• الأميرة "هيا" تفجعت على باسل علنا وقرنت موت الفروسية بموته
• مثل "رابطة الرياضيين الأردنيين الثقافية" خطوة أولية لسيطرة وتغلغل نظام ضليع في تأسيس الروابط والمنظمات
• كانت صورة باسل كـ"فارس متمنع" ضرورة لإكمال سلسلة ألقابه التي أستأثر بعدد كبير منها
• "هيا" أسست رابطة أردنية للرياضيين تحت سمع وبصر باسل ونظام أبيه
بعد أن كانت مجرد إشاعات تتداولها بعض صفحات الفضائح والتسريبات، بات هروب الأميرة "هيا بنت الحسين" زوجة حاكم دبي "محمد بن راشد آل مكتوم" نبأ مؤكدا دلت عليه أكثر من قرينة، في مقدمتها تصريح مسؤول كبير في المنظمة الحقوقية الأشهر حول العالم، فضلا عن قصيدة لـ"آل مكتوم" يتحدث فيها عن "الخيانة".
وباتت مسألة هروب الأميرة "هيا" من زوجها الذي يعد أثرى أثرياء العالم أمرا مؤكدا تناقلته بشره ملفت كثير من الصحف والمواقع الغربية، منوهة بأن الأميرة هي الآن بصدد البحث عن ملاذ آمن في أوروبا، لاسيما أن لـ"ابن مكتوم" سيرة غير حميدة بخصوص من يحاولون الخروج عن طوعه وسيطرته، وأقربهم ابنته الشيخة لطيفة التي استطاع خطفها وإعادتها إلى الإمارات لتكون تحت سطوته، بعدما فرت من "قسوته".
*الخيانة
أنباء هروب الأميرة الأردنية من زوجها حاكم دبي، جرى تأكيدها عبر تصريحات معلنة لأكثر من مختص بشؤون حقوق الإنسان، وفي مقدمتهم المدير التنفيذي لـ"هيومن رايتس ووتش"، كينيث روث، الذي قال على حسابه الرسمي إنه يتمنى للأميرة أن تحظى بملاذ آمن، وأن لا تلقى مصير ابنة زوجها "الشيخة لطيفة"، التي اختطفت وأعيدت إلى الإمارات لتعامل بقسوة هناك.
وفي ظل صمت رسمي من قبل دولة الإمارات وحاكم دبي المعني الأول بالقضية، انبرت حسابات مناصرة لـ"آل مكتوم" إلى نشر قصيدة له بعنوان "عشتي ومتي (عشتِ ومتِ)" والتي يبدو أن المخاطب الأول بها هي الزوجة الهاربة، لتخبرها بأن حياتها وموتها سواء، لأنها ارتكبت فعل "الخيانة".
وتقول أبيات قصيدة "آل مكتوم":
بــعـض الـخـطـا إســمـه خـيـانة/ ونــــتـــي تــعــديــتـي وخــنــتــي
يــاخــايــنــه أغــــلـــى أمــــانـــة/ كـــشــفــت مــلــعــوبـك ونـــتـــي
كـــذبــك تـــــرى ولـــــى زمــانــه/ مــايــهــمـنـا كــــنــــا وكـــنــتــي
عــــنـــدي بـــراهــيــن الادانــــــه/ عــلــى الــــذي انــتــي فـعـلـتـي
أرخـــيـــت احــصــانــك عــنــانـه/ وأكــبــر خــطــا انــــك كــذبـتـي
تــــدريـــن بــافــعــالـك إهـــانـــة/ لـــكــن لـنـفـسـك بــــس هــنـتـي
مـــاعــاد لـــــك عــنــدي مــكـانـه/ ســيــري لــمــن فــيـه انـشـغـلتي
وخــلــيـهـا تــنـفـعـك الــشـطـانـه/ مــايـهـمـنـي عــشــتــي ومـــتــي
وكانت قضية هروب "الشيخة لطيفة" بنت محمد بن راشد قد تفجرت العام الماضي، وتبين أن جاسوسا فرنسيا ساعد في تدبير هروب الشيخة من الإمارات، لكن الخطة لم تكتمل حيث تمت استعادة الشيخة من على متن يخت تابع للجاسوس، بينما كان قبالة شواطئ الهند.
*يوم أسعفوه
وبالعودة إلى "هيا بنت الحسين" فإن لهذه الأميرة مكانا محجوزا في ذاكرة السوريين، رسخه ظهورها المتكرر واللصيق بابن حافظ الأسد الأكبر (باسل)، والوريث الذي كان يحضره حافظ للقفز على الكرسي، لولا أن خطفه الموت بحادث سيارة غامض وشنيع، فاتحا الطريق أمام بشار الأسد لينال كل المناصب والمزايا التي كانت تجهز لأخيه.
ويذكر مطلعون على كواليس مخابرات النظام ومسؤوليه من عسكريين ومدنيين في تلك الفترة، رواج الأحاديث عن علاقة غرامية ملتهبة ربطت "ابن السيد الرئيس" بالأميرة هيا، متناقلين ذلك بمنتهى الزهو والانتفاش، كونه يمثل دلالة على اكتمال "فحولة" الرئيس الموعود، وهي –أي "الفحولة"- رمز مترسخ في ذهنية أزلام النظام، لاسيما من بيت الأسد، الذين تسيطر المظاهر الشكلية على تفكيرهم أيما سيطرة.
ومما راج في تلك الفترة، وما زال راسخا في بعض العقول حتى اليوم، أن باسل كان المتمنع في علاقته مع "هيا" التي كانت تلاحقه وتظهر له كل علامات الوله، بينما يبقى "باسل" محتفظا بـ"ثقله" ورزانته اللتين يمليهما عليه موقعه القيادي كونه ابن القائد الرمز، والمرشح الأوحد لخلافته في حكم سوريا.
ويبدو أن صورة الفحل المتمنع كانت في تلك الفترة ضرورة لإكمال صورة "الباسل" وألقابه، بعدما أستأثر بعدد كبير من الألقاب لم يسبق أن حاز مثلها أحد من قبله، وهو ما سخرت منه نكتة تداولها فئة من السوريين همسا عقب موت "باسل"، تروي كيف سأله ملكا الحساب عن اسمه فشرع معددا "الرائد الركن المهندس...." وهنا أوقفه الملكان بتأفف مذكران إياه بالشطط، وأن الله جل جلاله على عظمته وخلقه للكون ليس له إلا 99 اسما.
وبمناسبة موت باسل، لا يفوتني أن أصرح ولأول مرة بمعلومة نقلها لي صديق مقرب -لا أشك نهائيا بصدقه- عن الواقعة، حيث كان حينها في إحدى مشافي دمشق لمرافقة أمه المريضة، وبينما هو ينتظر في المشفى إذ دخلت مجموعات متوالية من الأشخاص يصيحون بهستيرية لم يسبق أن رأى مثلها ويكفرون مطالبين بفتح الطريق أمام الإسعاف.
وما إن تم إفراغ سيارة الإسعاف من "حملها" حتى بدرت التفاتة من صديقي نحو أرضيتها، فرأى مشهدا مريعا.. رأى محتوى نخاع (بذر مخ) شخص متناثرا فوقها، حتى جاء أحدهم فكنسه.. كما أقسم صديقي، الذي لم يكن حتى تلك اللحظة يعلم من الشخص الذي تم إسعافه، ولا يدري سببا لتلك الهستيرية المفرطة، حتى سمع بعد ساعات نبأ نعي باسل الأسد.
*التصريح بالمحظور
وفيما كان التفاخر بعلاقة باسل بالأميرة "هيا" سيد الموقف لدى النظام وأعوانه بفعل ارتفاع مستوى الذكورة والفحولة وطغيانه على تفكيرهم، حتى نسجوا حوله من الروايات ما يخجل المرء من سرده ويعاف حتى من مجرد استرجاعه.. كان التكتم الخجل سائدا في الطرف الآخر لعدة اعتبارات، من أبرزها مكانة الأميرة الرفيعة بوصفها ابنة أحد أكثر ملوك المنطقة شهرة، فضلا عن "المسلّمة الاجتماعية" التي تضع الفتاة دائما في موقع "المعشوقة" والمطلوبة، ويندر -بل يحظر بشدة- أن توضع في موقع "العاشقة" الساعية وراء الرجل.
ورغم أنه لم يصدر شيء رسمي بخصوص علاقة "باسل" بالأميرة "هيا"، منذ انتشار الأحاديث عنها أواخر ثمانيات القرن الماضي وأوائل تسعيناتها وصولا إلى وقتنا الحاضر، فإن موت "باسل" جعل الأميرة تصرح بما هو "محظور" وتنطق بما هو "مستور"، إلى درجة تؤكد أنها بالفعل كانت على علاقة إعجاب قوية بابن حافظ، وإلا فمن أين لها هذه "الجرأة" التي تجعلها تنعيه على الملأ بكلمات مخصوصة (وهي ابنة زعيم كبير من زعماء المنطقة)، وتسميه بالاسم وتجعله صنوا أساسيا لرياضة الفروسية المهددة بالموت إثر موته!
ففي مطلع عام 1994، بعيد وفاة باسل، ألقت الأميرة هيا كلمة أمام مسؤولي وأعضاء "رابطة اللاعبين الأردنيين الدوليين الثقافية"، قالت فيها: "لقد كانت هذه السنة علامة فارقة أن فقدت فيها اثنين من أقرب الأصدقاء وأعزهم: أولهما إحدى صديقاتي في الجامعة والتي عرفتها منذ كنت في الثانية عشرة من عمري، أما ثانيهما فهو زميلي في رياضة القفز على الحواجز – الرائد باسل الأسد، إن ما من شك أن كل حادثة موت تقع تحدث صدمة فادحة في نفس الذين ما زالوا على قيد الحياة، وقد فجعت بموتهما الاثنين".
وتابعت: "أدركت كم هي هشة هذه الحياة التي نعيش وكم هي قلقة وغير متوازنة، لقد سألني العديدون في الشهرين الماضيين ما إذا كانت رياضة الفروسية في سوريا ستلاقي المصير ذاته الذي آل إليه الرائد باسل، وللصدق فاني لا اعرف جوابا لهذا التساؤل، وإن كنت أعي تماما ما الذي يفترض أن يكون عليه هذا الجواب كما أعرف ما الذي أرغب فيه لو قدر لي أن أصادف شيئا ما في حياتي، فرغبتي هي أن أتمكن من معرفة أننا استطعنا سويا أن ننشئ أسساً آمنة وسليمة لكل رياضة من رياضاتنا ولكل فرد من أفرادها".
وإن كان لافتا أن تصرح "هيا" مؤسسة ورئيسة الربطة بهذا الوضوح عن فجيعتها بفقدان باسل، فإن اللافت أكثر بل والعجيب أن نعلم أن "رابطة اللاعبين الأردنيين الدوليين الثقافية" تم تأسيسها في دمشق تحت رعاية نظام الأسد وابنه باسل!
*تأثير قوي
تقول "الرابطة" في تبرير هذا الأمر الغريب (تأسيس رابطة أردنية فوق أرض سورية).. إن "دورة الألعاب العربية" التي انعقدت في دمشق صيف 1992 (أوج علاقة الأميرة هيا بباسل) قد مثلت فرصة لاجتماع 172 رياضيا أردنيا (وكأن الأردن ضاق أو عجز عن جمعهم!)، عانى عدد كبير منهم من مشاكل عدم التمثيل الصحيح، وعليه تم طرح فكرة تأسيس الرابطة واختير 25 عضوا في لجنتها المؤسسة تتقدمهم "هيا بنت الحسين" وشقيقها "علي بن الحسين".
ويكشف تأسيس هذه الرابطة عن عدة أمور في منتهى الأهمية والحساسية، أولها أن "باسل" كان بالفعل صاحب تأثير قوي على الأميرة، وهو الذي يكبرها بنحو 12 عاما، وهي التي كانت حينها مجرد شابة خرجت للتو من مرحلة المراهقة، وثاني هذه الأمور أن ما كان يمني به مسؤولو الأسد ومخابراته أنفسهم في تلك الفترة عن إمكانية السيطرة على الأردن وحكمها عبر بوابة زواج باسل من هيا.. إنما كان في بعض جوانبه حقيقة يجري التخطيط لتجسيدها على أرض الواقع، وقد بدأها باسل (ومن وراءه من المخابراتيين الأسديين) وكعادة النظام بتأسيس "رابطة" ذات طابع ثقافي لتسهل عملية التغلغل أكثر وأكثر، فنظام الأسد خبير وضليع في مسألة تأسيس المنظمات والروابط التي ظاهرها توجهات ثقافية أو رياضية أو إعلامية أو فنية أو..، وباطنها تجنيد العملاء وترسيخ أرضية الموالين له والمدافعين عنه في أكثر من بلد، بحيث يبدو هذا الولاء وكأنه انعكاس لـ"إرادة شعبية" ينطق بها هذا اللاعب أو تلك الفنانة، مستغلا القاعدة الجماهيرية التي يملكها المشاهير في العادة.
ويبقى ما جاء في خطاب "هيا" أمام الرابطة وتفجعها الظاهر على "باسل" وحالة الحزن البالغ والحيرة والذهول التي طبعت كلماتها.. يبقى ذلك دليلا إضافيا على ما تم تداوله حينها من دخول الأميرة الشابة في مرحلة اكتئاب وعزلة عقب موت باسل الأسد، تمثلت في بعدها عن الأردن وسوريا واختيارها باريس للمكوث فيها فترات طويلة، قبل أن تقترن بحاكم دبي "محمد بن راشد آل مكتوم" وتنجب منه طفلة وطفلا، قيل إنها اصطحبتهما معها أثناء فرارها من زوجها نحو أوروبا.
قرينة باسل الأسد في الفروسية وزوجة حاكم دبي تهرب منه.. و"زمان الوصل" تنبش نص نعوتها لابن حافظ
ايثار عبدالحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية