلغ مدة العرض ساعة وربع الساعة يقوم من خلالها خمسون راقصا وراقصة من المحترفين بتجسيد العمل الذي استغرق ستة أشهر لتجهيزه من تأليف وكتابة أغان وتلحينها وتصميم رقصات وملابس وديكور وغيرها إلى جانب التدريب عليه وذلك بدعم وتمويل من وزارة الثقافة السورية.
افتتاح مهرجان دمشق الخامس عشر للفنون المسرحية
دمشق- أحمد الخليل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية