شَكّلتْ تظاهرة دمشق عاصمة للثقافة العربية عام 2008 منعطفاً جديداً في حياة الكثير من الفنانين السوريين وفي موقع عاصمة الأمويين على الساحة الثقافية والموسيقية بوجه خاص، فالأنشطة الموسيقية هي إحدى أهم أوجه الأنشطة الفنية التي دعمتها التظاهرة وجعلت من دار الأوبرا السورية (قبل أن تتجاوز السبع سنوات من العمري) محجاً ثقافيا ليس للطبقات المخملية فحسب بل لكل سوري يقول أه للنغم ويستخدم مفردة السَلْطنة خلف كل صوت أو لحن جميل.
مع بداية خريف عام 2010 رأت إدارة دار الأوبرا متمثلة بالدكتورة حنان قصاب حسن
متابعة مهرجان "النساء تغني" الذي أطلقته الاحتفالية عام 2008 بمهرجان "ما زالت المرأة تغني" ، فاستضاف مسرح الأوبرا السورية مجموعة من الأصوات العربية الأصيلة من 19/9 ولغاية 5/10/2010 وهن (درصاف الحمداني من تونس ولبانة قنطار ووعد بحري ونعمى عمران من سورية ومي فارووق من مصر وكريمة الصقلي من المغرب أما ختام المهرجان فكان مع سيدة المقام العراقي فريدة محمد علي التي جمعت حولها مئات العراقيين النازحيين في سورية وحملت في صوتها قوة المقاوم العراقي وشوق العاشق الدمشقي.
لتشكل هذه الأصوات مزيجاً هائلاً من التطريب الشرقي قلما اجتمع في تظاهرة واحدة، تقول الدكتورة حسن مديرة دار الأوبرا: "لا يوجد لكلمة طرب مرادفا في اللغات الأجنبية لأن هذه الحالة وقف علينا".
وعن هدف المهرجان أوضحت "ما زالت المرأة تغني" يهدف إلى إفراد حيز للموسيقا العربية التراثية والأغنيات التي تشكل جزءا من الذاكرة الجماعية مشيرة إلى أن هذا النوع من المهرجانات يتطلب منطقاً معيناً لبرمجته هو منطق المرأة تغني للمرأة أي مغنيات من عدة بلاد عربية يقدمن أعمالا لأسماء كبيرة كانت من أهم الأصوات في عصرها.
وتابعت الدكتورة قصاب حسن أن المهرجان فضلا عن ذلك يشكل حواراً بين جيلين وفترتين بأصوات جميلة ومتميزة اليوم تغني لأصوات متميزة وهامة في زمن الطرب الأصيل كأم كلثوم وليلى مراد وأسمهان وسعاد محمد وماري جبران وغيرهن كما أنه جزء من اهتمام دار الأوبرا بالموسيقا التراثية التي تحظى بإقبال كبير من الجمهور.
وبالنسبة لاستمرار المهرجان بعد دخوله عامه الثاني بنجاح قالت الدكتورة قصاب حسن.. من المحتمل أن يستمر مهرجان "ما زالت المرأة تغني" العام القادم كما هو أو أن يأخذ شكلاً مختلفاً فلا يقتصر على أغاني المرأة فقط أو يفرد لنوع معين من الأشكال الموسيقية كالموال أو الموشح لكي يكون متجدداً وبعيداً عن التقليد.
ولفتت إلى أن اختيار المغنيات من البلدان العربية ودعوتهن جاء بناء عل طلب الجمهور الذي حضر أمسياتهن في مهرجان "النساء تغني" ورغب باستعادة هذه الأصوات في مهرجان جديد خاصة تلك التي كانت اكتشافا بالنسبة للمستمعين مثل المغنية المغربية كريمة الصقلي.
أما عن اسم المهرجان فقالت قصاب حسن.. أن المهرجان حمل اسم "النساء تغني" ثم "ما زالت المرأة تغني" ومن المحتمل أن يتابع فعالياته العام القادم تحت عنوان "وستظل المرأة تغني".
في حين أشارت مغنية الأوبرا السورية لبانة قنطار إلى أن مشاركتها هي الثانية لها في المهرجان مشيرة إلى أن الفكرة تتمحور حول استقطاب مغنيات وأصوات مهمة من كافة الوطن العربي تونس ومصر ولبنان والعراق والمغرب يقدمن الغناء العربي الكلاسيكي فضلا عن تعريف الجمهور السوري بمغنيات مهمات لهذا النمط من الغناء خاصة بعد تراجع اهتمام الإعلام بمثل هؤلاء المغنيات.
المغنية مي فاروق التي أدت مجموعة من أغاني السيدة أم كلثوم بإتقان شديد مع الحفاظ على قماشة صوتية خاصة بها، قالت أنها ليست المرة الوحيدة التي تقابل فيها الجمهور السوري "الذواق" حسب رأيها، وتابعت قائلةً عن حفلتها "حفلة اليوم كانت جميلة أيضاً وهي استمرارية للمهرجان الذي تحدثت عنه ومن الجميل جداً أن يكون هناك اهتمام بالغناء العربي الأصيل وخاصة بأصوات نسائية، وهذا التجمع وتحت هذه التسمية (مازالت المرأة تغني) اعتبره اهتماماً خاصاً بالمرأة الفنانة العربية وحافزاً كبيراً لنا نحن المغنيات أن نشارك فيه، حيث أن الساحة الموسيقية العربية مليئة بالأصوات الكبيرة التي يراد لها الاهتمام لتستمر في العطاء وتقديم ما هو جميل من تراثنا العربي وبالتالي الحفاظ عليه".
تنوع الأقمشة الصوتية في هذا المهرجان جعل كل من حضر أماسيه محظوظاً بلا شك لأنه قلما تجمعت هذه الخامات المتنوعة ذات المشارب المختلفة على مكان واحد وفي ظرف أقل من شهر.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية