أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لماذا أوقف التجار ورجال الأعمال مبادرة دعم الليرة السورية..؟

من اجتماع الشيراتون الشهير، الذي عُقد في نهاية شهر أيلول الفائت - أرشيف

مضى نحو شهر على وقف مبادرة قطاع الأعمال لدعم الليرة السورية، وهي المبادرة التي أسهمت في البداية برفع سعر الصرف إلى مستويات مقبولة، لكن سرعان ما انهارت الليرة، بعد أن توقف التجار ورجال الأعمال عن ضخ الدولار في الصندوق الذي تم إنشاؤه لهذا الغرض، لأسباب يحجم الجميع عن ذكرها حتى الآن.

وبالعودة إلى بدايات تلك المبادرة، نذكر أنه سبقها حملة إعلامية كبيرة في اتجاهين، الأول تحدث عن نية النظام محاربة الفساد، وإطلاق أجهزة مخابراته للقبض على بعض رجال الأعمال والمسؤولين، ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، بحجة أنهم المسؤولون عن انهيار سعر صرف الليرة، بسبب سرقاتهم وفسادهم، أما في المرحلة الثانية، فقد اتجه النظام للحديث عن وجود رجال أعمال وطنيين لديهم الاستعداد للوقوف إلى جانب بلدهم ودعم الليرة السورية، وهو ما تم ترجمته في اجتماع الشيراتون الشهير، قبل نهاية شهر أيلول الماضي، بين حاكم مصرف النظام المركزي، وعدد كبير من رجال الأعمال من أعضاء غرف التجارة والصناعة، والذي تم على إثره إطلاق مبادرة قطاع الأعمال لدعم الليرة السورية، من خلال إعلان رجل الأعمال سامر الفوز، وضع 10 مليون دولار في هذا الصندوق، إيذاناً ببدء الحرب على الدولار.

مع بداية الشهر الماضي، أعلن المصرف المركزي عن اتفاق مع غرفة تجارة دمشق، بأنها هي من ستتولى الإشراف على المبادرة، وتم الإعلان حينذاك، عن تجهيز 9 فروع تابعة للمصرف التجاري السوري، لاستقبال إيداعات التجار من الدولار فيها، وفق صيغة، يحق للتاجر من خلالها أن يحصل على إشعار استعادة أمواله لكن بالليرة السورية، على أن تُحتسب بسعر صرف وسط، بين السوق الرسمية والسوق الموازية.. حيث أن سعر صرف الليرة مقابل الدولار كان بحدود 660 ليرة في السوق السوداء، بينما في المصرف المركزي، فهو لايزال متوقفاً منذ أكثر من عام عند 438 للمبيع.. ولم يتم الإعلان بدقة عن هذا السعر الوسطي.

وطلبت غرفة تجارة دمشق، في أعقاب ذلك الاتفاق مع المصرف المركزي، أن تتولى هي بنفسها إصدار نشرة أسعار بالعملات الأجنبية مقابل الليرة السورية، بشرط محاربة وإغلاق كل المواقع والصفحات التي تصدر مثل هذه النشرات، وهو ما حصل بالفعل.. إذ قام النظام على الفور بإغلاق هذه الصفحات، مع التهديد بعقوبات كبيرة للمخالفين.

وترافق هذا الإجراء مع إجراء آخر يشرح التفاصيل التنفيذية لمبادرة قطاع الأعمال لدعم الليرة السورية، حيث كشفت غرفة تجارة دمشق، أن الدولار متاح لمن يريد عبر شركات الصرافة حصراً.. وبيّنت أن كل من يريد شراء الدولار، سواء من المواطنين أو من المستوردين، ما عليه سوى تقديم طلب لإحدى شركات الصرافة المرخصة، بالكمية التي يريدها، وذلك وفق نشرة أسعار غرفة تجارة دمشق، التي أول ما بدأت بتسعير الدولار بـ 625 ليرة، وحددت هدفاً لهبوطه إلى 603 ليرة، ومن ثم دون هذا الرقم حتى نهاية شهر تشرين الأول، إلى أن يتقلص الفارق بينه وبين الدولار في السوق الرسمية، في الأشهر القادمة، حسبما كان مخططاً له.

وبالفعل استجابت السوق بسرعة لهذا الإجراء، وبدأت الليرة السورية ترتفع، إلى أن استعادت نحو 100 ليرة من قيمتها، خلال بضعة أيام.. لكن في منتصف الشهر الماضي، بدأت الليرة تغير اتجاهها، وأخذت بالتراجع، وسط استغراب الجميع، إلى أن بدأت وسائل إعلام النظام، تسرّب أخباراً، بأن رجال الأعمال أوقفوا مبادرتهم لبيع الدولار، وهو السبب الكامن وراء تراجع الليرة السورية، والتي وصلت في أيامنا هذه إلى نحو 720 ليرة مقابل الدولار..

والسؤال الذي يبحث عن إجابته الجميع اليوم هو.. لماذا أوقف رجال الأعمال مبادرتهم، على الرغم من أن مردودها كان كبيراً، وهي استطاعت بالفعل أن ترفع سعر صرف الليرة..؟

هذا يقودنا إلى تحليل، في ظل شح المعلومات التي يقولها النظام عن أسباب وقف المبادرة، إلى أنه من الأساس لم يكن هناك مبادرة ولا إيداعات بالدولار من رجال الأعمال ولا هم يحزنون، وإنما كل ما في الموضوع أن النظام أراد أن يلعب على الجانب النفسي، لتأكيد مقولته بأن أسباب تراجع سعر صرف الليرة السورية، وهمي.. وذلك بحسب تصريحات كثيرة لحاكم المصرف المركزي وغيره الكثير من المسؤولين، بمن فيهم رئيس الوزراء..

ونعتقد أن اجتماع "الشيراتون" الشهير، ليس إلا "همروجة" قام بها النظام، لرفع التهمة عن رجال الأعمال والتجار، جراء الحملة الإعلامية التي قادها إعلامه ضدهم في الأشهر السابقة، من خلال وصفهم بأنهم تجار حروب وأزمات، وبأنهم من المتسببين بمأساة الشعب السوري، لذلك يريد النظام أن يقول أن هؤلاء الرجال تحت السيطرة، بل على العكس هم وطنيون، وهاهم يقفون إلى جانب بلدهم وقت الشدة..

ولا ننسى أن هذا الإجراء، منح النظام، وبشار الأسد تحديداً، فترة صلاحية أخرى في عيون مؤيديه من الشعب السوري، حيث أوحى لهم بأنه لايزال القوة الضاربة في البلد، وأنه لا كبير عنده، بما في ذلك الجمل..

اليوم، ومع انهيار سعر صرف الليرة، بدأت هذه المنظومة من قوة النظام وبطشه، بالانهيار كذلك.. وتبين للشعب السوري بأن هؤلاء التجار ورجال الأعمال الذين جمعهم بشار الأسد من أجل أن يعينوه على الظلم، ليسوا إلا أجراء عنده برواتب شهرية كبيرة، وهم من يديرون ثروة العائلة، وبالتالي أي مبلغ سيدفعونه لصندوق دعم الليرة، إنما سيكون من أموال بشار الأسد ذاته..

فهل تصدقون أن هذا الرجل لديه الاستعداد لصرف دولار واحد مما سرقه من خيرات الشعب السوري، لدعم عملته..؟!

هذه هي القصة باختصار.. ونفيدكم إطلاعاً بأن الليرة سوف يزداد انهيارها، وأن ذلك من دواعي سرور بشار الأسد ونظامه، لأن ذلك يعني أن الدولارات التي بحوزته، سوف تزيد من سطوته على الشعب السوري، ويصبح المتحكم الوحيد بلقمة عيشهم واتجاهاتهم وتوجههم..

دعونا نشرح الأمر ببساطة أكثر.. كل من ينزل إلى سوريا اليوم ومعه مبلغ 10 آلاف دولار، بات يشعر بأنه قوة ضاربة ويستطيع أن يشتري بها نصف أهل قريته.. فما بالكم بمن يملك مليارات الدولارات في خزائنه، ونقصد بشار الأسد..؟!

عن اقتصاد أحد مشاريع زمان الوصل
(130)    هل أعجبتك المقالة (142)

الشمري

2019-11-20

السرج المصنوع من ذهب ...لا يجعل من الحمار حصانا.


شمس المحمد

2020-01-20

تضرب هيك صفحة وهيك تحليل.. أنتو وامثالكن الخونة المتآمرين على سوريا الأسد.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي