غادرت فصائل المعارضة السورية محافظة درعا "مهد الثورة السورية" في تموز/يوليو/2018 بعد ضغطٍ كبير تعرّضت له جراء التوافقات الإقليمية والدولية القاضية بإبعاد كُلّ من يرفض التسوية مع نظام الأسد إلى الشمال السوري الخارج عن سطوته وتسليمه منطقة خفض التصعيد الجنوبية.
إثر ذلك انتشر في أرجاء المحافظة القوات نظام الأسد العسكرية وفروعه الأمنية والفيلق الخامس المدعوم روسياً والميليشيات الطائفية المدعومة إيرانياً عبر الحرس الثوري الإيراني.
تبلغ مساحة محافظة درعا الواقعة أقصى جنوب سوريا 3730 كم، يحدها شمالاً محافظة ريف دمشق، وشرقاً محافظة السويداء، وغرباً محافظة القنيطرة، وتُعد بوابة سوريا الجنوبية لمتاخمتها الحدود الأردنية من الجنوب وتضم معبر "نصيب" الحدودي.
يربطها طريقان "قديم" يمر بمعظم القرى والبلدات والمدن في الريف الغربي و"أوتوستراد دمشق الأردن الدولي" الفاصل بين ريفيها الشرقي والغربي"، وأهم مدنها في الريف الغربي "درعا - نوى - طفس - جاسم - داعل - الصنمين - انخل - الشيخ مسكين"، وفي الريف الشرقي "ازرع - بصرى الشام - الحراك - خربة الغزالة - صيدا - أم ولد - الكرك".
أهداف إيران في محافظة درعا تتجلّى بإنشاء حاضنة شعبية وتجنيد الشباب في ميليشيات طائفية محلّية مدعومة إيرانياً، واستثمار الجغرافية الاستراتيجية للمنطقة كونها تحد الأردن وقريبة من الجولان السوري المحتل، لتظهر وأنّها لاعب رئيسي فاعل في المنطقة وتمتلك أوراق ضغط وتهديد لدول الجوار، مُستثمرةً عدم جدّية الجانب الروسي في كبح جماح الوجود الإيراني بالمنطقة عموماً، والذي بدوره ينتهز الوجود الإيراني كورقة رابحة يملكها أمام القوى الإقليمية والدولية، وفقاً لما قاله لـ "زمان الوصل" الصحفي في مؤسسة "سوريا على طول" "وليد النوفل".
وأكّد "النوفل" أنّ إيران عملت على دعم ميليشيات محلية بعد توقيع اتفاق تموز يوليو/2017 القاضي بإنشاء منطقة خفض تصعيد جنوب غرب سوريا وإبعادها من الحدود الأردنية وحدود الجولان المحتل بتوافق "روسي - أمريكي - أردني"، وضاعفت ذلك بعد توقيع ما سُمي باتفاق المصالحة في تموز يوليو/2018، حتّى بات في صفوف ميليشياتها الكثير من الشباب الذين وافقوا على التسوية وأصبحوا بمثابة خلايا تُشكّل خطراً كبيراً لانتشارها بالقرب من الحدود.
وحسب مصادر "زمان الوصل" المحلية، فإنه لتحقيق أهداف إيران تنشط في محافظة درعا منظمات تعمل بغطاء مدني كـ"جمعية الزهراء" التي تأسست عقب زيارة ممثل الخامنئي في سوريا "أبو الفضل الطبائبي" إلى درعا في تشرين الأول أكتوبر/2018، و"جمعية أحباب القائد الخالد" بإدارة "أبو بلال الزوباني"، و"جمعية تموز" بإدارة "مازن حميدي"، وجميعها تتلقّى الدعم المفتوح من مكتب الخامنئي والمستشارية الإيرانية في العاصمة دمشق، وتقدّم بين الآونة والأخرى سلال غذائية وتمول مشاريع صغيرة، وتتوسط أحياناً لدى فروع أمن النظام لحل بعض المشاكل البسيطة، ولتوسيع نفوذها أكثر سهّلت تشكيل "حزب الشعب" الذي أسّسه عضو "مجلس الشعب" (نواف عبد العزيز طراد الملحم)، وهناك أنباء شبه مؤكّدة عن تفعيل "حزب الله السوري"، كما أكّدت المصادر وجود خطّة لدى الحرس الثوري لشراء ما يُمكن من عقارات المحافظة في أقرب وقت.
عسكرياً ينتشر في أرجاء المحافظة العديد من الميليشيات المدعومة إيرانياً والمقربة منها: 1ـالحرس الثوري الإيراني، ينتشر في مدينة "الصنمين" داخل مقرّات "الفرقة التاسعة" إحدى التشكيلات العسكرية لجيش نظام الأسد، وتُعد الفرقة أهم مراكز التدريب العسكري، وفي سلسلة الجامعات على طريق دمشق الأردن الدولي.
2ـ حزب الله اللبناني، بقيادة "الحاج إياد القاسم"، افتتح العديد من مكاتب التجنيد في "حي المحطة وسط مدينة درعا" وبلدات "المليحة الغربية – المليحة الشرقية – المسيفرة – كحيل – المتاعية – بصر الحرير – الغارية – الحارة – داعل"، وينتشر في منطقة الّلجاة الجبلية الوعرة، واللواء 52 في مدينة "الحراك" أحد التشكيلات العسكرية لنظام الأسد، ويُسيطر على منطقة حوض اليرموك تحت مسمّى المخابرات الجوية، كما يتّخذ من بلدة "الكرك" مركزاً رئيسياً له بحماية وحراسة منها.
3ـ عصائب أهل الحق، تنتشر داخل مقرات الفرقة الخامسة والتي تُعد أهم مواقع منصّات إطلاق صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
4ـ "لواء العرين"، بقيادة "وسيم المسالمة"، ذراع الأمن العسكري، ينتشر في الكثير من الأراضي الزراعية المثمرة، يحاول الاستيلاء على الممتلكات الاقتصادية الخاصّة عبر تقديم عروض استثمار سخية.
5 "لواء الحسين"، ينتشر في "اللواء 15" أحد تشكيلات نظام الأسد بالقرب من بلدة "انخل".
6 ـ "اللواء 313" بقيادة "شادي جعفر"، يتبع إدارياً لحزب الله اللبناني، تم تأسيسه عام 2017، أكثر عناصره من منتمي الطائفة الشيعية في محافظة درعا من أبناء "مدينة بصرى الشام وبلدة قرفا والمليحة الغربية"، يتّخذ من مدينة "ازرع" مركزاً رئيسياً له.
7ـ "قوات الرضوان"، تنتشر في الفوج 89 إحدى تشكيلات نظام الأسد العسكرية بالقرب من بلدة "جباب".
8 ـ "قوات الغيث"، ذراع الفرقة الرابعة الأكثر قرباً من الحرس الثوري الإيراني، بقيادة "رواد عدرا" الذي ينحدر من الغوطة الشرقية، تنشط في عمليات الخطف والاغتيال.
9 ـ "الفوج 666"، يتبع للفرقة الرابعة، ينتشر في معسكر "مزيريب"، ووفقاً لما قاله لـ "زمان الوصل" أبو محمود الحوراني الناطق الرسمي باسم "تجمع أحرار حوران"، فإنّ أغلب الميليشيات المدعومة إيرانياً تتنكر بذي ملابس جيش نظام الأسد لا سيما "الفرقة السابقة والفرقة الرابعة".
وأضاف "الحوراني" أنّه لا صحّة لما يُشاع برغبة أبناء المحافظة في الانضمام إلى تلك الميليشيات لتحصيل المغريات المادية كون الراتب الشهري لعناصرها لا يتعدّى 100 دولار أمريكي ويعد الأدنى بمناطق انتشار الميليشيات في الأرجاء السورية، بينما السبب الرئيسي هو تأمين الحماية الشخصية ووقف الملاحقات.
النقيب المهندس والباحث في الشأن الإيراني "ضياء قدور" أكّد لـ "زمان الوصل" أنّ الميليشيات الإيرانية تنتشر أيضاً في عدّة تلال استراتيجية أبرزها: (1 ـتل غرابة، غرب مدينة الصنمين. 2ـ تل عريد، ريف درعا الشمالي بالقرب من قرية دير العدس. 3ـ تل الحارة، بالقرب من بلدة الحارة. 4 ـ تل المقداد، بالقرب من بلدة محجة شمال درعا).
وفيما يتعلّق بالتسليح أشار الباحث أنّ الحرس الثوري الإيراني زوّد ميليشياته بصواريخ تكتيكية مختلفة المهام أبرزها صواريخ فجر "3 – 4 – 5"، صناعة إيرانية بدعم صيني وكوري شمالي، يتم إطلاقها من عربات متحركة، يصل مداها إلى 75 كم.
وكذلك صاروخ "رعد"، صناعة إيرانية، دقة الإصابة 75%، يحمل رأسا متفجرا وزنه 100 كغ، ذو قدرة تدميرية هائلة، وصواريخ زلزال "1 – 2"، تعمل على الوقود الصلب، تحمل مواد متفجرة تصل لـ 600 كغ، ومدى زلزال " 1 " 150 كم، وزلزال " 2 " 200 كم.
ومن الأسلحة صاروخ فاتح "110"، إيراني الصنع، يزن 3 طن، يحمل رأسا شديد الانفجار بوزن 500 كغ، المدى 200 كم، يتم إطلاقه من منصات ثابتة ومتحركة، إضافة إلى صاروخ "كاتيوشا"، روسي الصنع، مداه بين 12 و25 كم.
كما يتضمن تسليح الميليشيات الإيرانية صواريخ "كورنيت"، من الجيل الثاني، مضادة للدبابات، روسية الصنع، وصواريخ "ميتس"، من الجيل الثاني، مضادة للدبابات، روسية الصنع، وصواريخ " SA-7-14" سام، محمولة على الكتف، روسية الصنع، المدى 7كم.
يرى ناشطون من أبناء المنطقة أن الأطماع الإيرانية في محافظة درعا التي يقطنها بالأصل سكان ينتمون للطائفة الشيعية بنسبة لا تتعدى 20% ليست وليدة اليوم، إذ إنّها عملت على نشر التشيع في العام 2005، واتّخذت من "بلدة قرفة" مسقط رأس "رستم غزالة" مرتكزاً لذلك، إضافةً لبلدات "غباغب، بصرى الشام، المليحة الشرقية، لكن ما يلفت الانتباه في المراحل الحالية تسهيل مديرية أوقاف درعا لأنشطة المعمّيين ورجال الدين الشيعة.
وبالعودة إلى الصحفي "وليد النوفل" فإنّ مشروع التشييع وبناء الحسينيات في محافظة درعا ما زال محدوداً جداً حتّى الآن، كما لا يمر أسبوع على المحافظة يخلو من حراكٍ مدنيٍ مطالبٍ بإسقاط نظام الأسد والإفراج عن المعتقلين، فالأهالي ينظرون إلى إيران وروسيا على أنّهما قوّتا احتلال ساهمتا في تدمير مناطقهم وقتل أبنائهم.
الوجود الإيراني في درعا.. أطماع قديمة ازدهرت بعد "اتفاق المصالحة"

فادي شباط - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية