أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مدن أشباح.. آلاف المهجّرين محرومون من العودة إلى منازلهم

عندما وقف "أبو محسن" أمام حي الخليج المدمر بشكل كامل على مشارف داريا غربي العاصمة، لم يتمكن من معرفة مكان منزله، فقد كانت الأنقاض تملأ المكان بينما تم تفجير قرابة ألف منزل داخل الحي بواسطة جيش النظام السابق.

ويقول "أبو محسن" لـ "اقتصاد" إن دمار المنازل يعني فعلياً عدم عودة آلاف المهجرين إلى مدينتهم، لافتاً إلى أن معظم الملاك الأصليين يشاركونه نفس المعاناة، حيث صدموا من هول الدمار الذي طاول العقارات، بينما شكّل التعفيش الكامل للمنازل المدمرة فصلاً كارثياً جديداً يقف عائقاً كبيراً أمام العودة المرجوة.

مدن أشباح

في حي جوبر على تخوم دمشق،ةوجد "أكرم" منزله عبارة عن كومة من الركام، يقول لـ "اقتصاد" إن نسبة الدمار والسرقات الممنهجة التي طاولت عقارات الحي تتجاوز الـ 70%، ويشير إلى أنه قدم من إدلب حيث يقيم منذ سنوات في زيارة لحيه الأصلي على أمل الإقامة الدائمة في الديار، لكنه سرعان ما عاد مجدداً نحو بيته المستأجر في إدلب.

ولا يقف الدمار الهائل والتعفيش الممنهج عائقين وحيدين أمام عودة المهجرين واللاجئين إلى منازلهم في المدن المنكوبة، بل تواجه هذه المدن تحديات وعوائق جمة لا تقف عند الحدود الدنيا من مستوى الخدمات كالكهرباء والمياه والاتصالات، إذ تتجاوزها إلى شبه حالة انعدام
لكل فرص الاستقرار.

في مدينة كفرنبل بريف إدلب، يقف "أبو راكان" متأملاً منزله الذي صار بدون سقف مثل معظم بيوت المدينة بعد قيام لجان تابعة للنظام السابق تدعى لجان التعدين باستخراج الحديد من السقوف الخراسانية للعقارات.

يعلّق "أبو راكان" خلال حديث لـ "اقتصاد" قائلاً: "المدينة تحولت إلى شبح"، ويضيف بمرارة بائسة أنه لم يعد يفكر حالياً في العودة، حيث يفضّل استمرار حياته السابقة في مدينة إدلب مديراً لمتجر مواد غذائية، مؤكداً بالقول: "على الأقل هناك توجد الخدمات والدنيا طبيعية أما في كفرنبل فالصورة قاتمة جداً".

لا بنى تحتية

تقع المدن المنكوبة على امتداد رقعة جغرافية كبيرة في سوريا، وتشمل كلاً من داريا وسبينة وجزءاً من المعضمية، إضافة لمعظم قرى ومدن الغوطة الشرقية والأحياء الواقعة في مدخل دمشق الشمالي كجوبر والقابون، كما تبدأ المدن المدمرة شمالي البلاد من شريط ريف حلب الشمالي مثل حريتان وعندان مروراً بسراقب وانتهاء باللطامنة بريف حماة.

وتتشارك جميع القرى في ضعف أو انعدام خدمات شبكة المياه الرئيسية والاتصالات والكهرباء، كما تملأ الأنقاض شوارعها التي تحولت إلى ممرات ضيقة بسبب تكسر الإسفلت وامتلائها بالحفر ووجود الركام على جانبيها.

كما يحتاج ترميم أي منزل مدمر إلى مبلغ يتراوح بين 3 آلاف وحتى 5 آلاف دولار في حال كان سقفه لا يزال موجوداً، وفقاً لما رصده "اقتصاد"، حيث يضطر ملاك العقارات إلى إعادة تأهيلها مجدداً لأن التعفيش الممنهج طاول كل الأثاث والأرضيات والأبواب والنوافذ.

ويقول بعض المهجرين الذين باشروا ترميم منازلهم على أمل الاستقرار فيها لاحقاً إنهم يتغلبون على غلاء أسعار الأثاث ولوازم الإكساء والتجهيز باللجوء إلى سوق المستعمل، حيث يمكن توفير مقدار النصف من الأكلاف الباهظة التي تتطلبها عمليات الترميم والتجهيز.



 



اقتصاد - أحد مشاريع "زمان الوصل"
(14)    هل أعجبتك المقالة (16)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي