أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

طبيب يستعيد تفاصيل وفاة توأم سيامي بسبب الحصار وتعنت النظام في إخراجهما للعلاج

قوات النظام وضعت على باب غرفة الطفلين في المشفى مفرزة أمنية

رغم مرور 5 سنوات على قصة الطفلين السياميين "نورس" و"معاذ" اللذين توفيا نتيجة تعنت النظام في إخراجهما لإجراء عملية فصل لهما، إلا أن هذه القصة لا تزال توخز ذاكرة الطبيب والناشط الإنساني "محمد كتوب" الذي كان شاهداً عليها ومتابعاً لكل تفاصيلها المؤلمة، ولكنها لم تستطع أن توخز ضمير العالم الذي وقف صامتاً حيال هذه الجريمة كغيرها من آلاف الجرائم ارتكبها النظام بحق الشعب السوري.

أواخر تموز يوليو/2016 اتصل طبيب يدعى "بكر" بـ"كتوب" ليخبره أن هناك ولادة لتوأم سيامي ملتصق من تامور القلب وأن تحاليلهم وصورهم وفحوصاتهم أبدت نتائج مطمئنة حتى أن الطفلين الملتصقين رضعا من أمهما -كما يقول كتوب- لـ"زمان الوصل" منذ ساعات ولادتهما الأولى، وتم تخريجهما إلى المنزل مع والدتهما بعد 24 ساعة من الولادة فقط، وكان يتساءل بينه وبين نفسه من سيمانع إنقاذ توأم سيامي من الحصار؟

ويروي د. كتوب أنه بدأ مع مجموعة من الأطباء والناشطين حينها بالتواصل مع مكتب منظمة الصحة العالمية في دمشق والهلال الأحمر السوري الذين كانوا يكتفون بإعطاء الوعود فقط.

وتابع المصدر أنه قام حينها بإرسال إيميلات عدة إلى الأمم المتحدة ومكتب منظمته "سامز- المنظمة السورية الأمريكية" في واشنطن وإلى مسؤولين أميين عدة، وعدة سفارات وقنصليات مع صورتين أرسلهما صديقه "بكر" على "واتساب".

ومرت أيام ثقيلة على أهل الطفلين والكادر الطبي دون نتيجة ولم يكن الأمر مفهوماً –حسب قوله- فهم لا يتحدثون عن دخول مواد طبية أو أي إغاثة بل عن طفلين وليدين بحالة صحية تحتاج إلى تدخل جراحي وعلاجي غير متوفر في سوريا.

وكان على د. كتوب أن يقوم مع زملائه بحملة عالمية لإخراج الطفلين وبالفعل بعد أن دوّن تغريدة على حسابه في "تويتر" انهالت عشرات الاتصالات من منظمات إنسانية وأشخاص يعرضون المساعدة، وفيما تعهدت قنصليات دول مجاورة بتأمين طيران مباشر على طائرة إخلاء صحي إلى دولها في حال وصل الطفلان لبيروت من بينها الولايات المتحدة والسعودية، عرضت دول أخرى وثيقة سفر لتسهيل وصول الأطفال إلى أي دولة كفرنسا.

وروى الطبيب الذي يقيم في تركيا أن طبيباً برتغالياً مشهوراً جداً في هذا النوع من العمليات، ولم يكن يعرف عن أي شيء في سوريا، لم يصدق أن الحكومة التي لديها مقعد في الأمم المتحدة تمنع خروج توأم سيامي ليتم فصله. عرض بدوره التبرع بإجراء العمل الجراحي للطفلين مجاناً.

وكانت الصدمة -كما يقول المصدر- أن الهلال الأحمر نقل "نورس" و"معاذ" إلى مشفى "هشام سنان" الخاص، وتذرعوا لمنظمة الصحة العالمية بعدم وجود أسرّة في مشفى الأطفال لاستقبالهم، وكان الطفلان ينقلان يومياً إلى مشفى الأطفال لإجراء الفحوصات.

وكشف د. كتوب أن قوات النظام وضعت على باب غرفة الطفلين في المشفى مفرزة أمنية، ومنعت دخول أي شخص، وكان النظام يتحجج للأمم المتحدة أن هذه الإجراءات لحمايتهم، وكان الطفلان بحالة جيدة حيث يرضعان من والدتهما بشهية واستمرت الحملة -كما يقول- بخصوص ضرورة إخراجهما وتذرع النظام بأن إصدار جوازات سفر يحتاج لأيام رغم أن أي جواز لا يستغرق إلا ساعات قليلة ليصدر.

وكان الملاحظ كما يقول د. كتوب تعمد عدم إخراج التوأم السيامي رغم كل الضغط الدولي والإعلامي لكي لا تفضح وسائل الإعلام العالمي دولة الممانعة والصمود التي كانت تحاصر مليوناً في عدة مناطق آنذاك، ولا يريد لقصة "نورس" و"معاذ" أن تشكل مزيداً من الضغط.

يوم 21 آب أغسطس/2016 منعت قوات النظام أي أحد من زيارة الطفلين بما فيهم الأم ومنعوها حتى من إرضاعهما.

وتابع محدثنا أنه تلقى صباح 24 آب أغسطس/2016 اتصالاً من صديق في الهلال الأحمر يخبره فيه أن الطفلين "نورس" و"معاذ" توفيا، وكان من الواضح -كما يقول- أن الطفلين قتلا، واستند د. كتوب إلى ما كتبته د . آني سبارو، وهي طبيبة أطفال ومدرسة بإحدى جامعات نيويورك، وأحد قياديي العمل الإنساني حول العالم، حيث نفت في مقال لها أن يكون الطفلان توفيا وفاة طبيعية، مضيفة أنه غالباً مثل هذه الحالات تعيش حتى ولو لم يتم فصلها، وخاصة أن التحليلات الطبية التي أجريت في الغوطة كانت سليمة وكذلك الصور الشعاعية التي أخذت لهما في دمشق، ورجّحت د. سبارو أن يكون أحد أطباء النظام تبرع لإجراء العملية كتجربة إذ لم يسبق أن أجريت عملية كهذه في سوريا.

وكشف المصدر أن النظام رفض أن يعيد الطفلين إلى الغوطة ليدفنا فيها، بل قام بدفنهم في مقبرة نجها بسرية تامة، وبقيت والدتهما ثلاثة أيام في دمشق إلى أن تم الدفن.

والأنكى من ذلك -كما يقول محدثنا- أن الهلال الأحمر السوري التابع للنظام أصدر بياناً مضللاً للحقيقة ويتبنى رواية النظام بخصوص ما جرى للطفلين مدعياً أن الكادر الصحي في الغوطة عرقل ورفض في البداية إخراج الطفلين.

وزعم تقرير الهلال الأحمر أن قلب أحد الطفلين توقف وأدى ذلك إلى توقف القلب الثاني لأن للقلبين غشاء واحداً، والنقطة الثانية تلك المتعلقة بإخراج جوازات سفر للطفلين وفي هذه النقطة استخدم النظام حجة أن إصدار الجوازات يأخذ وقتاً يمتد لعدة أيام وهذا غير صحيح فأي جواز سفر لا يستغرق إصداره ساعات قليلة.

وتعتبر التوائم السيامية ظاهرة نادرة، يقدر حدوثها 1 لكل 49 ألف ولادة، والنسبة الأعلى حدوثاً في جنوب شرق آسيا وإفريقيا والبرازيل، ومعدل بقاء التوائم على قيد الحياة 25%.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(196)    هل أعجبتك المقالة (123)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي