أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"العلاك" الذي فاق الجعفري .. قصة ابن "أبو رفعت" وقريب "ماما شهيرة" وارتباطاتها باغتيال رئيسي حكومة

فلوح

· قريبة "لؤي فلوح" نموذج صارخ للأبدية الأسدية، فما زالت متسمرة على كرسيها منذ 40 عاما، رغم تعديها الثمانين

خلال السنوات الماضية، كان مندوب النظام في الأمم المتحدة بشار الجعفري مصدر سخط واستفزاز وغثيان لفئة عريضة من السوريين، نتيجة تبنيه خطابات مليئة بالادعاءات الوقحة والأكاذيب الفاقعة التي يتلوها على المسامع بنبرة ضابط مخابرات أسدي، ولهذا لم يكن دور "الجعفري" في الإجرام بأقل من دور أي ضابط في فرع 215 أو فرع فلسطين.

وعلى هذا الأساس لم يتخيل السوريون المناهضون للأسد، أن يصادفوا يوما من الأيام شخصية يمكن أن تنافس "الجعفري" على الانحطاط والنفاق وبث الأكاذيب، فضلا عن أن تبزه وتسبقه.. وكان ذلك الشعور هو السائد حتى مساء الأربعاء 19 شباط/فبراير الجاري، حيث غاب "الجعفري" وحل في كرسيه شخص يدعى "لؤي فلوح"، أظهر خطابه أمام مجلس الأمن، أن هذا التلميذ "النجيب" في مدرسة "الجعفري" قد فاق بالفعل "أستاذه".. فمن هو "فلوح" الذي ظهر على مسرح مجلس الأمن مؤخرا، بعدما كلفه النظام بأن ينوب عن "الجعفري".
الألاعيب التي رافقت اغتيال "الصلح" عام 1951، طبقت عند اغتيال "الحريري" عام 2005
*يشرب العرق
تقول معلومات "زمان الوصل" الموثوقة إن لؤي فلوح، المولود سنة 1964 (56 عاما) الذي يضع لقب الدكتور أمام اسمه، هو الذكر السادس بين 7 ذكور أنجبهم "هاجم فلوح" المكنى "أبو رفعت" والمتحدر من قرية "بصير" في ريف درعا، وهي إحدى قرى حوران التي يقطنها سوريون من الديانة المسيحية.

وسياسيا، ينتمي "لؤي" وعائلته إلى تيار "القوميين السوريين"، حيث كان الأب "هاجم" أحد القياديين البارزين في هذا الحزب، وكان أحد "أمنائه" في درعا بداية من أربعينات القرن الماضي.

ولعل في قصة والد لؤي فلوح (هاجم) وما مارسه خلال توليه مهام قيادة "القومي السوري" في درعا، ما يمكن أن يعطي صورة أكثر وضوحا عن ميول الرجل وأفكاره التي ربى عليها أولاده، فقد ارتبط اسم هاجم بعملية اغتيال رئيس وزراء لبنان "رشيد الصلح" وهو أول رئيس حكومة لبناني يتعرض للاغتيال، وكان أحد المتورطين باغتياله "ميشيل الديك" المقرب من "هاجم فلوح"، علما أن "الديك" كان يدير مقهى في درعا، بعدما تقاعد من عمله في "الجمارك السورية".

وكعادة "القومي السوري" وغيره من الأحزاب الشعبوية، حاول منتسبو الحزب الفاشي تارة تزيين جريمة الاغتيال بوصفها عملا بطوليا وانتقاما مستحقا من إعدام مؤسس الحزب وزعيمه "أنطون سعادة"، وتارة أخرى كافحوا لدفع شبهة تورط "الأمين هاجم فلوح" في التحريض على اغتيال "الصلح"، وفيما يخص التوجه الأخير زعم هؤلاء أن "هاجم" رفض تنسيب "الديك" إلى الحزب لكونه "يشرب العرق"!، وهذه رواية مضحكة للغاية إذ إن فرض حظر على تنسيب "شريبة العرق" لهذا الحزب الفاشي كفيل بتقليص عدد أعضائه بشكل كبير، هذا فضلا عن أن "القومي السوري" يبدو مع حجة "العرق" وكأنه حزب ديني، فيما يدعي ضمن مبادئه إلى عكس ذلك، لاسميا فيما يخص "فصل الدين عن الدولة" و"منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء".

وعلى أي حال فإن "القومي السوري" يقر بل ويتفاخر بأن "الديك" كان عضوا فيه، وأنه تنسب أخيرا لهذا الحزب بعدما ذهب إلى فلسطين وقدم طلبا لمتنفذية "القومي السوري" في حيفا فقبل (لا ندري هل تاب الديك عن شرب العرق في فلسطين حتى تم قبوله، أم إن قوانين القومي السوري في سوريا هي غير قوانينه في فلسطين!).

ويبدو "القومي السوري" فيما يخص قضية اغتيال "الصلح" مدرسة في الألاعيب، التي استفاد "الأسد" منها بعد عقود وهو يغتال رئيس وزراء لبنان "رفيق الحريري"، فقد ادعى "القومي السوري" بداية أن "هاجم" رفض تنسيب المجرم "الديك" ثم قالوا إنه من نسبه هو فرع حيفا في فلسطين، وزادوا على ذلك بالقول إن "هاجم" عاد وفصل "الديك" لسلوكه "غير اللائق".
وهنا يسوق "القومي السوري" رواية تقول إن إعدام "سعادة" أثار غضب "الديك" لدرجة أنه ذهب إلى "هاجم" شخصيا وشده من ياقة قميصه وعنفه على سكوته عن "إعدام الزعيم" (لا ندري هنا ما الذي عاد بالديك من فلسطين، ولماذا يتوجه إلى هاجم بالذات، وهو الذي رفض تنسيبه سابقا وطرده من "جنة" الحزب)، فما كان من "الأمين هاجم" سوى أن أصدر قرارا بفصل "الديك" لمدة 3 أشهر (لماذا لم يترك أمر فصل الديك لفرع حيفا الذي نسبه؟!).

*أخلاق القوميين
طبعا علاقة المجرم الديك بـ"هاجم فلوح" ليست بحاجة إلى أدلة، فلقاءاتهما موثقة في أرشيف "القومي السوري"، بل إن هناك توثيقا لما هو أخطر وأدهى.. توثيقا لما يكشف العقلية الخبيثة التي كانت وما تزال تتحكم بالأحزاب الشعبوية مثل "القومي السوري" و"البعث".

وهنا نترك "القومي السوري" ليتحدث عن الأمر كما هو: "في اليوم التالي أتى الشهيد (المجرم الديك) إلى منزل الأمين هاجم معتذرا وهو يقول: "يا حضرة الأمين أنا لم أقصد الإهانة ولكنني قصدت أن تفصلوني
من الحزب لكي لا يتحمل الحزب مسؤولية ما سأقوم به، وبعينين دامعتين قال للأمين هاجم: وداعا ومضى بسرعة، صرخ الأمين هاجم: إلى أين؟ ولكن الظلام ابتلع الشهيد. بعد حوالي الشهر سمع الجميع أن الخائن رياض الصلح تم قتله على يد ثلاثة قوميين أحدهم ميشيل الديك، أمسكت محرمة وأعطيتها لحضرة الأمين هاجم ليجفف دموعه، وهو يروي (أي هاجم) لنا هذه الحادثة بعد 45 عام من حدوثها،
هذه أخلاق القوميين وهذا ما تربينا عليه ولن نتركه".

وبموجب هذه الرواية الموثقة يتضح أن "القومي" أقر بأن فصل "الديك" لم يكن سوى حيلة، كما يتضح أن "هاجم" كان مطلعا على نية اغتيال "الصلح" وعارفا بأمرها، إن لم يكن هو الآمر بها، ويتضح أكثر مدى حزنه على المجرم "الديك" وتطويبه "شهيدا".. فهل هناك إقرار أجلى من هذا الإقرار بتورط "هاجم فلوح" في دماء "رياض الصلح"، وهو ابن الحزب-المليشيا الذي "تربى" على "أخلاق" القتل والاغتيال، وأقسم أن "لا يتركها"، وقد وفى بهذا القسم عندما وقف بكل قوته إلى جانب نظام الأسد، وشاركه في ذبح السوريين.
شهيرة فلوح.. قريبة لؤي من جهة الأب والأم، كرسي مدى الحياة

وهنا نفتح قوسين كبيرين، فقط للتذكير بالتطابق الصارخ بين راوية "القومي السوري" عن اغتيال "الصلح" عام 1951، وبعض روايات نظام الأسد بخصوص اغتيال رئيس الوزراء اللبناني "رفيق الحريري" عام 2005، لاسيما تنفيذها عبر جماعة أو شخصية "غير منضبطة"، أي شخصية من صلب النظام ولكنها تصرفت بشكل فردي دون توجيهات أو أوامر رسمية!، وقد كافح النظام طويلا لترويج وترسيخ هذه الرواية، نظريا، ولاحقا عمليا عبر تصفية العديد من الشخصيات المرتبطة بملف اغتيال الحريري، وبالذات كل من: غازي كنعان، جامع جامع، رستم غزالي.

*أعمق وأعمى
وبالعودة إلى "لؤي فلوح" يتضح أنه لديه صلة قرابة من جهة أبيه وأمه كذلك، تربطه بالمدللة المشهورة لدى حافظ وابنه بشار، ونقصد بها "شهيرة فلوح" المتربعة منذ عقود على عرش ما يعرف بـ"مدارس أبناء الشهداء"، والمعروفة لدى الموالين بلقب "ماما شهيرة".
وقد خرجت هذه "المدارس" خلال العقود الماضية فيما خرجت، ثلة من عتاة الموالين الذين تبؤوا مراكزهم في الجيش والمخابرات وسائر القطاعات الأخرى، ومنحوا ولاءهم الأعمى والأعمق للأسد، كنوع من تسديد الدين الواجب عليهم تجاه من "رعاهم" و"رباهم" في تلك "المدارس".

وتجسد "ماما شهيرة" مثالا صارخا على قوانين "الأبدية الأسدية" التي تخصص الكراسي لأصحاب الحظوة مدى الحياة، فهي مستمرة في منصبها منذ نحو 4 عقود (منذ عام 1981)، بل إنها حطمت كل قوانين العمل والتقاعد معا رغم بلوغها 82 عاما.

لقد تحدث "لؤي فلوح" يوم أمس في مجلس الأمن، فأنسى من تابعه بدقة كل وقاحات "الجعفري"، لشدة ما أظهره -أي فلوح- من انحطاط، سواء على مستوى الحديث، أو على مستوى التصرفات وحركات الجسد، وهي تصرفات لم يجرؤ "الجعفري" نفسه على اقترافها.

ولعل كثيرين ممن تابعوا جلسة مجلس الأمن أمس، شدهم سماع الملاسنات بين "فلوح" ومندوب تركيا، وشغلهم عن مراقبة حركات "فلوح" وهو يلوك الكلمات ويلوك معها "العلكة"... نعم "العلكة"، ليصح فيه لقب "العلاك" حقيقة ومجازا (العلاك في اللهجة السورية الدارجة هو من يثرثر ويهذر بما لا طائل منه).

فبعد أن استلم مندوب تركيا "فريدون سينرلي أوغلو" الحديث ليرد على كلمات "فلوح"، وعندما وصل المندوب التركي إلى عبارة يقول فيه إن نظام الأسد أيديه ملطخة بدماء السوريين وأن وجوده في مجلس الأمن هو عار، انتقلت الكاميرات إلى رصد "فلوح" الذي كان يمضغ "العلكة" باستهتار واستخفاف، ليعود بعدها ويرد على المندوب التركي قائلا بكل صفاقة: "فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف يمكن أن يدعي ممثل نظام أردوغان الإرهابي القاتل المجرم المعتدي السارق".. وكأن "فلوح" أبى أن ينهي هذره قبل أن يخبر كل السوريين بصفات النظام الذي يحكمهم.


زمان الوصل
(397)    هل أعجبتك المقالة (299)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي