أكدت صحيفة "واشنطن بوست" أن سـوريا طورت صناعة الدراما في السنوات الماضية مضاهية بذلك مصر "التي كانت وما زالت مركز الإنتاج الإعلامي في العالم العربي".
ونقلت صحيفة "تشرين" الرسمية عن الصحيفة الأمريكية قولها إن الدراما السورية لقيت في السنوات العشر الأخيرة نجاحاً ملحوظاً حتى غدت بحق الثقافة المسيطرة في سوريا.
وكتب الباحث والصحفي كريستا سالامندرا في أطروحته التي حملت عنوان "واقع الدراما السورية": "كثيراً ما تردد على مسمعي عبارة اعتبرتها بدهيه للوهلة الأولى حول دعائم الثقافة الثلاثة المتمثلة في مصر باعتبارها منشأ الفكر ولبنان الناشر له، دون إغفال العراق قارىء هذا النتاج، واكتشفت فيما بعد أن سوريا هي الحاضن لكل ذلك باعتبارها نقطة لقاء هامة لهذا الدفق الثقافي، فإذا ما دققنا النظر في مراكز استهلاك وإنتاج دراما التلفزيون العربي فسوف نجد أن ما شاهدناه خرج من دمشق ليشاهده الملايين عبر العالم العربي و من يقطن وراء البحار من الجاليات العربية".
وأضاف سالامندرا "عندما وصلت إلى دمشق في تسعينيات القرن الماضي لم يكن في نيتي تسليط الضوء على الإعلام بالمجمل، أردت أن أكون أكثر التصاقاً بالناس في دمشق، بأحوالهم وأسلوب حياتهم، أردت أن أعرف سبب حب الناس للشام ولأهله، بالإضافة إلى كون الشام تتمتع بسمعة طيبة عند كل العرب، لذلك أردت أن أبدأ من هنا من المجتمع الشامي".
وقال إن أحد الدمشقيين نصحه برؤية المسلسلات التي تتحدث عن البيئة الدمشقية، مشيرا إلى أنها لعبت دوراً هاماً في تغيير مسيرة بحثه "خاصة أن مشروعي تزامن مع شهر رمضان حيث خزانة العرض مفتوحة على أجمل الألوان والأنواع والمشاهدة بحد ذاتها تأخذك إلى البيئة الشامية بكل تفاصيلها وعاداتها، وما كان فيها من حب وعاطفة وإخلاص وصفات حسنه، وهذا بحد ذاته يستقطب الناس لمشاهدة العمل من باب حب الاستطلاع والتعرف ومشاهدة ما تتعطش إليه الروح من قيم في عصر يمتاز اليوم بشراسته في سرعة تعرية قيمنا".
وأضاف "من خلال مسلسل أيام شامية أدركت كيف يستخدم الناس هنا التلفزيون للحديث عن قضاياهم المرتبطة بحياتهم اليومية، وأدركت قيمة التفاصيل الدقيقة في العمل والتي غالباً ما تضفي عليه نكهة ذات مزاج خاص تلامس القلوب قبل العقول فتعيش العمل من خلالها وتتفاعل مع شخصياته التي تدخلك في حكاياها المتناثرة هنا وهناك بدءاً من حكايا العشق التي تنسج خيوطها بدفء تحاكي بذلك شذا الياسمين وتهمس لأوراق الليمون والنارنج أن الحكايا بدأت من هنا وستظل أسوار البيت الدمشقي أمينة عليها، إلى حيث البارود ورجال الشام الأشاوس يوم تصدوا لكل محتل غاشم، فهمت حينها كيف يمكن أن تدخل إلى قضايا يعتبرها الكثيرون من المحرمات وتعالجها دون المساس بأحد".
وقال سالامندرا إن ما تقدمه سوريا من دراما يعتبر رائداً في هذا المجال (الدراما الشامية) "لكن دراما من هذا النوع ينقصها باعتقادي كاتب روائي يختص بالأدب الشعبي وكما لاحظت افتقار المنطقة لكتاب الرواية الشعبية، حيث لم أقرأ اسماً لكاتب روائي يختص بالأدب الشعبي خاصة أن مسلسلات فلكلورية تتحدث عن الأصالة الدمشقية وموروثات الأدب الشعبي من عادات وتقاليد تحتاج إلى ذلك".
وأكد الباحث أن الأعمال التي يجري تصويرها ضمن بيئة دمشقية حقيقية بعيداً عن الاستديو تعكس الواقع وتحاكي الحدث بصورة أصدق وأكثر تعبيراً.
وأضاف "إن العمل الحقيقي تدعمه الإنتاجية العالية والتقنيات المعقدة، لكن صدق الفكرة ومحاولة تقريب الصورة الحقيقة الى أذهان الناس يضفي على العمل دفئاً من نوع خاص يجعلك تحلق به عالياً".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية