كشف إعلامي سوري نقلاً عن مصدر من داخل وزارة الإعلام في حكومة الأسد لم يسمْه أن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها النظام تتسبب بوقف الدعم المالي للإعلام الموالي والشخصيات الموالية بشكل نهائي.
وأشار الصحفي "شعبان عبود" المقيم في واشنطن في منشور على صفحته الشخصية في "فيسبوك" إلى أن الدعم الإعلامي للصحف والقنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية الخاصة قد توقف بسبب الأزمة الاقتصادية، ما انعكس سلباً على الإعلام السوري الموالي.
ولفت "عبود" إلى أن العادة درجت أن تقوم المؤسسة العربية للإعلان بتقديم الدعم لتلك الوسائل بالإضافة إلى الشخصيات الإعلامية العربية التي تساند وتقف مع النظام، وعادة ما يتم في بداية كل عام لكن هذا العام، ورغم انقضاء نصفه لم يتلقَ أصحاب الوسائل الاعلامية فلساً واحداً من ذلك الدعم الذي يصفه البعض بالمخزي".
ورجح "عبود" أن من يقف وراء توقف الدعم هي المسؤولة الإعلامية في القصر الرئاسي "لونا الشبل"، لأنها الحاكم الفعلي للإعلام السوري، ووزير الإعلام مجرد موظف صغير عندها.
"زمان الوصل" تواصلت مع الصحفي "شعبان عبود" الذي يعمل مراسلاً لقناة "تلفزيون سوريا" في واشنطن، فأشار إلى أن الأزمة الاقتصادية الخانقة هي السبب الرئيسي في قرار إيقاف الدعم، ولكن يجب أن لا ننسى -كما يقول- أن النظام اليوم يشعر بالانتصار وبأنه لم يعد بحاجة ماسة لكل وسائل الإعلام والأصوات الموالية بعد أن تحققت الغاية المطلوبة منها.
وأردف أن "النظام بات يدرك اليوم أن المسألة تتعدى هؤلاء وأن الدعم الحقيقي يأتي من الدول الحليفة كروسيا وايران".
وأضاف "عبود" أن "النظام ربما كان بحاجة لهذه الأصوات والأبواق الموالية في بداية الثورة في إطار حملة الحشد والترويج لروايته عن الأحداث وخلق إحساس أن هناك وجهات نظر وشرائح اجتماعية ليست مع الثورة، وأن النظام على حق، لكن اليوم النظام يعتقد أنه تجاوز تلك المرحلة وأن الاصطفافات قد حصلت وانتهى الامر".
واستبعد محدثنا أن تغير الشخصيات الموالية من مواقفها ومواقعها واصطفافاتها بسبب وقف الدعم لافتاً إلى أن "هؤلاء سيبقون يراهنون على النظام وعلى إمكانية تجاوز الأزمة وتدفق الدعم من جديد، ربما يعتقد بعضهم انها مرحلة مؤقتة".
وأردف أنهم ربما يبحثون عن جهات تدعمهم مالياً وإيجاد مصادر دعم، لكن سيبحثون في نفس الدائرة، دائرة حلفاء النظام، لاسيما إيران أكبر داعم للنظام والتي ترزح اليوم تحت العقوبات والحصار ولا تستطيع أن تفعل لهم الكثير.
ولفت "عبود" نقلاً عن مصادره من داخل وزارة الإعلام السورية أن القرار ربما يكون مؤقتاً، لكن معلومات رشحت عن أنه سيلغى وهذا غير مؤكد، زنقل عن ذات المصادر أن "لونا الشبل" قالت لأحد المقربين في دائرتها "لا توقع على الدعم حالياً، إذا صار حكي وقّع ومشيّها، وإذا ما صار حكي أنسى الموضوع والغي الدعم"، مما يشير إلى أن "لونا الشبل" باتت أشبه بالجنرال الذي يتحكم بكل شيء وأن وزير الإعلام مجرد ألعوبة في يدها وينفذ فقط ما تأمره به.
وعن تفسيره لقبول وسائل الإعلام اللبنانية بـ"فتات" الدعم الذي يقدمه النظام لها مقابل تلميع صورته وضرب مصداقيتها أوضح الصحفي الذي عمل مراسلاً لصحيفة "النهار" اللبنانية بدمشق لسنوات أن "وسائل الإعلام اللبنانية التي تتلقى الدعم من النظام ليس لها هذا الحضور الكبير ولا تملك مصداقية في الشارع اللبناني، لكن بنفس الوقت يجب أن لا ننسى –كما يقول- أن هناك اصطفافات سياسية وطائفية ومصالح وتنافس بين السياسيين يجعلهم يتسابقون في كسب رضا النظام لإحساسهم أنه قوي وأنه مؤثر رغم خروج قواته من لبنان.
واستطرد قائلاً: "هم بالأصل اعتادوا منذ فترة الوجود السوري في لبنان على اللجوء إلى أساليب رخيصة من أجل الحصول على دعم سياسي ومالي، وبعضهم يرى علاقته مع النظام كمصدر رزق.. لكن هؤلاء يفتقدون المصداقية والاحترام على المستوى العربي، لأن الناس تراهم مجرد أدوات وأبواق مأجورة".
وعن آلية تعامل هذا النظام مع الإعلام اللبناني المؤيد له وهل يتم هذا الأمر علناً أم جهراً أبان محدثنا أن المؤسسة العربية للإعلان غالباً ما تتولى دور الوسيط بين النظام وبين أبواقه ووسائل الإعلام اللبنانية الموالية وغيرها من خلال إعطائهم إعلانات أو مساعدات مالية مباشرة بحجج وذرائع ما.
واستدرك أن "النظام لا يجاهر بذلك لكن الجميع يعرف صيغة وكيفية وآليات الدعم.. وأحياناً يتم الدعم عن طريق مساعدة الشخصيات الموالية التي تدعم بدورها وسائل الإعلام تلك من خلال تأمين مطالب خاصة وصغيرة ومراعاة مصالحهم".
وقلل عبود من تأثير الأزمة الاقتصادية التي تعصف بنظام الأسد الإعلام الرسمي والخاص الموالي، وربما تضطر بعض وسائل الإعلام الخاصة للإغلاق إذا طالت الأزمة، ولكن الغالبية –حسب قوله- سينتظرون ويقبلون بالأمر الواقع وسيجدون مبررات للأزمة والنظام.
وأشار المصدر إلى أن "وسائل الإعلام الحكومي وكل وسائل الإعلام الخاصة لا تملك قرار مصيرها أو استمراريتها فهي تنفذ ما تؤمر به خاضعة لإرادة المؤسسات الأمنية والحكومة ولا تستطيع إلا أن تقبل بكل شيء وبأي شيء يقدم لها، وعندما يطلب من بعضها الإغلاق فستغلق ودون حتى أن تتذمر أو تعارض، لأنها جميعها أوجدت من قبل النظام وهو الداعم والممول لها وهو وحده من يقرر مصيرها.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية