في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات أفاق 17 طفلا من عائلة واحدة ليجدوا أنفسهم قد فقدوا آباءهم إثر مداهمة ليلية لعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" استهدفت منازلهم في بلدة "حطلة" شمال مدينة دير الزور.
يقول عم الأطفال، "حسن أبو رعد" (45 عاما) إن عناصر تنظيم "الدولة" داهموا بيوت إخوته الثلاثة واعتقلوهم مع ابن شقيقه أمام والدتهم ونسائهم وتركوا أطفالهم الأبرياء ذاهلين من هول ما جرى وما لم يكن متوقعا.
وفي تلك الليلة اعتقلوا 200 شخص بعد مداهمة منازل من غير أبوابها ويتخطون النساء والأطفال والشيوخ يبحثون عن شباب بحجة أنهم قاتلوهم مع الجيش الحر، الذي خسر دير الزور بعد هزيمته بالمعارك أمام التنظيم ربيع عام 2014.
يتابع الرجل، قائلا: "والدتي فقدت بصرها جزئيا (...) وهي الآن تحتضن أطفال أبنائها وتعيش على كلمة حسبي الله ونعم الوكيل، وتدعو ربها أن يسقي من حرمها أبناءها الثلاثة وحفيدها من الكأس نفسه.
وبالمثل، تنتظر الحاجة "هدلة" (اسم مستعار) عودة اثنين من أبنائها الذين اعتقلهم التنظيم ليلة 23 حزيران يونيو خلال حملة المداهمات في "حطلة"، وأمسى البكاء فرضا يوميا في فناء منزل تستأجره عائلتها بعد نزوحها إلى قرية "معيزيلة" بسبب سيطرة قوات النظام والميليشيات الطائفية على البلدة.
رغم إعلان قيادات التنظيم أنهم قتلوا أبناءها، مازل الأمل يدفع الحاجة "هدلة" للدعاء أن يردهم الله لها سالمين، وتقول إن ذلك وحده سيعوضها عن مقتل والدها وشقيقتها بغارات للطيران الروسي أثناء رحلة النزوح قبل سنتين، وقبل ذلك زوجها.
وأكد الناشط "قياد العلوان" أن "أبو سياف التونسي هو من قاد حملة المداهمات العشوائية تلك الليلة بأوامر من "والي حمص" لدى التنظيم "أبو يحيى العراقي"، فيما كان "أبو أسد المصري" مسؤولا أمنيا بالمنطقة مع "أبو البراء القزبير" (عبدالهادي الصحن القزبير).
وقال "العلوان" إن عناصر التنظيم يومها كانوا يخلعون الأبواب ويدخلون بعد حصار المنطقة بالمدرعات ولم يحترموا خصوصية المنازل، ثم يطلبون من الأهالي رفع الأيادي فوق رؤوسهم، حتى أن بعض الأهالي ظنوا أن مخابرات النظام داهمت البلدة نتيجة الأسلوب المهين وكلام بعض العناصر بلهجة الساحل السوري.
ونقل أكثر من 100 معتقل بينهم أطفال إلى حقل "كونوكو" النفطي، والذي أطلق عليه فيما بعد اسم "فرع فلسطين"، بسبب طرق التعذيب البشعة، ومنها سكب البنزين على المعتقلين وتهديدهم بالحرق ما لم يعترفوا بالتهم المنسوبة لهم، ثم نقل 44 شخصاً إلى الرقة وأفرج عن الباقين.
ومع خسارة تنظيم "الدولة" الرقة، نقل السجناء ومنهم أبناء "حطلة" إلى "الميادين" و"البوكمال" وبعدها إلى العراق، قبل إعادتهم إلى السجون السرية في أقبية منطقه المعامل شمال مدينة دير الزور، لكن أهلهم كان لا يجدون سوى الإنكار من القيادات الأمنية في التنظيم.
ويقدر "العلوان" عدد من أعدمهم تنظيم "الدولة" وأخفاهم أكثر من 170شخصاً في بلدة "حطلة" وحدها، نقل قسم منهم إلى بلدة "الباغوز" المعقل الأخير للتنظيم بالجزيرة السورية، والذي خسره التنظيم لصالح ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في آذار مارس الماضي.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية