وقع الكاتب فايز ابو شمالة في أخطاء كبيرة إن أمكن القول في مقاله عن 
اليسار 
الفلسطيني , و لهذا اقتضى التنويه . أولا الطبيب و أستاذ الجامعة ليسا 
برجوازيين حتى لو لبسوا ملابس فاخرة فاللباس ليس هو أساس التعريف الطبقي 
و لا 
حتى طبيعة العمل الذي يقوم به الشخص : فكري أم يدوي , بل بالتعريف 
البرجوازي هو 
شخص يعيش و يغتني من عمل الآخرين , من استثمار أو استغلال عمل الآخرين , 
و هناك 
أنواع للبرجوازية , صناعية , تجارية و بيروقراطية , الأخيرة تشكل أعلى 
الهرم في 
مؤسسات سياسية و اقتصادية معينة و هذه لا تستغل فقط عمل البشر المنتمين 
لهذه 
المؤسسات بل و حتى قضاياهم كما في حالة الشعوب المقهورة , يجب هنا 
التساؤل 
بجدية عما إذا كانت البرجوازية هي بالفعل جزء من الشعب الفلسطيني الذي 
يواجه 
مصير التهجير و الظلم المضاعف , لنذكر مثلا أن الفلاح الفلسطيني قبل 
النكبة كان 
مستغلا بشكل مضاعف من الإقطاعي الفلسطيني و من ثم من الصهيوني , لنذكر 
أيضا أن 
الإقطاعي الفلسطيني كان يشكل القيادة التقليدية للشعب الفلسطيني , و لنكن 
منصفين فمن التبسيط اتهام الإقطاعي الفلسطيني بأنه من باع الأرض 
الفلسطينية أو 
أنه كان ببساطة قياديا فاشلا , لكن من المؤكد أنه كان يريد حل القضية مع 
الحفاظ 
على امتيازاتها الطبقية و أنه كان يشعر بقرابة طبقية مع الأنظمة العربية 
و لذلك كان يخضع النضال الفلسطيني لضرورات تلك القرابة كما جرى عندما 
أوقف ثورة 36 بناءا على طلب من الحكومات العربية , و لنذكر ايضا أن 
التخلف السياسي الفادح بل و المعرفي و الفقر المدقع للفلاح الفلسطيني 
كانا من أكبر حلفاء المشروع الصهيوني يومها مع غياب الرؤية الاستراتيجية 
للفلاح الفلسطيني عن طبيعة الصراع , تذكروا هنا البشر في شرقنا عندما 
كانت السلطة السياسية ( الزمانية ) و الدينية ( المؤسسة الدينية ) و 
العسكر قد أوهموهم أنهم يشكلون الدولة الحامية لهم في الشرق لكن عندما 
تقدمت جحافل المغول و الصليبيين تركوا لسيوف الأخيرين دون مقاومة بعد أن 
تبين أن المرتزقة الذين شكلوا جيوش السلطة يومها لم يكونوا على استعداد 
للمغامرة برؤوسهم في سبيل الناس , لنعد إلى البرجوازية الفلسطينية التي 
أقول أنه إذا كان الإقطاع الفلسطيني يومها يملك الأرض التي يجب الاستيلاء 
عليها و البشر الذين يجب تهجيرهم أو ذبحهم كان عقبة طبيعية في وجه 
المشروع الصهيوني فإن البرجوازية اليوم تقترب من أن تصبح تاجرا لا يجد 
سوى القضية نفسها لتسترزق بها , و إن تبعيتها المتزايدة لرأس المال 
العالمي الحليف الأقوى للمشروع الصهيوني و للبرجوازيات العربية الحاكمة 
يجعل منها قوة مساومة أولا , على الأقل هذه نظرية جدية تستحق التأني و 
النقد أيضا بالضرورة لكنه جزء من النقد الذي يجب أن يمارسه كل فلسطيني , 
و خاصة مهمش و مقهور , لفهم واقعه و تغييره , من المؤكد أن قسم هام من 
اليسار مارس و يمارس النتهازية كما فعلت و تفعل النخبة عموما , و 
الانتهازية تخضع الناس لمن يدفع , سابقا بعض الأنظمة القومية أو 
البتروقوميجيين و الان البترودورلار و المحسنين الأوروبيين , هذا يستحق 
الإدانة بالتأكيد , لكن جزءا من اليسار أيضا مثل جزءا من الحركة المجهضة 
للشارع الفلسطيني المقهور , أذكر هنا أم سعد غسان كنفاني , هذا هو التراث 
الذي يجب أن نعود إليه و نطوره باتجاه تحويل اليسار إلى جزء من حركة هذا 
الشارع لفهم الواقع و تغييره و مقاومة القوى التي تقهر البشر , ملاحظة 
أخيرة عن اتهام الكاتب لليسار المصري بالنتهازية بسبب اصوله اليهودية , 
يعني الكاتب لم يسنع عن انتهازي عربي واحد ؟ و كل هؤلاء المسؤولين العرب 
و حتى الفلسطينيين , يساريين و يمنيين , ليسوا انتهازيين ؟ هل هذه تبرئة 
أم مجرد مبالغة ليست في محلها بالتأكيد ؟ 
					
				
						
								
								
								
								
								
								
								
								
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية