أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سوريا .. مركز الارهاب أم جنة السياحة؟

يؤدي ايرانيون الصلاة الى جوار مصلين عرب في المسجد الأموي الذي يرجع تاريخ إنشائه الى القرن الثامن وهو أحد الآثار الإسلامية المهمة وفي آخر زقاق قريب يتابع سياح اوروبيون أعمال الترميم في قصر يرجع الى الحقبة العثمانية يجري تحويله الى فندق.

وتقول السائحة الألمانية انا كوبولا وهي تشاهد أعمالا فنية سورية معروضة بمعرض في العاصمة دمشق "لم يسبق لي قط أن شاهدت مثل هذا التناقض بين الصورة والواقع... سوريا تجسد في الغرب على أنها مركز للإرهاب لكنها هادئة وعصرية".

وفي حين يسافر السياح منذ زمن بعيد لمشاهدة الأهرامات في مصر جعلت العلاقات المتوترة مع الغرب من سوريا مكانا لا يمكن الذهاب اليه لعقود.

ولم يسمع كثيرون بالأطلال الرائعة في (دورا اوروبوس) وهي مدينة ترجع الى العصر الروماني اليوناني أطلق عليها اسم بومباي الصحراء او قلعة الحصن (كراك دي شيفالييه) وهي من بين أعظم القلاع الصليبية في العالم.

لكن التقارب مع الغرب والتحرير التدريجي للاقتصاد الذي تجنب الاستثمارات الأجنبية لفترة طويلة يساعدان سوريا على التخلص من صورتها كدولة مارقة. ووجهت سوريا هذا الشهر دعوة للرئيس الامريكي باراك أوباما لزيارة دمشق لإجراء محادثات.

ويقول انطوان مامارباتشي الذي يعمل في تنظيم الرحلات السياحية عن الرئيس الفرنسي "زيارة نيكولا ساركوزي العام الماضي أعطت دفعة...لم تعد سوريا غير مرحب بها".

وارتفعت أعداد السائحين بنسبة 15 في المئة العام الماضي ويتوقع سعد الله اغا القلعة وزير السياحة السوري أن يصبح هناك 40 الف سرير جديد بالفنادق في الاعوام الثلاثة القادمة. ويبلغ عدد الأسرة المتاحة حاليا 48 الفا.

وقال إن الطلب زاد بسرعة وإن السياحة في سوريا قد لا تتأثر بالأزمة المالية العالمية التي ألحقت أضرارا بهذا القطاع على مستوى العالم. وتمثل السياحة بالفعل 13 في المئة من اجمالي الناتج المحلي لسوريا وستصبح اكثر أهمية مع انخفاض إنتاج البلاد المتناقص من النفط.

وحتى الآن استقطبت سوريا زوارا من مناطق أخرى من الشرق الأوسط لانهم أقل قلقا من صورتها واكثر اهتماما بمنتجعاتها الساحلية. ومثل السياح العرب ثلثي زوار سوريا العام الماضي لكن الحملات الترويجية التي قامت بها الدولة وشركات السياحة على مدار العام الماضي استهدفت الاوروبيين الأثرياء.

ولأنها ملتقى الطرق بين الشرق والغرب في العالم القديم أصبحت سوريا مركزا تجاريا لعقود واستقطبت مغامرين اوروبيين من لورانس العرب الى فريا ستارك.

وفي دورا اوروبوس مدينة الاطلال المحاطة بسور الواقعة على ضفاف نهر الفرات أمثلة مبكرة للفن اليهودي والمسيحي.

وجعلت الأسرة الاموية الحاكمة من دمشق عاصمة لامبراطورية اسلامية امتدت حتى اسبانيا.

ويتردد أن هناك رأسين مدفونين أسفل المسجد الأموي هما رأسا يوحنا المعمدان والإمام الحسين حفيد النبي محمد.

لكن تاريخ سوريا الحديث هيمن عليه صراعها مع اسرائيل والسياسات التي اتبعتها على غرار السياسات السوفيتية منذ الانقلاب الذي قام به حزب البعث عام 1963 والذي جعلها مهمشة اقتصاديا.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على سوريا عام 2004 وتواجه الحكومة تحقيقين من جانب الأمم المتحدة غير أن حدة التوترات خفت في الاشهر الأخيرة وقالت واشنطن في يونيو/ حزيران إنها ستعين سفيرا في دمشق بعد انقطاع دام أربع سنوات.

ويقول جهاد يازجي رئيس تحرير رسالة "سيريا ريبورت" الاخبارية على الانترنت إن مناخ العمل في سوريا لا يزال أسوأ من جيرانها لكنها سوق بكر ومجيء الكثير من المستثمرين يظهر أن المسألة تستحق المجازفة.

ولم تخفف سوريا القيود على الصرف الاجنبي والبنوك وتسمح للشركات بتحويل الأرباح للخارج الا في العقد المنصرم. غير أن دراسة للمنتدى الاقتصادي العالمي قالت إنها لا تزال من اصعب الاماكن التي يمكن ممارسة الاعمال فيها على مستوى العالم.

ولا تتمتع المحاكم السورية بالحماية من التدخل السياسي كما لا تتمتع القوة العاملة بالمهارات اللغوية والتدريب. غير أن المخاطر لم تثن المستثمرين من الخليج المصدر للنفط.

وتبني (ديار) القطرية وهي شركة للعقارات مملوكة لهيئة الاستثمار في قطر منتجعا بتكلفة 350 مليون دولار على ساحل البحر المتوسط. وتقيم مجموعة الخرافي الكويتية فندقا من 361 غرفة في دمشق. ويعتزم عدد من سلاسل الفنادق العالمية منها موفنبيك وكمبينسكي وهوليداي اين إقامة مشروعات هناك.

ويقول رجل الاعمال الكويتي عبد الحميد دشتي إن سوريا صفقة رابحة غير أنها تحتاج الى تطوير بنيتها التحتية.

وفي أسواق دمشق القديمة المغطاة يتسوق السياح الغربيون الآن لشراء الابسطة الشعبية السورية (الكليم) ويمشون متمهلين من قبر الحاكم المملوكي بيبرس الى منازل تحولت الى فنادق صغيرة أنيقة.

وولت الأيام التي كان فيها الزائر يستطيع التجول بين اطلال بالميرا.. وهي مدينة كلاسيكية ترتفع كالسراب من الصحراء الشرقية.. دون ان يلتقي بشخص آخر.

ويقول السائح السويسري رولاند ديتيلم الذي كان يحتسي مشروبا في شرفة فندق تطل على اطلال بالميرا "سوريا تحتاج الى مزيد من جهود الحفاظ على التراث. كنت في لبنان ومستوى البناء العشوائي جعلني لا أفكر في العودة ابدا".

وتركت الحروب المتكررة ندوبا في لبنان جارة سوريا لكن السياح الذين يقومون بزيارته كثيرا ما يجمعون بينه وبين زيارة لدمشق حيث لا تستغرق الرحلة بالسيارة وقتا طويلا.

واتسم البناء في أنحاء سوريا بالفوضى لكن مستثمرين بدأوا يحرصون بشكل متزايد على الحفاظ على شخصية دمشق وحلب القديمتين إدراكا منهم أن هذا هو ما يتوق اليه الكثير من الاوروبيين.

وفندق "بيت زمان" الذي افتتح قبل عام هو منزل عمره 300 عام رمم مؤخرا ويقع في الشارع المستقيم الذي يرجع الى الحقبة الرومانية والمذكور في الكتاب المقدس.

ويستضيف الفندق الآن سياحا ينشدون الرفاهية فضلا عن استضافته لمناسبات خاصة.

وتقول سولار اريسيان المتحدثة باسم فندق بيت زمان "عملاؤنا يقدرون أعمال الترميم التي قمنا بها ويحسون بروح دمشق القديمة... استغرق الامر بعض الوقت لكننا نرى مزيدا من المنافسة والجهود للترويج لسوريا تستقطب مزيدا من السائحين".

 

خالد يعقوب عويس - ميدل ايست اون لاين
(73)    هل أعجبتك المقالة (78)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي