يصف مراقبون اللواء "علي مملوك" بأنه رجل المخابرات "الجوكر" الذي يمكنه الركوب في كل القوافل مهما كانت وجهة تلك القوافل ومهما كان راكبوها طالما أنها تحقق مصلحة النظام، فعلاقته المتشعبة والمتداخلة مع مختلف أجهزة المخابرات العالمية هي بالدرجة الاولى لخدمة آل الأسد ليس إلا.
ويرى هؤلاء المراقبون أن هذه العلاقة تسهل كثيراً فهم قصة تسليم ساعة الجاسوس الإسرائيلي "إيلي كوهين" للدولة العبرية بعد بقائها مع استخبارات نظام الأسد أكثر من 50 عاماً منذ إعدام الجاسوس "كوهين" 1965 ولغاية العام 2018.
وحصلت "زمان الوصل" على معلومات هامة وحصرية من أحد المصادر من داخل شعبة المخابرات العسكرية حول المكان التي كانت حكومة النظام تحتفظ فيه بساعة "كوهين" وعن الطريقة التي تم بها تسليم الساعة إلى "إسرائيل".
المصدر، الذي ينتمي للطائفة العلوية، أكد أن الساعة كانت محفوظة لدى فرع الاستخبارات العسكرية الخارجي الذي يحمل الرقم (236)، والذي يتبع لشعبة المخابرات العسكرية، هذا الفرع يقع على أطراف حي "القابون" بجوار قيادة القوات الخاصة والأكاديمية العسكرية العليا.
وأضاف المصدر، الذي زودنا بالمعلومات بدافع سخطه على ما فعله النظام، فقال: "تم وضع هذه الساعة داخل الفرع 236 منذ سبعينيات القرن الماضي، هذا الفرع يعتبر من فروع المخابرات العسكرية السرية كون عمله ونشاطه يتركز خارج سوريا، ولذلك لم تأتِ على ذكره أي وسيلة إعلامية على الإطلاق طيلة السنوات الماضية".
وأوضح أن الساعة التي كان "كوهين" يرتديها قبل إعدامه كانت موجودة ومحفوظة داخل أرشيف الفرع وتحديداً في الطابق الثاني في الغرفة قبل الأخيرة من الطرف اليساري، حيث كانت محفوظة هناك داخل علبتين الخارجية خشبية والداخلية زجاجية ومدون عليها باللغتين الإنكليزية والعربية.
ويتألف الفرع (236) من طابقين عدا الأرضي، حيث الطابق الأول قاعات مخصصة لتدريب عناصر الاستخبارات الخارجية، والطابق الثاني يتواجد فيه ضباط الفرع والأرشيف والذاتية وغيرها).
وذكر المصدر أن معظم دورات ضباط أمن تشكيلات القوات المسلحة كانت تتم داخل هذا الفرع حيث قاعات التدريب في الطابق الأول، وذلك قبل افتتاح "المعهد الوطني للعلوم الأمنية"، مضيفا أن التدريب حالياً يقتصر على عناصر الاستخبارات العاملين في الخارج أي على تدريب عناصر الاستخبارات الخارجية فقط.
كما حصلت "زمان الوصل" ومن نفس المصدر على طريقة وصول الساعة إلى "إسرائيل"، حيث تعددت الروايات الإسرائيلية، إذ إن مسؤولي الكيان العبري شكروا جهاز الاستخبارات "موساد" على عمله الجبار والذي يوحي بأنها عملية استخبارية داخل سوريا، وأما زوجة "كوهين"، فقد أفادت بأنهم اشتروا الساعة بعد عرضها على الإنترنت من أحد الأشخاص، ولكن حسب مصدرنا، فإن الروايتين كلتيهما كاذبتان، فلا "موساد" استطاع تحصيلها بعملية خارقة، ولا هي عرضت على الإنترنت وتم شراؤها.
وكشف المصدر أنه "في شهر 22 نيسان/2018، حضر اللواء "محمد محلا" رئيس شعبة المخابرات العسكرية صباحاً وبشكل مفاجئ إلى بناء الفرع (236)، وتوجه مباشرة إلى الغرفة حيث وجود الساعة وحملها بيده وغادر مبنى الفرع مباشرة، وقد علمنا حينها أنه سوف يقوم بتسليمها للواء "علي مملوك" شخصياً، كما صرح هو أمام بعض الضباط.
وأضاف "بالنسبة لقيود الساعة داخل الفرع فقد تم تدوين عبارة (بعهدة رئيس الشعبة) في سجل موجودات الأرشيف، والذي يتم تجديده مع بداية كل عام ميلادي".
وأشار المصدر إلى أنه وبعد انتشار خبر تسليم الساعة إلى "إسرائيل" تداول عناصر الفرع 236 (المتطوعين القدامى) معلومات وأحاديث تفيد بأن مندوب الأسد لدى الأمم المتحدة "بشار الجعفري" له الدور الأساسي في تسليم الساعة لـ"إسرائيل"، ولكن دون معرفة معلومات تفصيلية عن مكان وزمان التسليم.
ونقل المصدر عن أحد كبار الضباط في الفرع قوله "إن سوريا الآن بحاجة إلى ملايين الدولارات أكثر من شوية حديد مصدِّي".
ولم تكن ساعة "كوهين" أولى الصفقات بين نظام الأسد والدولة العبرية، ولن تكون الأخيرة كما يبدو، فقد تم تسليم دبابة "إسرائيلية" كانت بحوزة سوريا وادعى النظام أن سوريا كانت قد أهدتها لروسيا في وقت سابق، كما تم تسليم رفات الجندي "زيخاريا باوميل" الذي قتل في معركة "السلطان يعقوب" 1982، والذي كان مدفوناً في مقبرة داخل مخيم "اليرموك"، حيث تم تسليمه لـ"إسرائيل" بوساطة روسية وليس بعملية استخبارية كما روجت له بعض وسائل الإعلام العبرية.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية