أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ملابس مثيرة وألفاظ خادشة: هل أفلست الدراما العربية؟

ملابس مثيرة وألفاظ خادشة وإيحاءات تبدو غير معقولة، هذه بعض سمات الأعمال الدرامية التي تدعو البعض للتساؤل: هل أفلست الدراما العربية أم تحولت لتجارة تستهدف الربح على حساب المضمون؟

ويرى مراقبون أن الابتذال الفني ينسحب على جميع أنواع الفنون بدءا بالفيديو كليب ومرورا بالبرامج الفنية والسينما وليس انتهاء بالدراما.

ويستنكر محمد قباني (مستشار مبيعات) نسبة الابتذال الكبيرة التي غزت الأعمال الدرامية "التي ركزت على المرأة بصورة كبيرة وبطريقة فيها استخفاف وتقليل من قيمتها، وتوظيفها في ما ينتقص من قدرها، من خلال إقحامها بأعمال درامية ذات قصص اجتماعية غير هادفة".

ويضيف لصحيفة "الخليج" الإماراتية "لاحظت جرأة غير معهودة وخصوصاً في الدراما المصرية، وللأسف فهذه الجرأة ليست محسوبة وستظهر تأثيراتها في المستقبل، ليتأصل ما يراه المشاهد في عقله، ويصبح بعد ذلك أمراً عادياً في حين أنه غير ذلك".

ويرى قباني أن المشكلة تكمن في الإيحاءات التي يقدمها القائمون على العمل، و"استخدام التصوير والتقنيات فيما يثير الغرائز".

ويضيف "المشاهدة ثقافة ولكن المسؤولين عن الأعمال الدرامية جردوها من قيمتها وتعاملوا مع التلفزيون كأداة للإبهار وجذب الأنظار وحصد نسب مشاهدة".

وتؤكد الدكتورة هدى السويدي (مستشارة طب عائلة) عدم رضاها عن حال الدراما اليوم "فالمسلسلات ليست موجهة بشكل صحيح، كما أنها تنقل رسائل لا يتقبلها المشاهد والمجتمع العربي".

وتضيف "المشكلة أن أعمالاً درامية كثيرة دخلت في دائرة العقيدة والحلال والحرام، كما احتوت على إيحاءات جريئة نرفضها ونخجل من متابعتها".

وتقول إنه عندما يمر أحد المشاهد المبتذلة أمام أطفالها الصغار "يغمضون أعينهم تلقائياً أو أغير القناة، وقد تعودت أن أتحدث معهم حول ما يشاهدونه، وأبين لهم الصح من الخطأ، وأعلمهم أن ما يرونه لا يتناسب مع مبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا".

وترى أن توعية الأبناء هي "الخطوة الأهم في هذا الجانب، فالقنوات لن تغير خطتها".

وتوجه رسالة لأصحاب القنوات تقول فيها "أتمنى لو تدققوا في اختياراتكم للأعمال الدرامية والبرامج، لأن التلفزيون يجمع العائلة بمن فيها الكبير والصغير".

ويؤكد عصام الخامري (مذيع ومعد برامج) أن الأعمال الدرامية المعروضة في القناة لا تعبر بالضرورة عن سياستها "فأكثر المسلسلات يتم إنتاجها خارجياً لتشتريها القنوات، ويتبع كثير من المسؤولين في تلك القنوات مبدأ 'خالف تعرف' رغبة في تحقيق شهرة وانتشار كبيرين".

ويضيف "الإعلام كما عهدناه وسيلة للترويج، وأتعجب من أصحاب القنوات الذين يبررون عرضهم للدراما المبتذلة بأنهم يعرضونها لمحاربتها، لأنهم بذلك يروجون لها، والدليل على ذلك تقليد الناس في بعض المجتمعات لظواهر انتشرت في مجتمعات أخرى بعد عرضها من خلال عمل درامي".

ويقول إن "هذا الأمر ينقلب على المجتمع بشكل سلبي، والإيجابية الوحيدة تذهب إلى جيب أصحاب العمل وعارضيه".

ويؤكد أن مدير البرامج في القناة هو المسؤول عن اختيارات الأعمال، و"يتلقى تقريراً من الرقابة في المؤسسة الإعلامية التي يعمل بها، حيث لا يتم عرض أي عمل إلا بعد مروره على الرقابة التي تقدم تقريراً كاملاً وشاملاً عن محتوى العمل، ليتولى مدير البرامج مسؤوليته بعد ذلك، فإما أن يقنع مدير القناة بعرضه وإما أن يتجنب ذلك".

ويؤكد أن قنوات كثيرة تركز على الجانب المادي من وراء عرضها للأعمال المبتذلة.

ويقول إن الجمهور كان في السابق يتابع هذا النوع من الأعمال و"يصاب بالصدمة ويصمت، أما الآن فقد أصبح واعياً بما فيه الكفاية، وقادراً على الانتقاد ورفض ما لا يليق به وبمجتمعه ولا يتفق مع دينه".

ويقول طلعت موسى (منتج برامج) "حال الدراما اليوم هو انعكاس للواقع، والعمل الدرامي الناجح هو الذي يترجم الحقيقة التي يعيشها الإنسان، ونسبة نجاح المسلسل تعتمد على مدى قربه من الواقع".

وعن الألفاظ الخادشة للحياء التي تضج بها بعض المسلسلات يقول "من غير المعقول أن يعرض عمل في أحد حواري مصر أو سوريا أو غيرهما دون أن نسمع بعض الألفاظ المنتشرة هنا أو هناك، فمن يزور تلك الحواري لا بد أن يسمع بعض الألفاظ فيها، فلماذا يستنكرها حين يراها على الشاشة؟ وهذا ما يبحث عنه المشاهد، فهو لا يريد صورة مثالية تخلو من الاحتكاك بالمجتمع، ومن الروح العفوية الناتجة عن ذلك الاحتكاك".

ويقول الدكتور ممدوح المشمشي (أستاذ مساعد بكلية الاتصال جامعة الشارقة) "حين نعلم أبناءنا ثقافة المشاهدة، فإننا نتحدث هنا عن المنظومة الأخلاقية والقيمية، وبما أن التلفزيون هو الذي يرافق الأسرة ليل نهار وكباراً وصغاراً، فهو من أخطر الأجهزة الموجودة في البيت، وخطورته تكمن في تأثيره على المنظومة القيمية والأخلاقية لجميع الأعمار وخصوصاً الأطفال والشباب، وهذه المنظومة همنا الأكبر، ولكن من يستطيع الحفاظ عليها"؟

ويضيف "القنوات المحلية المسؤولة من قبل الحكومات هي الجهة التي نستطيع محاسبتها، أما التلفزيونات الخاصة فهي سبب هذه الفوضى في الإنتاج الدرامي وعالم الفيديو كليب وبعض برامج 'التوك شو'، وبما أن الإقبال على التلفزيونات الخاصة أكبر فقد أصبحت هدفاً للمعلن الذي أصبح له يد فيما يقدم على الشاشات، وهو لا يفقه في أمر الدراما شيئاً، ليلعب على وتر الجمال أو الدلع أو الجنس، وعلى ما يؤثر في المشاهد ليستخدم المرأة في أجزاء معينة ويسلط على الرجل في أجزاء أخرى، ويختار ما يؤثر في المشاهد بشكل مباشر من عنف أو جنس، وهي في الأغلب دراما بسيطة لا تحمل مضامين عالية".

ويؤكد المشمشي أن عبارة "الجمهور عاوز كدة" سادت في السابق، ولكنها تغيرت اليوم لتصبح "المعلن عاوز كده" مشتركاً معه المنتج وصانع هذه الأعمال "وهؤلاء من تقع عليهم مسؤولية الحال الذي أصبحت عليه الدراما اليوم".

ويقول إن "الجمهور الحالي أصبح مستهلكاً أكثر منه مفكراً، ولكننا لا نلقي عليه المسؤولية كاملة، لأن كمّاً ضخماً من المسلسلات يقدم له، فلا يستطيع التعامل معها بسهولة، كما أن كثيراً منها يسيء إلى المضامين العربية والذوق العربي، وليت الأمر يقتصر على الدراما، بل وصل إلى بعض البرامج التي أصبح يصاغ بها الحوار تبعاً لمقدمها الذي لا يمتلك ثقافة وخبرة تؤهله تقديم البرنامج، فيقع في أخطاء كثيرة ويتدنى مستواه".

صحف - زمان الوصل
(129)    هل أعجبتك المقالة (130)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي