في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي بدأت قوات الأسد والميليشيات المساندة لها "الإيرانية واللبنانية والعراقية والأفغانية والفلسطينية" حملتها العسكرية الأخيرة بدعمٍ جوي روسي، وإسناد من فرق وقوات خاصة تابعة الجيش الروسي على مناطق متفرقة من ريف إدلب الشرقي والجنوبي وحلب الغربي والجنوبي.
وتمكنت تلك الميليشيات من السيطرة على 152 مدينة وبلدة وقرية بريفي إدلب الجنوبي والشرقي، أبرزها مدن "معرة النعمان"، "سراقب"، "كفرنبل"، و127 مدينة وبلدة وقرية وجمعية بأرياف حلب الجنوبية والغربية والشمالية أبرزها مدينتا "عندان" و"حريتان"، وناحية "الزربة"، وبلدات "عينجارة" و"أورم الكبرى" ومنطقة "الراشدين"، إضافةً للسيطرة على 25 بلدة وقرية في "سهل الغاب" و"جبل شحشبو" بريف حماة الغربي، أبرزها "جسر بيت الرأس" و"الحواش" و"العمقية" و"شير مغار".
وخلال الحملة العسكرية الأخيرة قُتل ما يزيد عن 689 مدنيا في محافظة "إدلب" وأرياف "حماة وحلب واللاذقية"، بينهم 223 طفلاً، و107 سيدات، كما جُرح أكثر من 1812 مدنيا، بينهم 447 طفلاً، و326 سيدة، وذلك بفعل الغارات الجوية (الروسية – السورية)، إضافةً لراجمات الصواريخ وقذائف المدفعية.
وأدت الحملة إلى تهجير أكثر من مليون و200 ألف نازح من جميع الأرياف إلى المناطق الحدودية مع تركيا والمخيمات ومناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" شمال شرق حلب.
وشنت الطائرات الحربية الروسية والطائرات الحربية والمروحية التابعة لقوات الأسد منذ بداية تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 وحتى الخامس من آذار/ مارس 2020 شنت ما يزيد عن 8652 غارة جوية بصواريخ فراغية وموجهة بالليزر، وصواريخ محملة بقنابل "عنقودية" محرمة دولياً، وبراميل وحاويات متفجرة وألغام بحرية، إضافةً لأكثر من 56620 قذيفة مدفعية، وصاروخ "غراد"، وقذيفة هاون، وصواريخ "أورغان" و"سميرتش" الروسية، وبعض قنابل "الفوسفور" المحرمة دولياً.
وتم تدمير جميع المدن والبلدات التي تم السيطرة عليها مؤخراً من قبل قوات الأسد والميليشيات المساندة لها تم تدمير البنى التحتية بداخلها كـ"المشافي والمراكز الصحية والمدارس والأفران ومحطات المياه والمجالس المحلية والخدمية ومراكز الدفاع المدني".
واستهدف النظام وحلفاؤه بشكلٍ متعمد فرق الإسعاف والسيارات الطبية لحظة إجلاء الضحايا نتيجة الغارات والصواريخ، وسيارات النازحين على الطريق الدولية "M4 – M5" والطريق الفرعية، ومراكز الإيواء وعدة مخيمات. وكان اعتماد روسيا في الحملة العسكرية الأخيرة في محورها الرئيسي الذي بدأت منه التقدم شرق جنوب إدلب على قوات "الفرقة 25 مهام خاصة" بقيادة العميد "سهيل الحسن" الملقب بـ"النمر"، ومحور آخر غرب وجنوب إدلب ومنطقة "أبو الظهور" شرق إدلب تقاسمته ميليشيات إيران وهم: "الحرس الثوري الإيراني" و"حزب الله اللبناني" و"لواء الرضوان" و"لواء فاطميون الأفغاني" و"حركة النجباء العراقية" و"لواء القدس الفلسطيني" و"الحرس الجمهوري" و"الفرقة الرابعة" التي زجت بكامل قواها معتمدةً على اللواء "42" وقوات "الغيث" بقيادة العميد الركن "غياث دلا"، و"الحرس الجمهوري".
*جرائم "الفرقة 25" وتعفيش المدن الرئيسية
زجت "الفرقة 25 مهام خاصة" بأكثر من 11 ألف مقاتل في الحملة العسكرية الأخيرة وتوزعت قواتها على ريفي إدلب الشرقي والجنوبي، حيث شاركت بجميع أفواجها التسعة وهم: (فوج "الهادي" بقيادة "باسل الأسمر"، وفوج "طه" بقيادة "علي طه"، وفوج "الطراميح" بقيادة "حيدر نعسان"، وفوج "البواسل" بقيادة "باسل محمد"، وفوج "الحوارث" بقيادة "أبو الحارث"، وفوج "الحيدر"، وفوح "هاشم"، وفوج "ذو الفقار"، وفوج "اليعرب" بقيادة أبو جعفر).
وكان رأس الحربة في العملية العسكرية الأخيرة للفرقة العميد "صالح العبدالله" الملقب "بالسبع" نائب العميد "سهل الحسن" وهو الذي كان المشرف الأول على إدارة غرف العمليات العسكرية، وينحدر العميد من قرية "طيبة" بريف طرطوس، إضافةً للعقيد "يونس محمد" وهو القائد العسكري الأول لأفواج الفرقة العاملة على الأرض، والمقدم "دريد عوض" مسؤول طاقم المدفعية والصواريخ في الفرقة، وله الصلاحيات الكاملة بتسيير جميع طواقم المشاة أيضاً على الأرض، والعقيد "رأفت كنعان" القائد العام "لفوج الهواشم" و"يوسف كنعان" القائد الميداني للفوج، والعقيد "رامي المواس" ضابط أمن الحملة ومسؤول التعفيش الأول في الفرقة، و"سومر الأشتر" قائد ألوية المشاة، و"علي طه" قائد فوج "طه".
*من أحرق جثمان المسن؟
خلال سيطرة الفرقة على مدينة "معرة النعمان" في 28 كانون الثاني/ يناير العام الحالي، والتي يبلغ عدد سكانها 85 ألف نسمة، ارتكب عناصر الفرقة عدة جرائم بحق مدنيين مُسنين من أبناء المدينة وكان أبرزها، إعدام الحاج "أحمد جفال" ووضع جثمانه في إطار بلاستيك وسكب البانزين عليه وحرقه بعد رميه بالرصاص في الحي الشمالي من المدينة، ويبلغ الحاج أحمد من العمر 68 عاماً وهو رجل "درويش" يعمل على جمع البلاستيك من مكبات القمامة لتأمين لقمة عيشه.
وحصلت "زمان الوصل" على اسم مرتكب الجريمة وهو "جعفر الحسين" وينحدر من بلدة "سلحب" غرب حماة، حيث ينضوي جعفر تحت فوج "البواسل" التابعة للفرقة، حيث نشر الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي في حسابه الشخصي على "فيس بوك" متفاخراً بجريمته. وحصلت "زمان الوصل" على صورة أخرى توضح عنصراً آخر من الفرقة يقف متفاخراً على جُثمان رجل مدني مُسن تم إعدامه خلال الحملة العسكرية الأخيرة، ويرجح أن الجريمة وقعت في مدينة "معرة النعمان"، حيث تم نشر الصورة في 6 نيسان/ أبريل العام الحالي.
وتمكنت "زمان الوصل" من معرفة هوية مرتكب الجريمة وهو "تركي البدور" عنصر ينضوي تحت فوج "الحيدر" التابع للفرقة، وينحدر من مدينة "مصياف" غرب حماة.
*قمة هرم التعفيش
رأس هرم التعفيش لدى الفرقة العقيد "رامي مواس" ضابط أمن "الفرقة 25 مهام خاصة، والذي ينحدر من قرية "رباح" بريف حمص والمقرب جداً من العميد "سهيل الحسن" والجنرالات الروس في قاعدة "حميميم" الجوية، و"ساري مخلوف" وهو أحد أبرز قيادات الفرقة، وينحدر من مدينة "القرداحة" مسقط رأس الأسد، ويعتبر "ساري" الرجل الثاني المسؤول عن التعفيش بعد العقيد رامي.
إلا أن الحملة العسكرية الأخيرة أظهرت وجوها جديدة على الساحة تعمل ضمن ملاك الفرقة في "التعفيش" وعلى رأسهم "أبو إسكندر الكوسا" القائد العسكري لفوج "اليعرب" التابع للفرقة وينحدر من محافظة "طرطوس".
وعلمت "زمان الوصل" أن "أبو إسكندر" كان المسؤول المباشر عن تعفيش مدينة "معرة النعمان" بشكلٍ كامل، وأجزاء من مدينة "كفرنبل" بالتنسيق مع العقيد "رامي".
ويحظى أبو إسكندر على علاقات قوية مع تجار السوق السوداء والذين غالبيتهم من المرتزقة الموالين للأسد ضمن مناطقه، حيث تم بيع كل أثاث المنازل التي تم تعفيشها من ريف إدلب ضمن الأسواق السوداء في كل من محافظات "طرطوس واللاذقية وحمص"، ومدن وبلدات "محردة والسقيلبية وسلحب عين الكرم والربيعة وشطحة ومصياف".
وبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب وما حولها في الخامس من آذار/ مارس العام الحالي، عملت الفرقة على تثبيت العشرات من المقرات العسكرية، إضافةً لعدد من غرف العمليات.
وأكد مصدر عسكري لـ"زمان الوصل" أن أكبر غرفتين للعمليات المنشأة مؤخراً في مدينة "معرة النعمان" وبلدة "معرشورين" جنوب إدلب، وتضم الغرفتين جميع الضباط الكبار في الفرقة من ضمنهم العميد "صالح العبدالله" والعقيد "يونس محمد" والمقدم "دريد عوض" ومعظم الضباط والقادة الذين تم ذكرهم ضمن التقرير.
القوات المساندة للفرقة 25 مع كل تقدم على الأرض للفرقة 25 مهام خاصة يكون هناك فرق مساندة لتثبيت نقاط في المكان الذي سيطرت عليه، حيث تستمر الفرقة في التقدم مؤمنةً على خطوطها الخلفية، وكانت هذه الفرق "الأولى والتاسعة والسابعة والفرقة 11 والفرقة 18" في جيش الأسد، وتعتبر جميع الفرق التي تم ذكرها قد شاركت بعمليات إسناد من طواقمها "المشاة والمدفعية"، إضافةً لظهور وجه جديد على رؤوس هرم "التعفيش" وهو العقيد "نزار علي فندي" قائد كتيبة الـ"103" في الفرقة التاسعة، وينحدر من قرية "دوير بعبدة" لمنطقة جبلة بريف اللاذقية، حيث إنه كان المسؤول عن اقتحام بلدتي "كفروما" و"حاس" بالقرب من مدينة "معرة النعمان" جنوب إدلب، وهو الذي استلم تعفيش البلدتين، إضافةً لتعفيش قسم من مدينتي "معرة النعمان" و"كفرنبل" جنوب إدلب، وذلك لمشاركة جزء من قواته في اقتحامها.
ويعتبر العقيد من مرتكبي الجرائم حيث شارك بالعديد من المجازر والاقتحامات وكان أولها في آذار مارس/2011 في بلدة "الصنمين" بريف درعا عند اجتياحها بعد توسع رقعة التظاهرات ضمن المدينة.
*محور إيران وشركائها
شارك "الحرس الثوري الإيراني" وجميع الميليشيات الموالية لإيران في سوريا من محور عسكري آخر ضمن الحملة العسكرية الأخيرة، حيث حشدت إيران وميليشياتها جميع قواتها على تخوم ريفي حلب الجنوبي والغربي، والقسم الشرقي لإدلب بالقرب من "مطار أبو الظهور العسكري"، وبلغ عدد المقاتلين المشاركين في الحملة التابعين للميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية والأفغانية والفلسطينية أكثر من 2000 مقاتل، نقلوا عبر فترات متعددة من منطقة "السيدة زينب" بريف دمشق، ومن ريف مطار "حلب الدولي"، ومن "مطار حماة العسكري"، ومن بلدة "التمانعة" وقرية "مغارة ميزا" بريف إدلب الجنوبي الشرقي، وبلدة "الحاضر" بريف حلب الجنوبي، إلى خطوط التماس الأولى ومشاركتهم بشكلٍ كبير في محورهم، حيث إن الميليشيات الإيرانية هي من بسطت سيطرتها على مدينة "سراقب" شرق إدلب وجميع مدن وقرى وبلدات ريفي حلب الجنوبي والغربي والشمالي.
وكان "الحرس الجمهوري" من المساندين الأوائل للمحور الإيراني، وشارك بعدة ألوية وكتائب وكان القادة المسؤولون عنهم ضمن الحملة العسكرية العميد "برهان رحمون" قائد اللواء "124"، والعميد "إسماعيل علي" قائد كتيبة "73"، والعقيد "مازن فراتي" الذين قُتلوا في الأسبوع الأخير قبل نهاية الحملة العسكرية، إثر غارة بطائرة مُسيرة تركية على غرفة عمليات تابعة للحرس في محيط بلدة "الزربة" جنوب حلب.
وكانت الفرقة "الرابعة" هي الذراع الأيمن للميليشيات الإيرانية في محورها العسكري، حيث زجت الفرقة بما يقارب الـ2500 مقاتل من اللواء "42"، واللواء "41" وقوات "الغيت" إضافةً لأكثر من 150 آلية عسكرية للفرقة من دبابات ومدرعات ومدافع ثقيلة ومتوسطة، وطاقم راجمات "جولان"، وكان المسؤول على العمليات العسكرية للفرقة ومسؤول غرفة العمليات المشتركة مع الميليشيات الإيرانية هو العقيد "غياث سليمان دلا" وينحدر من قرية "بيت ياشوط" ضمن منطقة جبلة بريف اللاذقية، والذي كان يشغل منصباً قائداً لقوات "الغيث" ليتم قبل عدة أسابيع ترقيته وتسليمه قيادة اللواء "42 دبابات".
الجدير بالذكر أن "الميليشيات الإيرانية" و"الفرقة الرابعة" و"حزب الله" و"الحرس الجمهوري" كان لهم دور في التعفيش ضمن محورهم، حيث تم توقيع عقود مع تجار في السوق السوداء ضمن المناطق ذات النفوذ الإيراني وتم بيعها بعد نقلها على عدة أسابيع عن طريق شاحنات وقاطرات، وتم نقل قسم كبير من أثاث المنازل إلى منطقة "السيدة زينب" في العاصمة دمشق.
محمد كركص - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية