لا شك أن مدينة الزرقاء هي المدينة الثامنة من مدن العجائب فهي مدينة السينما رغم انه لا يوجد بها صناعة سينمائية و لا حتى سينمات أو استوديوهات, رغم ان بها العديد من الإبطال الاكشن و أصحاب الحركات الجرئيه و القاتلة.
وهي مدينة السينما بحق لوجود عدد لا متناهي من الأفلام التي تباع بسعر اقل من سعر الفجل والخس في ارجاءها , ثم لوجود العديد من القصص و الحوادث التي تسحق أن تصبح أفلام و مسلسلات , لدرجة أن من يسكن في الزرقاء ينطبق عليه العبارة المعروفة ( مش حتقدر تغمض عنيك ولا حتى اذنيك ).
فقصصنا في الزرقاء لا تنتهي وهي بسهوله تجاوزت عدد قصص (ألف ليله وليله )فقبل أيام عثرت بالصدفة على فيلم هندي كسر الدنيا سبق أن سمعت عنة عبر عدد من محطات التلفزه الفضائية وخصوصا قناة زي الفضائية الهندية و رغم انه لم يعرض رسميا في اغلب بلدان العالم غير انه في مدينة السينما ( الزرقاء ) يمكنك الحصول على نسخة ( سي دي ) من هذا الفلم التحفة بربع دينار لا غير من اغلب البسطات المنتشرة قريبا من سينما النصر (سابقا ) والمدخل الجنوبي .
اذا الزرقاء تشجع الصناعة السينمائية ولكن على طريقتها الخاصة رغم انه لم يبقى فيها أي سينما و مسرح منذ ما يقارب العشرون عاما , قصتي مع الأفلام الهندية ليست بالجديدة فقد كان فيلم ( قمر اكبر انطوني ) أخرى ما شاهدته من أفلام في سينما الحمراء قبل 20 عاما بالتمام والكمال وبعدها انقطعت العلاقة حتى ظهرت محطة زي أفلام وتلك القناة التي تكشف - لمن يتابعها - عن مدى براعة السينما الهندية وتأثير العادات الاسلاميه واللغة العربية على الهنود و لغتهم الأم ( الأوردو ) رغم استعمارهم لعشرات السنوات من قبل الانكليز ألا أنهم بطريقة ما احترموا اللغة العربية ولم يعمدوا مثل الأتراك للتخلص من مفردتها العربية و بل أنهم - أي الهنود - ما زالوا حتى الساعة يستخدمون كلمات عربيه بل عربية فصيحة , فيكفي للتدليل على ذلك انك من خلال مشاهدة أي فيلم هندي واحد تكتشف استخدام أكثر من خمسون كلمه عربية , نعود للفيلم أبو بربع دينار , الفيلم المقصود هو فيلم ( اسم خان ) أو" "My Name Is Khan
هذا الفيلم و ليست هنا - أقوم بالترويج له رغم أن يستحق - علامة فارقة في تاريخ السينما الهندية و علاقتها مع المسلمين , فالمعروف أن السينما الهندية ونتيجة علاقتها السيئة مع جارتها المسلمة - الباكستان - قدمت الكثير من الأفلام التي تتحدث عن علاقة الإسلام بالإرهاب بل اخذت السينما الهندية مسار الأفلام الامريكيه بنظرتها غير المنصفة تجاه المسلمون وهكذا يمكن القول إن فيلم "اسمي خان" وضع حجر الأساس لسينما هندية تسلك طريقا مغايرا عن المعتاد ابتدأ من فلم ( جودا اكبر ) الذي قدم نظره فيها بعض الأنصاف للمغول المسلمين الذين حكموا الهند ثم جاء هذا الفلم الاجتماعي والخالي من المبالغة و حش الرقاب فلا نرى فيه البطل الذي يطحن الأعداء وهو مازال يعلب ( الشدة ) ولكنه فيلم ملئ بالأفكار الغنية والأسئلة عن قدرة الإنسان الحقيقية لتخطي الصعاب و الدفاع عما يؤمن به .
قصه الفيلم بسيطة و مؤثرة وجميله حيث تدور حول الشاب الهندي المسلم والذي يعيش في أمريكا ( رزفان خان) المصاب بمرض نفسي يدعى متلازمة أسبيرغر (يقوم بدوره شاروخ خان ) و المتزوج من فتاه هندوسية حيث تنقلب حياه تلك العائلة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ثم حرب العراق وأفغانستان بسبب المعاملة العنصرية والسيئة التي تتعرض لها تلك العائلة بسبب اسمها المسلم ( خان ) , ثم يقتل ابن تلك العائلة ( سمير ) لأسباب عنصريه بحتة فتصاب والدته "مانديرا" بنوبة عصبية تفرّق بينها وبين زوجها لكونها ترى أنه السبب الرئيس في مقتل ابنها كونة مسلم.
ثم تطلب الزوجة "مانديرا" من زوجها مغادرة المنزل، فيسألها بكل براءة: "متى يمكنني أن أعود؟" لتفاجأ هي بالسؤال وتستهزئ منه بالقول إن بإمكانه العودة عندما يخبر الجميع بمن فيهم الرئيس الأمريكي بأن "اسمه خان وأنه ليس إرهابيا"
يأخذ ( رزفان خان ) هذا الأمر على محمل الجد، ويجوب أرجاء الولايات المتحدة للقاء الرئيس بوش فيفشل عشرات المرات لأسباب وأحداث مختلفة غير انه مع المثابرة ينجح في النهاية في مقابلة الرئيس الجديد باراك أوباما كي يخبره أن اسمه خان وانه مسلم وليس إرهابيا.
ربما تكون قصة الفيلم سطحية كما يعتقد البعض غير أن حسن الأداء المتميز والحوار المترابط والمقنع و المشاهد الانسانيه يتم طرح قصة عالم المسلمين كاملا والذي يعاني من عنصرية البعض والمحاربة من قبل البعض نتيجة عدم الفهم , هذا الفلم قدم جانبا عاطفيا إنسانيا للإسلام كدين لا يدعو للعنف بل للرحمة والتفاهم.
والفلم من الأفلام العائلية حيث لا يوجد بة أي مشاهد معيبة أو مخزية أو خادشه للحياء مثل اغلب الأفلام المصرية و التي تعرض البضاعة الفاسدة من جنس وسلوكيات محرمة و شاذة , بل والتهجم على الإسلام تحت ستار الكوميديا و الترويج لأفكار هدامة و منحله و التي تملا أيضا تلك البسطات في مدينة السينما .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية