محامٍ بارز، علامته الفارقة الدفاع عن حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي، شرسٌ وبارعٌ في مرافعاته، يبعث الطمأنينة والثبات في نفوس موكليه المعتقلين،
والهيبة في نفوس أعضاء محكمة الموت في سوريا (محكمة أمن الدولة العليا).
اتهمه الشيوعي بالعمالة للغرب، والأخواني بالكفر، والنظام بدعم الإرهاب، والإرهابي بالنصراني الزنديق، واتهمه السياسي بالحياد، والرمادي بالتعصب الثوري إلا أن تهمته الوحيدة كانت الدفاع عن معتقلي الرأي وحقوق الإنسان. لم يتردد في الاستقالة من الحزب الشيوعي السوري ليصبح بذلك بعيداً عن الإملاءات الحزبية ومستقلاً بقراره في الدفاع عن حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي.
ترافع عن الشيوعي والناصري الأخواني والبعثي، لم تثنه نسبة التليف الرئوي بنسبة 60 بالمئة ونصائح الأطباء عن متابعة رسالته في الدفاع عن حقوق الإنسان فانتهى به المطاف إلى ما وراء القضبان.
المحامي "خليل معتوق" المولود عام 1959 في بلدة "المشيرفة" التابعة لمنطقة "تلكلخ" في محافظة حمص، نال الإجازة في الحقوق من جامعة دمشق، وبرز في مهنة المحاماة، لكنه اشتهر بفضل نشاطه الكبير في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ومعتقلي الرأي عمل عام 2004 في منظمة العفو الدولية في إيران كمراقب، وكان رئيساً للمركز السوري للدفاع عن حرية الرأي، ثم مديراً للمركز السوري للدراسات والبحوث القانونية، الأمر الذي تسبب له بالكثير من المضايقات والضغوطات من قبل أجهزة أمن النظام السوري التي فرضت عليه حظر سفر منذ عام 2005 حتى 2011.
*محامي السوريين المضطهدين
أمضى خليل المعتوق 20 عاماً من عمره سخرها وفاءً لرسالته الإنسانية في الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا فدافع عن الناشطين الأكراد في انتفاضة عام 2004، وعن معتقلي إعلان دمشق بيروت عام 2006 ومنهم "ميشيل كيلو ومشعل تموو وأنور البني".
وقبل عامين من اندلاع الثورة الشعبية السورية عام 2011، تطوع للدفاع عن (طل الملوحي) تلك الفتاة القاصر التي شغلت قضيتها الرأي العام السوري والعالمي والتي لفق لها النظام تهمة التجسس لحساب دولة معادية وحكم عليها قضاؤه التابع بالحبس لمدة خمس سنوات.
وبعد اندلاع الثورة السورية تابع المحامي خليل معتوق معركته المبدئية بالدفاع عن المتظاهرين والناشطين الذين حصدتهم أجهزة الأمن، فكان مكتبه قبلة أهالي المعتقلين حتى بات يشكل ظاهرةً جريئةً في التطوع للدفاع عن المعتقلين الأمر الذي أزعج النظام، فكان لا بد من وقف تمدد هذه الظاهرة.
*المغيّب قسرياً
في مثل هذا الأيام وفي صبيحة 20/10/2012 كان المحامي "خليل معتوق" متجهاً بسيارته رفقة مساعده "محمد ظاظا" من منزله في صحنايا إلى مكتب في دمشق حين استوقفه أحد حواجز النظام ليقوم مدنيون مسلحون على الفور باعتقاله مع مساعده واقتيادهما إلى جهة مجهولة، ولم يعرف عنهما شيء من حينها وسط نفي السلطات السورية باعتقالهما كعادتها، ورمي التهمة على العصابات الإرهابية كما دأبت على ذلك بعد اندلاع الثورة السورية، وليخبر معتقلون خرجوا من السجن بعد ذلك أنهم رأوه في الفرع (285) التابع لأمن الدولة، وأنه شوهد آخر مرة في الفرع (235) المعروف بفرع "فلسطين" التابع للأمن العسكري، حيث كانت حالته الصحية سيئة جداً حتى ترددت أخبار عن استشهاده داخل معتقلات النظام، الأمر الذي حدا بابنته "رنيم" الطالبة في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق إلى إيصال خبر اعتقاله إلى العديد من المنابر الإعلامية والحقوقية العربية والعالمية التي نددت باعتقاله ودعت للإفراج عنه، كما منحته (منظمة محامون من أجل المحامين) الهولندية جائزة المركز الثاني لنشاطه في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وهو داخل سجنه. وكان ردّ سلطات النظام أن اعتقلت "رنيم" ولم تطلق سراحها إلا بعد شهرين لمجرد سعيها لمعرفة مصير والدها.
وعلى الرغم من مرور حوالي 8 سنوات على اعتقال المحامي "خليل معتوق"، وبالرغم من نفي صديقه المقرب وزميله "ميشيل شماس" خبر وفاته وبأنه مازال حياً محتجزاً في سجن "صيدنايا" الذي وصفته تقارير حقوقية بـ"المسلخ البشري"، حيث يقضي فيه يومياً المئات من المعتقلين تحت التعذيب أو بسبب الظروف الصحية السيئة، إلا أن سلطات النظام لم تفرج عنه حتى الآن.
محامي المضطهدين "خليل معتوق" بين صيدنايا وشائعات الموت
سليمان النحيلي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية