قلص نظام الأسد "مخصصات" الطعام اليومية لكل عسكري يخدم في جيشه، بشكل اعتبره موالون مهينا ويبعث رسالة إذلال جديدة للجيش الذي "ضحى" في سبيل تثبت بشار على كرسيه، ودفع أثمان ذلك مئات الآلاف من القتلى والمعطوبين والمفقودين.
فقد أصدرت "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة" قرارا بتخفيض مخصصات العسكري اليومية من من الطعام، لتصبح بواقع ربطة خبز لكل 3 عساكر، مع إلغاء تقديم مادتي الرز واللبنة نهائيا، حسب ما نقلت صفحات موالية خلال الساعات الأخيرة، متذرعة بأن القرار جاء على خلفية "الظروف الراهنة التي تمر بها سوريا"، في إشارة واضحة إلى قانون العقوبات الأمريكية المشددة، الموسوم باسم "قيصر".

وليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها النظام لتقليص "مخصصات" إطعام من يخدمون من جيشه، فقد فعل ذلك مرارا من قبل، وكان آخرها قبل أشهر عندما خفض مخصصات العسكري من الفروج (الدجاج) لتصبح مرتين في الشهر بدل 4 مرات، مع اشتراط "توفر الدجاج" في السوق، وإلا فإن هذه الحصة لن تصل للعسكري.
وعبر عقود من حكم آل الأسد، كان إطعام الجيش يمثل إشكالية كبيرة، نظرا لتدنيه من حيث الكم والمواصفات، وكونه ملعبا لصفقات فسساد عريضة درت مليارات كثيرة على مختلف الأطراف المنخرطة في هذه العملية، بدءا من القيادة الأعلى للجيش وانتهاء بالمجند الذي يتولى طبخ أو توزيع الطعام في أي قطعة عسكرية.
وخلال السنوات الأخيرة بالذات تدهورت سوية إطعام عساكر جيش النظام أكثر مما كانت عليه في أي وقت، ما دفع الكثيرين لرفع صوتهم احتجاجا على ما يلحق بطعامهم من تقتير، وما يلفه من "تعتير" جعله في بعض المرات لايصلح علفا للحيوانات، رغم ما يبذلونه من جهد و"تضحيات"، بينما يرتع المسؤولون في مكاتبهم وقصورهم منتقين أطايب الطعام، عاكسين تناقضا فاقعا بين المشهدين.
وتبدو أوامر بشار الأسد لتقليص حصة العسكري من الطعام، في سياق حملة أوسع لشد الأحزمة إلى حد خنق الناس كليا، بحجة قانون "قيصر" رغم أن هذا القانون يستثني الأغذية والأدوية من أي إجراءات عقابية.
فقد أصدرت حكومة النظام مؤخرا قرارا يقضي برفع أسعار مادتي السكر والرز المقننتين (الموزعتين على البطاقة الذكية) ليصبح كيلو السكر بـ800 ليرة، بدل 350 ليرة، وكيلو الرز الواحد بـ900 ليرة بدل 400 ليرة، وهو ما وصفه مراقبون بأنه "قيصر الأسد" أي قانون عقوبات أسدي يطبق على السوريين الواقعين تحت حكمه، بذريعة كاذبة تضع قانون "قيصر" الأمريكي في الواجهة، وهكذا يضرب بشار أكثر من عصفور بحجر واحد.
فمن جهة يرمي كل تداعيات جرائمه وسرقاته على الأمريكيين وقانون "قيصر"، ومن جهة يوحي عبر تقليص حصص الإطعام ورفع أسعار الغذاء بشكل جنوني أن القانون أصاب نظامه المتوحش في مقتل، ومن جهة ثالثة يستدر مليارات المجتمع الدولي، ويتسولها باستثمار بشع لمعاناة السوريين، الذين لم يذلهم ولم يجوعهم نظام أكثر من نظام الأسد.
وفيما تؤكد شهادات كثيرة متقاطعة من الداخل السوري الخاضع لسلطة الأسد، أن الوضع بات جهنميا وكارثيا بكل معنى الكلمة، تحاول المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة جمع تبرعات بمليارات الدولارات، في سبيل مواجهة شبح مجاعة عامة وغير مسبوقة، سيعاني منها نحو 10 ملايين سوري، يعيشون فقرا مدقعا.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية