يعد نجم سهيل من النجوم الشهيرة في التراث الشعبي، وربما انطلاقا من هذه الشهرة الشعبية اهتمت بعض الصحف بالحديث عنه منذ أواخر آب الماضي ونقلت أقوال الفلكيين عن ظهور نجم سهيل،
حتى ظن كثير من الناس أنه ظهر في كل البلاد.
ولكن المتابع لحركة الأجرام السماوية يعرف أن رؤية نجم سهيل في الرابع والعشرين من آب تقتصر في هذا التاريخ على اليمن والنصف الجنوبي من الجزيرة العربية، ويأخذ بالظهور شمالا ليظهر في شمال الجزيرة في التاسع من أيلول وذكر الفلكيون أنه ظهر في الكويت في الخامس من أيلول.
ثم يأخذ ظهوره بالتقدم يوما بعد يوم حتى يرتقي وسط السماء منتصف الليل في نهاية كانون الأول، ويبدأ بالظهور بعد غروب الشمس في الأفق الجنوبي الغربي مع نهاية شهر آذار ويختفي بعدها، حتى موسم العام الذي يليه.
ويبدأ سهيل بالظهور في جنوب بلاد الشام قبل أسبوع من بداية فصل الخريف، وهو ما يعني أن ظهور نجم سهيل في سماء الشام بدأ في فجر الجمعة الماضي السابع عشر من أيلول، وكان أهل الشام من قبل يحددون من خلاله القبلة، وذكر فلكيون أن مخطوطات القرن السابع عشر أثبتت أن المحور الأكبر للكعبة المشرفة يتجه نحو نقطة شروق نجم سهيل بينما المحور الأصغر يتجه ناحية شروق الشمس في منتصف الصيف.
ومن يرد أن يرى سهيلا في أيامنا هذه، عليه أن يستيقظ عند الفجر وينظر إلى الزاوية الجنوبية الشرقية من الأفق لأنه يظهر الآن قبل شروق الشمس بنصف ساعة، حيث يمكث سهيل في السماء فترة لا تتجاوز أربع ساعات، ويغيب من الناحية الجنوبية الغربية، وبالطبع فلا يرى جيدا طوال الفترة المذكورة بسبب سطوع ضوء الشمس الذي يطغى على كل النجوم.
وبسبب ميله الجنوبي لا يمكن مشاهدته في الدول التي تقع على خط عرض 38 درجة شمالا وأكثر، وعكس ذلك فإنه يشاهد طوال السنة في الدول التي تقع جنوب خط الاستواء كجنوب أفريقيا، ولا يظهر هذا النجم في أوروبا بأكملها وشمال الولايات المتحدة وتركيا وأقصى شمال العراق، وتزداد فرصة مشاهدته كلما اتجهنا جنوبا لوقوعه في الجزء الجنوبي من خط الاستواء.
ونظرا لوقوعه جنوبي السماء على عكس النجم القطبي الواقع شمال السماء، فإنه يرى لأهل النصف الشمالي من كوكب الأرض مرتفعا فوق الأفق بمقدار ضئيل جدا لا يزيد على بضع درجات.
وفي جنوبي الكرة الأرضية (أستراليا مثلا) يرون نجم سهيل فوق الرأس تماما في منتصف فصل الصيف - عندهم - أي في شهر كانون الثاني، أما في شتاء جنوبي الكرة الأرضية (فصل الصيف في شمالها) فإن سهيلا يكون محجوبا عنهم كليا.
ويرى سهيلا بالعين دون استخدام المناظير، ويتميز على بقية النجوم بلونه الأحمر المتلألئ، وعلى من يرغب برؤيته أن يقف في مكان مرتفع يكشف الأفق الجنوبي للسماء ليشاهد نجما ساطعا لماعا وحيدا أجمل ما فيه لمعانه المتوهج بعدة ألوان مختلفة وبسرعة خاطفة من اللون الأزرق المخضر إلى اللون الأحمر فالأصفر.
ويعد نجم سهيل ثاني ألمع نجم في السماء بعد نجم الشعرى كما يعد واحدا من النجوم العملاقة العظيمة اللامعة في مجرة درب التبانة ويبعد عن الأرض نحو ثلاثمئة وثلاث عشرة سنة ضوئية، وست ساعات ونصف الساعة عن الخط المرجعي الذي يحوي نقطة الاعتدال الربيعي، ويتعامد على دائرة العرض 53 درجة جنوبا.
ويعتبر موسم (نجم سهيل) أول المواسم في تقويم المواسم العربية القديمة (الزراعية) المكون من 14 موسما مقسمين على فترات، وتبدأ منه حسابات موسم الوسم، وهو موسم المطر بعد 52 يوما من مشاهدة هذا النجم حيث تليه سريعا فترة فصل الشتاء.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية