الرئاسة السورية تدعو لضبط النفس وترسل قوات لفض النزاع

دعت رئاسة الجمهورية العربية السورية إلى "ضبط النفس وتغليب صوت العقل" على وقع الاشتباكات المتصاعدة في الجنوب السوري بين مقاتلين من قبائل عربية وقوات المجلس العسكري التابع ل"الشيخ حكمت الهجري"، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، وسط مخاوف من انزلاق الأوضاع نحو نزاع أهلي مفتوح.

وفي بيان صدر اليوم الجمعة، عبّرت الرئاسة السورية عن "قلق بالغ وأسف عميق" إزاء ما وصفته بـ"الأحداث الدامية" في الجنوب، مشيرة إلى أن ما يجري هو نتيجة لـ"تمدد مجموعات مسلحة خارجة عن القانون، اتخذت من السلاح وسيلة لفرض الأمر الواقع، وعرّضت حياة المدنيين - من أطفال ونساء وشيوخ - للخطر المباشر".

وأكد البيان أن "الهجوم على العوائل الآمنة، وترويع الأطفال، والتعدي على كرامات الناس في بيوتهم، هو أمر مدان ومرفوض بكل المقاييس الأخلاقية والقانونية والإنسانية"، معتبراً أن "احترام المدنيين وضمان أمنهم هو واجب وطني لا نقاش فيه".

وفي وقت شهدت فيه حدود محافظة السويداء الجنوبية حشوداً ضخمة لمقاتلي العشائر العربية – بعض التقديرات المحلية تضع أعدادهم بالآلاف – بهدف التقدم نحو قرى وبلدات يسيطر عليها مقاتلون دروز موالون للمجلس العسكري بقيادة "الشيخ الهجري"، شددت الرئاسة السورية على أنها "لا تقابل الفوضى بالفوضى، بل تحمي القانون بالقانون، وترد على التعدي بالعدالة، لا بالثأر".

وأكدت أن "الجمهورية العربية السورية تثبت – مرة تلو أخرى – أنها دولة لكل أبنائها، بمختلف انتماءاتهم ومكوناتهم، من الطائفة الدرزية وقبائل البدو على حد سواء، وليست لطائفة أو جماعة بعينها"، مضيفة أن "المسؤولية الوطنية تقتضي أن يكون الجميع تحت سقف واحد هو الوطن، وتحت مرجعية واحدة هي القانون".

وفي محاولة لاحتواء التصعيد، أعلنت الجهات المختصة، وفق البيان، عن "إرسال قوة متخصصة لفض الاشتباكات وحل النزاع ميدانياً، بالتوازي مع إجراءات سياسية وأمنية تهدف إلى تثبيت الاستقرار وضمان عودة الهدوء إلى المحافظة في أسرع وقت".

ودعت رئاسة الجمهورية في ختام بيانها "جميع أبناء الوطن، من أهل الحكمة والمسؤولية، إلى التكاتف من أجل تجاوز هذه المحنة، ونبذ دعوات التصعيد، والعمل سويًّا لحماية النسيج الاجتماعي المتنوع الذي ميّز سوريا عبر القرون".

ويأتي هذا البيان بعد أيام من تصاعد القتال في ريف السويداء الشرقي، حيث تقول مصادر محلية إن مقاتلين من عشائر بدوية هاجموا مواقع للمجلس العسكري في قرى تلول وخازمة والعانات، متهمين الأخير بتنفيذ اعتقالات و"إساءات طائفية" بحق أبناء القبائل، فيما يرد مقربون من الهجري بأن الهجمات منظمة وممولة من جهات خارجية تهدف لتفجير الوضع في المحافظة ذات الأغلبية الدرزية.

ويحذر مراقبون من أن النزاع الذي يتخذ طابعًا أهلياً مرشحٌ للاتساع، في ظل ضعف مؤسسات الدولة وهشاشة الترتيبات الأمنية في جنوب البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي، رغم تشكيل حكومة انتقالية تحاول بسط سلطتها على كامل الأراضي السورية.