هل هو ( محاولة غرس عادة القراءة لدى المتلقى أو هو مراعاة لظروفه ؟ أم أنه مسألة زيادة توزيع ؟..)
كتاب هدية مسعى حميد فى هذا الزمن تسعى لتأكيده الكثير من الصحف والمجلات المصرية أو العربية ، وتلك وسيلة وبادرة طيبة تسعى بحسن نية لتوفير الكتاب لكل قارئ ببساطة وبأدنى أو أقل تكلفة ..
ولعلنا نتذكر أن تاريخ الصحافة المصرية كانت صاحبة قصب السبق دائماً فى هذا المجال بل وهى التى سبقت بالطبع كل الصحف والمجلات العربية التى اهتمت بهذا الأمر خدمة للقارئ العربى ..
ونحن نقلب صفحات تاريخنا الصحفى نجد اهتماماً كبيراً من لدن أصحاب هذه الصحجف والمجلات فيما كانوا يصدرونه ، وقد ساهموا بدور فعال وكبير فى هذا الصدد حيث قامت بعض هذه الصحف والمجلات بنشر واصدار كتب كاملة أو على أجزاء مع نلك الإصدارت ، ومنها جريدة القاهرة برئاسة تحرير الصحفى الكبير صلاح عيسى والتى هى بين أيدينا الآن وتقدم كتاباً شهرياً كهدية مجانية للقارئ بالإشتراك مع دار المدى للثقافة والنشر والتى يترأس مجلس إدارتها وتحريرها الشاعر الكبير فخرى كريم يكون وكان آخركتاب هو رواية " رودين لإيفان تورجنيف" وتقوم بنفس الدور صحف عربية أخرى مثل السفير اللبنانية والبيان الإماراتية والثورة السورية والحياة السعودية والأيام البحرينية وجريدتى المدى والإتحاد بالعراق والقبس الكويتية ، وهو مشروع رائد يقوم بنشر سلسلة كتب شعبية ..
ومن الجدير بالذكر القول بأن جريدة القاهرة كانت قبلئذ من الصحف التى شاركت فى إصدار " كتاب فى جريدة" ذلك المشروع الكبير والهام الذى اضطلعت به منظمة اليونسكو وحسب ماورد فى الهدف من صدورها قولها " إيماناً منها بأهمية نشر المعرفة وتشجيع القراءة ودعم الفن التشكيلى لمواجهة الأزمة الثقافية الخانقة فى العالم العربى وإسهاماً فى إعداد جيل عصرى عربى قادر على المساهمة فى بناء الحضارة الحديثة والتوصل عبر التربية والعلم والثقافة إلى إدراك الديمقراطية والسلام تمشياً مع مبادئ الميثاق التأسيسى لليونسكو ، وتصدر برعاية مؤسسة محمد بن عيسى الجابر وبالتعاون مع اليونسكو وبالإشتراك مع كبريات الصحف اليومية تعززها نخبة من كبار الأدباء والكتاب ومن ورائهم الملايين من القارئين ".
وكتاب فى جريدة بلغ عدد الكتب التى صدرت منه مع أول كل شهر عبر صحف عربية كثيرة حوالى 147 كتاباً ولا زال الكتاب يصدر حتى الآن منذ انطلاقته الأولى وكانت جريدة الأهرام القاهرية تقوم بنفس الدور ، وأصدرت نفس هذه السلسلة مؤخراً كتاب " الزرافة الرشيقة لن تصبح قرداً" وهو مختارات من الشعر الأفريقى المعاصر قام بترجمته فريق عمل تحت إشراف شاعرنا الكبير د . حسن طلب بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومى للترجمة فى القاهرة .
ولا زال الكتاب يصدر ـ فى شكل جريدة من حجم التابلويد ـ كملحق شهرى أول كل شهر مع جريدة الأحداث السودانية والأيام التى تصدر فى رام الله بفلسطين المحتلة وكذلك جريدة الأيام البحرينية وتشرين السورية والثورة اليمنية والخليج الإماراتية وجريدتى الدستور والرأى فى الأردن كما تصدر كملحق مع جريدة الراية القطرية والرياض السعودية والشعب الجزائرية والشعب الموريتانية والصباح العراقية وجريدة العرب التى تصدر فى تونس وطرابلس الغرب ولندن ، كما تصدر مع مجلة العربى الكويتية وتوزع داخل حدود بلادها وكانت العربى تقدم تنويهاً عن الإصدار فى بعض أعداد مشاركتها الأولى ، كما تصدر جريدة القدس العربى فى لندن نفس الملحق وكذلك جريدة النهار اللبنانية والوطن فى سلطنة عمان ، وعلى الرغم من توقف جريدة القاهرة عن المشاركة فى اصدار كتاب فى جريدة إلا أن اسمها لم يزل ضمن قائمة الصحف المشاركة .
وهناك الكثير من الصحف والمجلات المصرية تصدر كتباً تقدمها هدية للقارئ ضمن أعدادها نجد ذلك جلياً فى قيام مجلة إبداع التى يترأس تحريرها الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى تقدم كتيباً مع كل عدد من أعدادها الفصلية ، ولا ننسى مجلة أدب ونقد التى تقدم كتاباً ضمن صفخاتها مع أول كل شهر ، كما أن مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر التى تصدر جريدتى الجمهورية والمساء تقديم كتاباً أسبوعياً كهدية ـ من سلسلة كتاب الجمهورية ـ ضمن العدد الأسبوعى لمجلة حريتى التى تصدر كل يوم سبت ، وتصدر مجلة الإذاعة والتليفزيون كتاباً أيضاً مع عدد أول كل شهر ضمن السلسلة الثقافية لطلائع مصر وهو كتاب موجه لفئة الشباب والناشئين عن شخصيات مصرية تركت أثراً فى حياتنا وآخرها كتاب عن الفنان الراحل محمود سعيد رائد التصوير المصرى المعاصر من تأليف نسمة عطا الله وحمل الرقم 85 من السلسلة ..
وهناك مجلات مثل نصف الدنيا تقدم كتاباً جميلاً بشكل غير دورى يحفل بكل ماهو جديد تبعاً لكل مناسبة ترى ضرورة المشاركة فيها وأهميتها بالنسبة للقارئ المصرى والعربى ، كما تقدم مجلة صباح الخير كتاباً هدية مع العدد الصادر فى أول كل شهر ، وتقدم مجلة الأزهر كتاباً شهرياً فى مطلع كل شهر هجرى ..
وهناك الكثير من المجلات العربية التى شاركت فى مسألة تقديم الكتاب كهدية للقارئ العربى ومنها مجلة " الفيصل " السعودية وكانت تقدم بين الحين والآخر كتاباً هدية للقارئ أما المجلة العربية السعودية فتقدم كتاباً شهرياً مع كل عدد وآخرها عدد أكتوبر 2010 م بعنوان ميغيل آسين بلاثيوس رائد الإستغراب الإسبانى المعاصر ، أما مجلة دبى الثقافية التى أصدرت حتى عدد نوفمبر من هذا العام 42 كتاباً آخرها ديوان " حَبّات ومحَبّات " للشاعر التونسى الكبير منصف المزغنى ، وقد سبق وقدمت من قبل كتباً رائعة منها لشاعرنا الكبير أحمد عبد المعطى حجازى " قصيدة النثر أو القصيدة الخرساء " الذى أثار ضجة كبيرة وقدمت رواية " من أنت أيها الملاك " للأديب الليبى الكبير ابراهيم الكونى وكتاب النقد الأدبى والهوية الثقافية للناقد الدكتور جابر عصفور ، وكتاب الناقد الكبير الدكتور صلاح فضل بعنوان " محمود درويش حالة شعرية" ولا ننسى تلك الرواية الرائعة للروائى التونسى واسينى الأعرج بعنــوان " أنثى السراب ـ سكريبتوزيوم " رغم ضخامتها ، غير ديوان " فضاءات لغبارالطلع " للشاعر الكبير أدونيس ورواية " حجر السرائر " للروائى السورى الكبير نبيل سليمان ، صاحب رواية ثلج الصيف وغيرها .
كما وتقدم مجلة الرافد البحرينية كتاباً فصلياً حسب كل صدور لها ، وتقدم الدوحة القطرية ملحقاً شهرياً منذ بدأ عام 2010 م وهو مستمر طوال هذا العام لتغطية أنشطة الدزحة التى اختيرت عاصمة للثقافة العربية لهذا العام ، غير أن مجلة الجسرة القطرية قد أعدت العدة لنشر كتاب فصلى مع عددها القادم والذى يواكب خريف هذا العام 2010 م كتقليد جديد ..
ومن هنا نجد أن الأستاذ الدكتور محمود محمد الطناحى قد أود فى كتابه الهام ( الكتاب المطبوع بمصر فى القرن التاسع عشر ـ كتاب الهلال ـ أغسطس 1996) تأكيداً على دور المجلات الثقافية الرائد فى هذا الصدد وقيامها بنشر كتب هامة ، فنجد مجلة الآداب الأسبوعية التى كان يصدرها الشيخ على يوسف سنة 1302هـ / 1885 م مشاركة مع الشيخ أحمد ماضى واستمرت على مدى عمرها الزمنى لثلاث سنوات تالية تصدر مطبعتها كتباً قيمة ، وكذلك جريدة الأعلام التى صدرت يومية ثم أصبحت أسبوعية فيما بعد وأنشأها محمد (بيرم الخامس) بن مصطفى وهو عالم رحالة ومؤرخ من علماء تونس هجرها حين استولى عليها الفرنسيون سنة 1298هـ وتوجه إلى الأستانة ثم عاد إلى مصر سنة 1302هـ لينشئ هذه الجريدة ، وكذلك جريدة البرهان السكندرية ، والجامعة السكندرية أيضاً وجريدة الجريدة التى كان يصدرها أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد وجريدة مصر وجريدة الظاهر وكانت سياسية يومية قام بإصدارها محمد بك أبو شادى الذى كان يعمل بالمحاماة ، تلقى تعليمه بالأزهر وهو والد الشاعر الدكتور أحمد زكى أبو شادى الذى أنشأ مجلة " أبوللو " ..
وفى الأسكندرية صدرت جريدة الكوكب الشرقى وكان الشيخ حمزة فتح الله من أشهر محرريها وهو صاحب كتاب " المواهب الفتحية" ، وهناك جريدة المحروسة التى صدرت فى أول الأمر بمدينة الأسكندرية ثم اشتراها يوسف آصاف وهو محام له مؤلف هام بعنوان " تاريخ سلاطين آل عثمان " وكان يمتلك المطبعة العمومية بالقاهرة ويديرها شقيقه اسكندر آصاف ، وقد شارك عزيز زند يوسف آصاف فى شراء المحروسة عام 1866م التى انتقلت إدارتها لتصدر فى القاهرة ، كما كانت تقوم جريدة المؤيد للشيخ على يوسف بنفس الدور ، وحين صدرالعدد الأول من مجلة الهلال لجورجى زيدان فى يوم الخميس أول صفر الخير سنة 1310 هـ / 25 أغسطس 1892م شاركت فى نفس المجال ولازالت تقوم بدورها البناء فى حياتنا الثقافية المصرية وقامت دار الهلال بنشر عيون الأدب والإبداع لرجالات الفكر والأدب فى مصر والعالم العربى ..
ولا شك فى أن أصحاب تلك الصحف والمجلات كانوا ممن يتمتعون بفكر ثاقب ورؤى واضحة وبصيرة عميقة حيث كانوا لا يألون جهداً فى سبيل إسعاد القارئ ونشر ماجادت به قرائح هؤلاء الأفذاذ من المؤلفين والمبدعين وتقديمها كخدمة وبكل طواعية من أجل نشر الثقافة والوعى سعياً لرفع شأن الوطن والمواطن ..
ــــــــــــــــــ
بورسعيد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية