مجدداً تعود أخبار اللاجئين السوريين لتتصدر المشهد في ألمانيا، بعد اجتماع وزراء الداخلية الألمان قبل أيام، والذي جدد رسم سياسة قديمة في التعامل مع اللاجئين وطلبات اللجوء.
على الرغم من أنه لم يحمل أي قرارات مفصلية واقتصر على تمديد تصنيف سوريا كبلدٍ غير آمن ومنح السوريين قرارات عدم الترحيل حتى نهاية العام الحالي، إلا أنَّ توصيات ست ولايات ألمانية بعدم شمول اللاجئين الموالين للنظام بقرار منع الترحيل سيطر على صفحات التواصل الاجتماعي، وجعل من الاجتماع المذكور حديث الساعة الذي لا تلوح له في الأفق نهاية قريبة.
*انتصار على بعد آلاف الأميال
أولى أسباب الضجة التي أحدثتها تلك التوصية باستثناء الموالين للنظام من قرارات منع الترحيل أتت من اعتبارها خطوة ذات دلالة معنوية إيجابية تجاه الثورة السورية على حد وصف الشاب عبد الله، مضيفاً: "تمييز اللاجئين الموالين بهذا الشكل يمثل إشارة إلى أن العالم لا زال ينظر للثورة كمطلب شعبي شرعي، عالم بات يرفض النظام ومن يواليه، وهذا بحد ذاته نصر حتى وإن كان مجرد نصر معنوي".
في السياق ذاته، أشار اللاجئ أبو أحمد إلى أن هذه توصية أتت في الوقت الذي باتت أوروبا عموماً وألمانيا تحديداً تشهد تحركات واضحة للوبي النظام من خلال المسيرات المؤيدة للقتل والحرب ضد الشعب، بالإضافة إلى نشاط الكثير منهم لصالح مخابرات النظام، بعد أن لمسوا حالةً من تسامح القانون، موضحاً: "ما شهدناه بعد الحديث عن ترحيل الموالين من تراجع الأنشطة الموالية للنظام خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي يعكس حالة الخوف والتوتر في أوساطهم".
وبين أبو أحمد أن عددا كبيرا من مقاتلي النظام ومراسليه الإعلاميين الذي صوروا المجازر وكانوا شاهدين على الدماء المسالة، وصلوا مؤخراً إلى ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية وكأن شيئاً لم يكن، مطالباً في الوقت ذاته بمحاسبتهم كمرتكبي جرائم حرب بدلاً من فتح أبواب اللجوء أمامهم ومعاملتهم كمعاملة الضحية التي فرت من إجرامهم ونظامهم على حد سواء.
*دعوات للتوثيق والملاحقة
حملات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي لم تقتصر على تأييد خطوة ترحيل الموالين، وإنما تعدت ذلك إلى الدعوات لتوثيق صفحاتهم وصور أنشطتهم قبل حذفها، وتقديم أي معلومات حول هوياتهم، إلى جانب التوجه لرفع الدعاوى القضائية ضدهم سواء بتهم المشاركة في جرائم ضد الانسانية، أو التحريض على القتل.
في هذا السياق لفت الناشط "ابراهيم المحمد" إلى أن العشرات من الشبان بدأوا فعلياً بعمليات التوثيق، وجمع المعلومات، معتبرا مسألة طرد وملاحقة الموالين وتحديداً من شارك في العمليات العسكرية أو دعم النظام، هي معركة لا تقل في أهميتها عن المعارك التي تشهدها سوريا منذ سنوات، مضيفاً: "إدانة النظام ومواليه دولياً مسألة مهمة جداً في تشكيل رأي عام قد يساهم في الحد من ويلات الشعب السوري ومأساته".
من جهة أخرى، شكك بعض المعلقين بجدية التمييز بين المعارض والموالي في سياسة اللجوء الأوروبية عموماً، حيث أشار رأفت "اسم مستعار" إلى أن السنوات الماضية شهدت رفع العديد من الدعاوى القضائية بحق متورطين في القتل والتحريض عليه أمام المحاكم الأوروبية، إلا أنها إلى اليوم لم تشهد حسماً ولم تنجح على الأقل في ترحيل أياً من المدعى عليهم على حد قوله، لافتاً إلى أن العملية أكثر تعقيداً مما يتوقعه المتابعون لسياسة اللجوء من السوريين.
وكشف "رأفت" عن وجود الكثير من إعلاميي النظام الذين كانوا شاهدي عيان على تصفية المئات من نشطاء الثورة، يعيشون اليوم في المدن الأوروبية، لافتاً إلى أنهم عملوا أمام الكاميرات ولم يخفوا تأييدهم للعمليات العسكرية والضربات الجوية التي تعرضت لها المناطق السكنية، إلى جانب تأييدهم الصريح والكامل للعمليات الروسية التي أحرقت عشرات السوريين في العديد من المدن، مضيفاً: "من بين شبيحة النظام في ألمانيا المدعو اياد الحسين الذي كان واحداً من المراسلين الميدانيين المرافقين للعميد سهيل الحسن، والذي لا يزال إلى اليوم يمارس نشاطه التشبيحي من برلين"، متسائلاً: "أي دليل على موالاة القاتل والتشجيع على القتل أكثر من المجاهرة به على صفحات التواصل الاجتماعي؟".
قانونا..لا شيء مستحيل ولكن!
بعيداً عن الحملات على صفحات التواصل الاجتماعي، أكد المستشار القانوني المتخصص في سياسات اللجوء "باسم السالم" أن مسألة ترحيل الموالين ليست بالأمر المستحيل إلا أنه من الصعب أن تتحول إلى واقع في الوقت الراهن، لافتاً إلى أنها لا تزال حتى الآن مجرد توصيات ومحاولات من قبل الولايات الألمانية الست التي طالبت بها للحصول على تصريح أو تفويض للشروع بالترحيل.
وأضاف "السالم": "اجتماع الوزراء الألمان كرر المكرر باعتبار سوريا دولة غير آمنة بالمطلق وهو ما يمنع أي عملية ترحيل قسري حتى ضد المجرمين أو المتورطين بعمليات القتل"، موضحاً أن خطوة ترحيل المؤيدين تصبح ممكنة في حال تضمن تقرير الخارجية الألمانية حول الأوضاع في سوريا وجود بعد الأماكن الأمنة ولو كانت مدينة أو اثنتين على الأقل بما يسمح لاعتبارها مناطق قادرة على استقبال اللاجئين المرحلين.
وكشف "السالم" أنه من الناحية القانونية فإن عمليات الترحيل فيما لو تحولت إلى أمر واقع فإنها غالبا ما ستتم عن طريق بلد ثالث (لبنان مثلا) في ظل عدم وجود ممثلية دبلوماسية ألمانية على الأرض السورية.
وبين "السالم" في حديثه لـ"زمان الوصل" أن التوصيات في الوقت الحالي قد تضع الموالين في رأس قائمة المرحلين في المستقبل، أو اتباع سياسات التضييق عليهم ضمن الأنظمة الداخلية، مبينا أن ما يعرف بمنع الترحيل لا يعني منح أي إقامة لجوء لطالبه، بمعنى أنها ليست إقامة لجوء ولا حتى حماية وإنما نوع ثالث يوقف الترحيل لأسباب تتعلق بالحروب والأوضاع الأمنية.
واستبعد السالم أن تكون ألمانيا أولى الدول الأوروبية التي تتخذ قرارات ترحيل للسوريين لاسيما بعد تجربتها القديمة القاسية مع ترحيل أكراد الموصل الذين قتل العديد منهم بعد ترحيلهم إلى العراق، وهو ما شكل عقدة لدى الألمان في سياسات اللجوء ومنح الإقامات على حد تعبيره.
معركة ألمانيا .. ترحيل الموالين ممكن ولكن ...!

حسام يوسف - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية