أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

باريس تحتضن مؤتمر "المسيحيون العرب".. توافق المؤتمرون وتباين الشارع فهل تكسر ثنائية الشيعة والسنة؟

تحتضن العاصمة الفرنسية باريس، مؤتمر "المسيحيون العرب"، غدا السبت، وسط توافق للمؤتمرين، وتباين في الشارع تبرز حجم التخوف، ورفضها "لانغلاقات" جديدة، يمكن أن "تخلخل" علاقات أبناء المشرق، المستعصية أصلا، بعيد ثورات الربيع، واستثمار الأنظمة الشمولية، في مخاوف رعتها ولعبت عليها، كما أن حضور اسم العاصمة الفرنسية، يلقي بثقله على الشارع المترقب، لجهة دورها التاريخي في اللعب على التناقضات المجتمعية، إبان فترة احتلالها للمشرق العربي، سوريا ولبنان، وما اتهمت به لاحقا في تنمية الطائفية وتشكيلاتها.


تسارع الدكتورة "سميرة المبيض" عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر للإجابة المطمأنة بالقول:"اختيار باريس، جاء من الإيمان بدورها التاريخي، في التأسيس للميثاق العالمي لحقوق الإنسان، ووصوله تاليا لجميع أنحاء العالم كشرعة دولية، إضافة إلى أن باريس شهدت مؤتمرات كثيرة تحت مسميات حماية مسيحيي الشرق خلال السنوات القليلة الماضية، وبالتالي فإن مؤتمر "المسيحيون العرب" الأول، هو رفع صوت، يعزز مبدأ الدولة الوطنية، والمواطنة، بمواجهة مسمى الحماية الذي يرفضه الداعون والمشاركون.


قبيل انعقاد المؤتمر، علت الأصوات بين مستهجنة ومتخوفة ورافضة، فكتب الدكتور "حبيب حداد" العضو القيادي ووزير الإعلام السوري الأسبق -1967لغاية 1968 على صفحته الشخصية :"إن الدعوات إلى مؤتمرات ولقاءات تحت خيمة الهويات والروابط ما قبل الوطنية، من دينية أو مذهبية أو إثنية أو عرقية في الظروف المصيرية، التي تواجهها الشعوب العربية، لن يكون حصادها إلا عاملا إضافيا في استمرار واستفحال أسباب المِحنة، التي تعيشها تلك الشعوب حاليا، سواء في العراق أم في سوريا أم في لبنان أم في اليمن أم في البحرين أم في غيرها، ومواصلة السير في التيه، الذي دفعتنا فيه مختلف القوى المعادية، داخليا وإقليميا وعالميا، وأخطر تلك الأدوار هو ذاك الذي تسابقت وتنافست للاضطلاع به بعض معارضاتنا، عندما تجاهلت طبيعة وأغراض السياسات الدولية في منطقتنا، وفي مقدمتها سياسات الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، وعندما ارتضت لنفسها أن تكون أدوات رخيصة وواجهات مضللة لسياسات الأنظمة الرجعية".


ويتساءل حداد: "أليست الدعوة لمناصرة المسيحيين الآن وفي هذا الوقت بالذات، ومعالجة المظلومية المدعاة لجزء من نسيج شعبنا، هو مسلك خاطئ، ومدمر لأنه سيأتي بعكس النتائج المرجوة، عند البعض، إذ إن معالجة المشاكل والمظالم ومختلف أوجه الحرمان، التي قد تكون تواجهها بعض مكونات مجتمعنا الدينية والمذهبية والقومية والثقافية والجهوية، لا يمكن أن تجد حلولها الناجعة إلا في إطار المشروع التحرري النهضوي العام لشعبنا، المشروع الذي لا بد أن يقدم جميع أبنائه، وعلى قدم المساواة، التضحيات المطلوبة لتحقيق أهدافه المرحلية والمستقبلية".


"المبيض" أكدت في حديثها لـ"زمان الوصل" أنه من الطبيعي وجود آراء مختلفة حول المواقف في هذا السياق، لكن التريث لحين الاطلاع على البيان الختامي للمؤتمر، قبل وضع تصور استباقي يعتبر أكثر منطقية وموضوعية، لأي عمل في إطار المشروع الوطني، فالتوافق المعلن بين حضور المؤتمر هو رفض فكرة تحالف الأقليات بوجه الأكثرية السنية العربية، ورفض حاجة المسيحيين للحماية الخارجية، وهذه محاور يدرك المؤتمرون، خطورتها ووجوب مواجهتها، لأنها أساس بناء من مقومات الأنظمة الشمولية واستمرارها، بصناعة الفتنة والشروخات بين المكونات.
وهدف المؤتمر العمل معا لبناء وتعزيز قيم المواطنة المتساوية لجميع أبناء الوطن، إضافة للعمل على بناء الدولة الوطنية وهو ما يجمع المشاركين في المؤتمر".


وشددت مبيض: "إن المؤتمر لا يخص مكونا بعينه، فالدعوة شملت الجميع، والتسمية جاءت في سياق العمل المشترك لسحب الذريعة من الأنظمة، التي تدعي حماية الأقليات، وللقول لها وأمام العالم الذي يصدقها، أن دولة القانون والمواطنة، هي السبيل الأمثل، لحماية جميع المواطنين، ولتقاسم وبناء المستقبل وإنهاء حقبة النظم الاستبدادية، كما هو نظام الأسد".


وأوضحت عضو اللجنة التحضيرية:"إن الحالة السورية، لها خصوصيتها، لما شهدته سوريا خلال الأعوام السابقة، من ظهور أوجه ابتعاد، عن قيم العدالة والمساواة وحرية الفكر والقيم الإنسانية، واحترام الإنسان والقوانين، والتخويف، وهذا يفهم في سياق ممارسات السلطة ولكن علينا إدراك مسببات ظهور وانتشار ظواهر التطرف بكافة أشكاله، والتي فرقت مكونات المجتمع السوري، وزادت المشهد سوءا، ولعبت دورا سلبيا".


رأي  آخر بين مرحب ومتخوف كتب :"لست مع أي حراك باسم الدين أو المذهب، في خضم الحالة الوطنية للربيع العربي، ولكن الأجندة المعلنة للمؤتمر، بحسب المنظمين جيدة ومفيدة، كخطاب موجه للشارع المسيحي من ناحية، والغرب من ناحية أخرى، وخصوصاً في ظل دعاية النظام المضادة للثورة السورية، والتي تقوم على فكرة حماية الأقليات، ولذلك أتمنى ألا يغفل المنظمون، عن أهمية التشديد على هذه النقطة، إضافة لذلك صوت مسيحي عربي، وإن كان متأخر إلا أنه مفيد في نقطتين، الأولى: كسر ثنائية سُني شيعي، والتي أعطت الثورات العربية صورة طائفية وإعادة ضبط هذا الصراع بشكل سياسي وإن كان ذلك على المستوى الفكري والنخبوي كخطوة أولى. والنقطة الثانية: المسيحيون سيعيدون طرح العروبة كعامل مشترك وحيد مُنقذ للمنطقة من الاشتباك الطائفي، وعليه مثل هذا المؤتمر سيفتح النقاش حول إعادة إنتاج الهوية العربية وإعطائها بعداً ما بعد حداثي يراعي الثقافات الفرعية ويدمجها طوعياً في عروبة أوسع من نطاق الفكر الخشبي القديم سواء كان بعثي أو ناصري".


وختم قائلا "أتمنى أن يكون هذا المؤتمر مقدمة لعقد مؤتمرات أخرى للطوائف وبخاصة الشيعة العرب المعارضين للهيمنة الإيرانية، الأمر الذي سيساهم بسد فراغ فكري وإيديولوجي في الشارع العربي الثائر، على شرط أن تكون تلك المؤتمرات للمثقفين أمثال الدكتور "نجيب عوض" ممن يدركون جوهر الإشكالية العربية ولديهم حلول على المستوى الفكري لها".

محمد العويد - زمان الوصل
(153)    هل أعجبتك المقالة (195)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي