قال الكاتب السوري سامر رضوان "نحن لم نخضع لرقابة بل لرقابات"، مشيرا إلى أن الرقابة الورقية والفنية طالت جوانب عدة من مسلسل "لعنة الطين" الذي كتبه وعُرض خلال شهر رمضان المبارك.
وأضاف لصحيفة "الوطن" السورية "الرقابة الورقية طالبت بعد قراءة العمل حذف مئة وستة وثلاثين مشهداً، ورفضت انعطافاً مفصلياً يتعلق بالتحاق البطلين عامر وجواد إلى دورة عسكرية ستنتهي بعد ثلاثة أشهر بحكم نفوذ المسؤول الموجود في العمل، إلا أنهم أصروا على حذف هذه الفرضية الدرامية بحجة أنها غير قابلة للحدوث في سورية، وعندما حاورتهم كنت مصراً على أن المقتضى الدرامي لا ينبغي قياسه على الواقع بشكل دائم، فأنا أقدم فرضية حكائية ولا أقول إن هناك ضباطاً في الجيش دخلوا دورة عسكرية شارفت على الانتهاء، فالتوثيق ليست مهنتي ولا مطلباً لنصي، أنا أقدم متخيلاً حكائياً".
وأكد رضوان أن رقابة التصدير "وبعد كل ما حذف، طالبت بحذف عشرين مشهداً واستجبنا لطلبها مرغمين، أما الرقابة الأنكى فكانت رقابة العرض السوري التي دفعت بقائمة محذوفات أخرى جعلت من عرضه على القناة الفضائية نكتة تستحق الضحك، بعد كل الذي قلته أجيب عن السؤال: الرقابة لم تمنع العمل بل حاولت أن تجعله كسيحاً".
وعن سبب عرض العمل كاملا على قناة "الدنيا" السورية الخاصة في وقت حذفت فيه الفضائية السورية عددا كبيرا من المشاهد قال رضوان "هناك أسباب عدة لذلك، أولها أن الجهات الوصائية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لا يحكمها ناظم للعمل، فكل لجنة تخضع للشرط الفكري لأعضائها، هناك من وجد في النص اختراقاً لتابو رقابي سوف يجعل هيئة الرقابة في حال الموافقة على تصوير المسلسل قلقة على مناصبها، هناك من اعتبر أن تشريح مرحلة ما بطريقة تحليلية شكل من أشكال الجرأة التي تقترب من التهور، وهناك من لا يقبل تغيير الشرط الكتابي الذي تربى على قراءته ومشاهدته على مدار عقود".
وأضف "الجديد يحتاج إلى عقلية قادرة على تحديث نفسها، إلا أن الرقباء الموجودين في التلفزيون السوري لا يزالون في عصر ولت أدواته، فلم يستوعبوا أو لا يريدون استيعاب الشروط الجديدة التي أفرزها العالم بأسره فيما يتعلق بأن الفكرة صار من الصعب مصادرتها".
وقال إنه كان يراهن على العمل، ويضيف "مادمت أراهن فأنا معرض للخسارة قبل الربح لأن شارع التلقي اليوم كسر لعبة المقامرات، إذ لم تعد معادلة النص الجيد والمخرج الجيد والممثلين والفنيين الجيدين صالحة لاستقراء النتيجة، فكثير من الأعمال التي لا تحوز على أي من هذه الشروط حققت نجاحاً لافتاً والعكس وارد، لذلك لم أكن أتوقع بل كنت واثقاً بذهنية المشاهد السوري أولاً والعربي ثانياً، وقد كانت ثقتي بمحلها".
ويؤكد بعض النقاد أن سبب نجاح مسلسل "لعنة الطين" يعود إلى كونه العمل الأول الذي تحدث عن فترة الثمانينيات في سوريا.
غير أن رضوان يوضح "من باب الأمانة التوثيقة" أن المسلسل ليس أول من دخل مرحلة الثمانينيات، مشيراً إلى أن هناك عمل لخالد خليفة بعنوان "زمن الخوف" حكاياته مؤطرة بذلك الزمن.
ويضيف "لا أرى أن نجاح العمل مرتبط بحالة المرة الأولى بل أعزوه لأسباب أخرى قد يكون أولها دخول المرحلة من عنوانها العريض (الحصار) وهذا ما حقق شداً جماهيرياً يريد قراءة لتلك المرحلة من وجهة نظر درامية".
ويتابع "لعل السبب الثاني هو تنوع المناخات الجغرافية وما يتبعها من تنوع في اللهجات والمشارب الفكرية والاجتماعية واقتراب البنية النصية من محظورات كنا نعتقد أن دخولها مستحيل، إلا أنني اكتشفت أننا نكتب تحت الهامش المسموح به بكيلو مترات وهوّلنا حالة الخوف التي هي المشكل الأساس في شخصية مواطن دول العالم الثالث، وابتعدنا عن الاستراتيجي في الكتابة واكتفينا بالمطلب اليومي ما جعل الدراما رتيبة وموضوعاتها متشابهة".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية