بدأت مؤسسة الكهرباء التابعة لحكومة النظام مؤخراً بجباية الذمم المالية عن طوال الفترة التي خرجت فيها منطقة جنوب دمشق عن سيطرة النظام، حيث توقفت الدوائر الحكومية عن تسيير معظم المعاملات القانونية للأهالي ما لم يبادروا إلى تسديد الفواتير المتراكمة عليهم منذ أعوام.
في هذا الشأن قال الحاج "أبو الخير" وهو من سكان مدينة "يلدا" في منطقة جنوب دمشق، في تصريح خاص لـ"زمان الوصل"، بدأت مؤسسة الكهرباء في الآونة الأخيرة بمطالبة الأهالي في منطقة جنوب دمشق، بتسديد مستحقات فواتير الكهرباء الصادرة على عداداتهم المنزلية والتجارية، عن طيلة السنوات التي كانت فيها المقاومة تسيطر على المنطقة، مع العلم أنّ مؤسسات الدولة توقفت عن تقديم خدماتها للأهالي في تلك الفترة.
وأضاف: "تعود هذه الفواتير لما بعد شهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 2012، إذ قام النظام باستهداف محطة الكهرباء الرئيسية في مدينة (الحجر الأسود) والتي تعتبر المغذي الرئيسي لنحو خمسين بالمئة من بلدات (يلدا، ببيلا، بيت سحم) التي قُطِعت عنها الكهرباء بشكلٍ شبه كلي، باستثناء ساعات قليلة كانت تحصل عليها من مناطق التماس المباشر في مناطق مجاورة إلى أن تمّ قطعها نهائياً في آذار/ مارس 2013".
وأوضح أنّ قيمة الفواتير الصادرة بحق الأهالي في منطقة جنوب دمشق، تراوحت بين 20 إلى 100 ألف ليرة سورية، في وقتٍ أخذت فيه الحواجز الأمنية والعسكرية المحيطة بالمنطقة، بإجبار الأهالي على إبراز آخر فاتورة كهرباء بتاريخ جديد، بهدف فرض دفع الذمم المالية القديمة المتعلقة بفواتير الكهرباء والماء.
وسارع قسمٌ لا بأس به من أبناء منطقة جنوب دمشق-حسب أبو الخير- إلى تسديد المستحقات المالية المترتبة عليهم من استهلاك الكهرباء، بعد أن تراكمت طيلة السنوات المنصرمة، وذلك خشيةً من أن يتعرضوا للاعتقال أو لأي ملاحقات قضائية لا يقوون على مواجهتها.
وعن قيمة فاتورة الكهرباء التي صدرت على عداد منزله، أشار "أبو الخير" إلى أنّ قيمة الفاتورة بلغت 50 ألف ليرة سورية، تمّ تقسيمها على عدّة أقساط حاله في ذلك حال معظم أهالي بلدات جنوب دمشق الذين يعانون ضغوطاً اقتصادية ومعيشية قاسية لكنهم لا يجرؤون على الاعتراض أو عدم الدفع. وسمح النظام بإيصال الكهرباء لكل من بلدات (يلدا، ببيلا، بيت سحم)، بواقع أربع ساعات يومياً وباستطاعة مئة أمبير فقط، وذلك بالتزامن مع دخول المنطقة ضمن ما يُسمى مناطق "المصالحات الوطنية" منتصف عام 2014، لكنه رفض -بالمقابل- التعامل مع المجالس المحلية التابعة لـ"الحكومة السورية المؤقتة"، فانتقل ملف الكهرباء إلى لجنة المركزية تمثل المنطقة، وحينها تراوحت قيمة الرسوم التي كانت تدفعها البلدات الثلاث على استجرار الكهرباء بين مليون ونصف مليون ليرة سورية.
بدوره أشار "عبد الرحمن صافية" وهو موظفٌ حكومي سابق، من أبناء بلدة "ببيلا"، فُصِل من وظيفته لانقطاعه عن الدوام عقب سيطرة المقاومة على منطقة جنوب دمشق، في حديثه لـ"زمان الوصل"، إلى أنّه طُلِب منه في أثناء إجراء معاملة إدارية، تخص عودته لوظيفته، تسديد الذمم المالية المستحقة عليه، ومن ضمنها فواتير الكهرباء والمياه، كشرطٍ قانوني لاستكمال إجراءات المعاملة.
وأكدّ "صافية" أنّه لم يستفد من خدمات المياه والكهرباء، لكنه اضطر للدفع عن خمسة أعوام ماضية، بتكلفة تقديرية جرى احتسابها وفق آخر دورة مدفوعة قبل انقطاعه عن التسديد، وعلى الرغم من تسديده للذمم المالية، إلاّ أنّ معاملته بقيت في أدراج الدوائر الحكومية ولم يعد لوظيفته حتى الآن.
واستدرك قائلاً "اضطر الكثيرون من أبناء المنطقة إلى مراجعة مؤسسة الكهرباء وتسدد الذمم المالية المتراكمة عليهم خلال السنوات الماضية، حتى يتمكنوا من الاستمرار بعملهم والتنقل من وإلى العاصمة دمشق".
ويعاني أهالي جنوب دمشق من سوءٍ كبير في الخدمات الرئيسية مثل (الكهرباء، المياه)، فضلاً عن القبضة الأمنية التي لا تسمح بمرور الأهالي من وإلى مدينة دمشق، إلاّ من خلال معبر "سيدي مقداد" الذي يخضعهم ولا سيما الشباب منهم إلى عمليات تفتيش وتحري دقيق لبياناتهم الشخصية لمعرفة إذا ما كانوا مطلوبين للأجهزة الأمنية أم لا.
الجدير بالذكر أنّ قوات النظام ما تزال تمنع إلى اللحظة عودة الأهالي إلى مناطق (الحجر الأسود، مخيم اليرموك، التضامن، حي القدم، العسالي فيما يعاني معظم أبناء هذه البلدات النازحين عنها ظروفاً معيشية واقتصادية سيئة للغاية في ظل ارتفاع أجور المنازل، وضعف الموارد المالية.
خالد محمد -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية