يوفر تقديم العروض المسرحية في اماكن بديلة رغم شروطها الصعبة، حلا للمسرحيين السوريين الشباب لاشكالية قلة خشبات العرض ويؤمن لهم حرية اكبر تلبي حاجتهم لتقديم اعمال تخرج عن هيمنة المسارح التقليدية وتعكس الحراك في الحياة اليومية.
يجد الناقد المسرحي سامر اسماعيل في استخدام الاماكن البديلة "اشارة للخروج من هيمنة المسارح التقليدية وسطوة النصوص" معتبرا ان هذه الاماكن تحتضن "الكلمات عن الحياة بكل مفرداتها واتجاهاتها المعاصرة".
ويضيف اسماعيل ان هذه الظاهرة "تشي برغبة عند المسرحيين الجدد باتباع الاتجاهات المعاصرة نحو اعتماد الاماكن البديلة التي تقترح مكانا مختلفا عن مسرح الاطار او العلبة الايطالية الذي يفصل بشكل حاسم كراسي المتفرج عن الخشبة".
ويعتبر المخرج المسرحي اسامة غنم الذي يقدم حاليا عرضا باسم "حدث ذلك غدا" في محمصة في احد أحياء دمشق القديمة ان المسارح التقليدية في دمشق لا تمنح المسرحيين وقتا كافيا للتدريب وتقديم العروض "لاسباب ادراية تنظيمية".
ويضيف "كان يلزمنا مكان للتدريب والعرض نبني فيه فراغا ضمنيا ففكرنا بالبحث عن مكان بديل مما يعطينا حرية اكبر للعمل" مؤكدا ان اختيار الاماكن البديلة هو عامل "ايجابي" ويشكل "حلا لاشكالية المسارح القليلة في دمشق والتي تعاني من ضغط شديد".
وفي دمشق خمسة مسارح هي مسرح الحمراء ومسرح القباني التي تعود ملكيتهما الى المسرح القومي وثلاثة مسارح في دار الاسد للثقافة والفنون بالاضافة الى خشبتي مسرح مخصصتين للتعليم في المعهد العالي للفنون المسرحية.
ويعتبر المخرج الشاب ان فراغ المكان البديل يمكن توظيفه لغرض المسرحية ويوفر لها البيئة الاجتماعية والاقتصادية.
وتدور احداث المسرحية حول امرأة تعيش في غرفة وحدها في احدى ضواحي دمشق الشعبية او احيائها العشوائية ويشبه الطريق الذي تسلكه البطلة للوصول اليها بعد يوم متعب، طريق الجمهور المؤدي الى المكان (المحمصة) مما يجعل الجمهور يشعر بعالم البطلة منذ دخوله الحي.
ويشدد المخرج السوري الشاب أسامة حلال مؤسسس فرقة "كون" التي تقدم عروضها بشكل اساسي في الاماكن البديلة في إطار ما يسمى"المسرح الموقعي"، على ضرورة "وجود اماكن خاصة يتدرب الممثل فيها".
ويضيف حلال "ليس امام الفرق الخاصة في سوريا الا العمل تحت نظام الدولة في مسارحها وضمن قوانينها او البحث عن اماكن بديلة تحددها طبيعة النصوص كسطح بناء او نفق او ملجأ او معصرة زيتون".
ويشير الى ان ازمة المسرح الاساسية هي ازمة مكان "لكي يكون هناك مسرح متطور يسير بركب الدراما يجب ايجاد اماكن خاصة لتدريب الفرق".
ويوضح ان عمل الفرق المسرحية "لا يقوم على تقديم عمل او عملين في العام بل على التدريب المتواصل لتقنيات عمل الممثل وهذا يجعلنا نهرب بخيالنا الى اماكن بديلة".
وشهدت سوريا في السنوات الاخيرة ولادة عدة فرق مسرحية شابة تعمد الى تقديم أنواع مسرحية جديدة كالمسرح الموقعي ومسرح الشارع والمسرح الحركي.
ويشير حلال الى اشكالية "الشروط غير الصحية" التي تعاني منها العروض المقامة في الاماكن البديلة "ان العروض التي تقدم في مكان بديل لا تستطيع تقديمه في مكان اخر وهذا المكان لا يمكنه استقبال عروض مسرحية اخرى فهو مناسب لهذا العرض حصرا".
واختار حلال الذي قدم عرض "جثة على الرصيف" لسعد الله ونوس نفقا كمكان بديل لعرضه "لان دلالات المكان كانت مناسبة للعرض ولكنه لا يناسب حتما عرضا اخر ليس لديه الايحاءات نفسها...هناك ايحاءات لاختيار المكان وليس لمجرد كونه فارغا".
ويعتبر حلال ان "الحل لا يكمن في البحث عن ابنية جديدة بل تسهيل الاجراءات وتأهيل الاماكن البديلة وفتح مسارح المراكز الثقافية المغلقة وتفعيل عملها بشكل صحيح".
لكن الناقد اسماعيل يعتبر ان "شكل المسارح اليوم لها السطوة الحكومية حتى على المتفرج وشكل العروض والخيال المتجدد لدى الشباب فهي عبارة عن خشبات مقفلة يمنع استخدامها للعروض المسرحية".
ويضيف "ان المسارح الحالية منبرية اكثر من كونها توفر قاعة جديدة للعرض لقد صممت لتقدم ندوات ومحاضرات جافة" ويتابع "يلزمها اعادة تأهيل وتجهيزات انارة وكواليس للممثلين لتصبح اماكن عروض ابداعية".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية