كما ترفل المدن الجميلة وتزدهى بروائع الحلل وتتباهى على غيرها بروعة الأبداع الفنى ، فعلتها باريس ، فعلت مالم تفعله سائر المدن فى كل أنحاء المعمورة مجتمعة ، فباريس هى عاصمة النور والثقافة والفكر ، المدينة الحلم التى تشع ألقاً ومجداً فى كل مجالات التنوير قامت مؤخراً بإزاحة الستار عن ميدان حمل اسم الشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش (1941 ـ 2008م) .
وكما حمل الميدان ـ القريب من الضفة المقابلة لمتحف اللوفر على نهر السين ـ على قاعدته أشعاراً لمحمود درويش ( نحب الحياة إذا مااستطعنا إليها سبيلاً ) حملت محطات المترو فى نفس الوقت بعض أشعاره ، يالها من روعة أن تحتفى المدن الجميلة بالشعراء العظام ، ولأن زامر الحى لا يطرب فلم يفعل أحد من بنى العروبة امراً كهذا ، بل وحظيت أعمال محمود درويش بإهتمامات عدة تليق بمقامه الشعرى عبر رحلة نضاله ..
محمود درويش الذى كان ينعش كلما مررنا بمحنة ذكرنا بشعر يتوهج فى النفوس والأعماق ويلهب فى روحنا عناصر المقاومة ضد الطغاة والبغاة وأعداء الحياة بزلازل وبراكين لا تكف حممها عن ايقاظنا من سباتنا الذى طال وامتدت فروعه طاغية فأغلقت مآقينا ..
محمود درويش نوارة الشعر والزهر والزهو الفلسطينى الذى تألق وتسامى وزاد وهجه وألقه ليثبت بجدارة منقطعة النظير مكانة لا يمسسها ضير ، لأنه شاعر قضية حملها على الدوم فى ضميره ووجدانه فكان مقداماً مغامراً مقاوماً لآخر مدى..
لاشك أن الميدان سيزيد توهجاً وسيزداد رحابة ويعج بالمئات بل بالألوف ممن سيسعون للوقوف ولو برهة فى ميدان درويش بالعاصمة الفرنسية التى أحبت الشاعر كما أحبها ، وسيعلو نجم الميدان لأنه حمل اسم عاشق من فلسطين ..
وهكذا تحتفى المدن الكبيرة بالشعراء الكبار ، احتفت باريس بمحمود درويش وغاب عن بنى جلدته فى المدن العربية أن يحتفوا باطلاق اسمه على ميدان رحب أو على شارع من شوارعها ، لم يحدث ذلك بالطبع سوى فى بلدته بالوطن الفلسطينى على الرغم من سناكى جنود الإحتلال وبنادقهم ودباباتهم وحصارهم الذى لم ينتهى ..
إن أمثال محمود درويش يسكنون فى المآقى كما يسكنون فى الأفئدة وكما يسكنون فى المشاعر لذا فهم لا يموتون بل يموت كل أعداء الحياة بلا أدنى ذكر لهم سوى أن بوابات التاريخ الزرى تلقى بهم فى مزابل الخزى والعهر إلى مغارة النسيان..
ـــــــــــــــــــــــــــ
بورسعيد
مصر
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية