أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

روضات مجانية تقدم الدعم النفسي والتعليم لأطفال "تدمر" النازحين

في منطقة "كللي" بريف إدلب - نشطاء

تسببت العملية العسكرية للنظام والاحتلال الروسي على إدلب في حدوث موجات نزوح جديدة إلى المناطق الأكثر أمناً نسبياً في المنطقة مشكلة مخيمات نزوح بجوار المدن وفي حقول الزيتون مع انعدام أي مقومات للحياة، ومنها التعليم وهذا ما دفع "مركز البيت التدمري في الشمال السوري" وهو مؤسسة أهلية تهتم بالتأهيل والتعليم وتطوير المجتمعات المحلية إلى إنشاء العديد من روضات الأطفال في منطقة "كللي" -شمال إدلب- نظراً لحاجة المرحلة، إثر نزوح الأهالي بأطفالهم وغياب انتظام المدارس، إن وجدت، كما يقول "أحمد طه" المدير التنفيذي للمشروع لـ"زمان الوصل"- مضيفاً أن فكرة الروضات نشأت لدى المركز بعد وصول دفعات كبيرة من أهالي المدينة عند بداية معركة الرقة وملاحظة تردي الوضع النفسي لفئة الأطفال في المرحلة العمرية بين 4/6 سنوات، وكما هو معلوم فإن شخصية الطفل تبدأ بأخذ شكلها في هذه الفترة العمرية.

ولفت محدثنا إلى أن عدم مقدرة الأهالي على دفع رسوم الروضات الخاصة بعد رحلة النزوح المتكررة من "تدمر" إلى الرقة، فالشمال شجع القائمين على المشروع على البدء بشكل فوري في تنظيم استقبال هؤلاء الأطفال وتقديم الدعم النفسي لهم وبعض التعليم والكثير من الترفيه رغم ضعف الإمكانيات المادية.

لم يتأخر إنشاء أول روضات البيت التدمري لمجانية في مدينة "كللي" المستمرة للعام الثالث على التوالي حيث 60 بالمئة من أطفالها ينحدرون من تدمر و40 بالمئة من باقي النازحين من مناطق أخرى وأبناء المجتمع المحلي لمدينة "كللي".

ونوّه "طه" إلى أن "النجاح الذي حققته هذه الروضة، وخاصة خروج الأطفال منها إلى المدرسة جاهزين ويستطيعون قراءة وكتابة الأحرف والعمليات الحسابية البسيطة، دفع الأهالي للمطالبة بزيادة القدرة الاستيعابية للروضة من رواد المشروع ـ كما يقول- لإنشاء روضة ثانية في "كللي" أطلق عليها اسم "روضة البيت التدمري المجانية للنجاح" في "كللي" غالبية طلابها من النازحين وأبناء أهالي "كللي".

واستدرك محدثنا أن البيت التدمري ليس مشروعا مناطقي،ا بل بيت من بيوت سوريا، ولذلك تم إنشاء روضات بشكل عاجل في بعض المخيمات القريبة من "كللي" لتقديم ما يمكن تقديمه ولحض المشاريع والمنظمات الأخرى على تقديم نفس الشيء.

وأردف المصدر أن الهدف الأسمى الذي يسعى إليه البيت التدمري هو الترويج لفكرة أن يصبح التعليم في الروضات عاماً وإجبارياً لأهمية هذه الفترة العمرية للطفل في تكوين شخصيته وأسوة بغالبية الدول المتقدمة.

بدوره أشار مدير "مركز البيت التدمري" للتوثيق والاحصاء "عبد الكريم محمد" لـ"زمان الوصل" إلى أن القائمين على المشروع أجروا دراسات إحصائية ومسحاً للوضع الميداني من جوانبه المتعددة للوقوف على إمكانية نجاح المشروع في تلبية الاحتياجات رغم ضعف الإمكانيات، حيث لا دعم لمشروع ويعتمد تمويله الأساسي على التطوع لكوادره وبعض المال الذاتي التمويل.

ولفت "محمد" إلى أن القائمين على مشروع الروضات بحثوا مع كوادر غير تدمرية متواجدة في مخيمات النزوح الجديدة ومؤهلة للتدريس وتقرر إنشاء روضتين في مخيمي "التوحيد" و"الهلال"، حيث يوجد حوالي 130 طفلاً من الفئة العمرية المستهدفة في المخيمين وتم تجهيزهما يشكل أولي.

مدير الموارد البشرية للبيت التدمري "ماهر النمر" أشار إلى أن هيكلية الروضات المنشأة وأقسامها ونظامها التعليمي تم تصميمها وفق أسس عالمية بعد اتباع مدير المشروع لدورات تدريبية تتعلق بالتعليم الشعبي وإطلاعه على أنظمة الروضات الغربية بحكم تواجده في فرنسا، ناقلا ما يتناسب مع بيئتنا السورية والوضع الاستثنائي الذي تعيشه سوريا وأطفالها، وتم تجهيز باحات مخصصة للعب والترفيه فيها بعض الأراجيح والألعاب ودورات المياه مع مراعاة شروط السلامة الجسدية للطفل إضافة إلى مشتل يُستخدم للنشاطات البيئية والزراعية وكمتنفس للأطفال وتم توفير حافلة مستأجرة لنقل الأطفال مجاناً من وإلى بيوتهم.

وتنقسم كل روضة تعليمياً إلى قسمين الأول يستقبل الطفل بعمر 4 إلى 5 سنوات ويهدف لإخراج الطفل من الظروف النفسية القاسية التي عاشها مع القليل من التعلم البسيط، معتمدين على الترفيه والألعاب والرحلات والاقتراب من الأرض والبيئة من خلال اصطحابهم لمشتل البيت التدمري –وهناك حسب محدثنا- يمارس الأطفال بعض أعمال الزراعة البسيطة ومحاولة الاقتراب بشكل مباشر من البيئة التي خرجوا منها، فابن تدمر الذي نزح من تدمر منذ 3 سنوات أو ولد في تغريبات النزوح المتكررة لا يعلم ماهي النخلة مثلاً وكونها رمزاً أساسياً من رموز الشخصية التدمرية وتكوينها.

تهدف هذه المرحلة بشكل أساسي لخلق استقرار نفسي لدى الطفل ليكون أكثر قابلية لتلقي التعليم لاحقاً.

أما المرحلة الثانية –حسب المصدر- فهي للأطفال الذين سيلتحقون بالمدارس قريباً بعد سنة أو سنتين وهذه تهدف إضافة لما ذكر للمرحلة الأولى تجهيز وإعداد الطفل تعليميا ليكون جاهزا لدخول المدرسة وبعد 3 سنوات من بداية عمل الروضة يدخل الأطفال المدرسة وهم قادرون على تلقي التعليم الرسمي بشكل سلس، بل ويتفوقون بمراحل على طلاب المدرس.

وتدخّل مدير ومؤسس البيت التدمري "محمد طه" في الحديث ليشير إلى أن "أحد أهم أهداف المشروع ربط النازحين بمنبتهم وتذكيرهم دائماً بأنهم قادمون من بيوت لهم في مدينتهم، وهم ليسوا أبناء خيمة وبلا بيت ولا أرض قمنا بتجهيز منهاج تربوي تعليمي لمرحلتي الروضة، معتمدين على حوامل بيئتنا التدمرية الطبيعية والثقافية كأداة شرح ووسيلة تعلُم اعتماداً على الاقتراب المباشر مع الطبيعة من خلال الرحلات وممارسة الزراعة والأنشطة المهنية والفنية، لافتاً إلى أن هذا المنهاج لاقى قبولاً واستحساناً لدى الأهالي كما حاز على تقييم أكثر من إيجابي لدى العديد من المؤسسات التعليمية داخل سوريا وخارجها حتى أن العديد من المؤسسات طلبت إذناً باستخدامه.

وأكد "طه" أن المشكلة الأكبر حالياً هي المسألة القانونية لتواجد هذه الروضات كون الأنظمة المعمول بها في التسجيل الإداري الرسمي تشمل المدارس العامة والخاصة فيما التطوعية والمجانية لا يوجد إدارياً مع ما يتناسب مع وضع هذه الروضات، معبراً عن خشيته من إقفال هذه الروضات بحجج إدارية بحتة، رغم أن غالبية مسؤولي التعليم في الشمال يعرفون المشروع ويشجعون القائمين عليه، ولكن لا نعلم ما يخبئه المستقبل في ظل التقلبات المتسارعة التي تطرأ على المنطقة يومياً.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(123)    هل أعجبتك المقالة (119)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي