أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فتى سوري فلسطيني ينجز فيلماً عن عذابات المعتقلين في سجون النظام

الفيلم من النوع الروائي القصير

احتفى مهرجان "سينما فلسطين Ciné Palestine" الذي أقيم في مدينة "تولوز" الفرنسية منذ أيام بالمخرج السوري الفلسطيني الشاب "آدم خليل" من خلال فيلمه "أنا ما دخلني".

ويتناول الفيلم وهو من النوع الروائي القصير جوانب من عذابات المعتقلين وقصص شهداء التعذيب في سجون النظام، من خلال قصة عائلة بسيطة مكونة من أب فلسطيني وأم سورية، ويعتقل الأب الذي يعمل دهاناً عند خروجه من صلاة الجمعة ويعاني داخل المعتقل أقذر أساليب النظام في قتل المعتقلين.

ولد آدم في مخيم اليرموك (جنوب دممشق) وعاش فيه مع عائلته إلى أن بدأ الحصار وتوقفت المدارس، وكان والده "أبو سلمى خليل" –أحد الوجوه الثورية قد افتتح أول مدرسة في المخيم أطلق عليها اسم "المدرسة الدمشقية البديلة" وضمت نشاطات متنوعة ومنها المسرح مع بعض المتطوعين ومنهم الفنانين "حسان حسان" و"نيراز سعيد" اللذين قتلا فيما بعد تحت التعذيب في معتقلات الأسد، وبعد خروجه مع عائلته من المخيم اعتاد المخرج الشاب–كما يروي لـ"زمان الوصل"- على متابعة أفلام السينما العربية والعالمية، وبدأ عشقه لهذا العالم ينمو في داخله، وكان حلمه -كما يقول- أن يصبح مخرجاً لمثل هذه الأفلام التي يراها على الشاشة، وقرر أن يبدأ بهذه الخطوة.

ويضيف "آدم" أنه بدأ بمتابعة "يوتيوب" ليتعلم أصول التصوير السينمائي والمونتاج والإخراج وغيرها، وأراد ـ كما يقول- أن تكون فكرة فيلمه الأول حول الأشخاص الذي غرسوا في داخله حب الفن والسينما والمسرح ومنهم الفنانان الراحلان "حسان حسان" و"نيروز سعيد".

وعرض المخرج الشاب فكرة الفيلم على والده الذي رحب بها وبعد إنجاز السيناريو –كما يقول- عرض الفيلم على عدة شركات إنتاج وجهات دعم، لكن الجميع رفض لأن عمره صغير وخبرته ضئيلة، حسب قولهم.

لم يجد آدم بداً من البدء بمفرده وإنجاز فيلمه دون إنتاج، فاستعار كاميرا من إحدى صديقات والدته، واعتمد على إضاءة أحد المسارح، أما أماكن التصوير "اللوكيشن"- فكانت منازل الأصدقاء، وفي ظروف الافتقار لوجود خبرة لدى طاقم الفيلم سواء في الكومبارس أو التمثيل كان عليه ـ كما يقول- أن يقوم بمهام الإخراج والتصوير وتمثيل دور الابن، فيما تولى والده دور الأب، علاوة على تولي مهام والإضاءة والصوت والمكياج والمونتاج والديكور بمساعدة والده وصديقه "عبد الله العراقي" أيضاً.



وأبان المخرج الصغير أن تركيزه كان منصباً على أن يكون التصوير داخلياً دون أي مشاهد خارجية من شارع أو وغيره.

وكشف أن عدداً من الأصدقاء الفرنسيين أعطوه منازلهم وهيئوا له الظروف الملائمة لإنجاز الفيلم، وجهد أن تكون أماكن التصوير قريبة من المنازل السورية الفقيرة، كما تم اختيار كراج قديم كمكان لتصوير السجن.

ولم يخف "آدم" الذي يعيش في مدينة "تولوز" الفرنسية الصعوبات التي واجهت فيلمه الأول ومنها تأمين معدات لتنفيذه، وكان عليه خلال أربعة أشهر أن يبحث عن شركة إنتاج أو شخص يعيره كاميرا إلى درجة أنه وصل لمرحلة اليأس والاستسلام وفكر بإيقاف العمل، ولكنه تمكن من استعارة كاميرا احترافية من صديقة والدته مما بعث الأمل في داخله من جديد.

وعُرض فيلم "أنا ما دخلني" في مهرجان فلسطين في "تولوز" الذي يُعد أحد "أبرز مهرجانات السينما الفلسطينية في أوروبا"، وكانت آراء النقاد والجمهور-كما يقول آدم ـ إيجابية، حيث تمكن الفيلم على امتداد 23 دقيقة من أن يلامس مشاعر الحضور لدرجة أن "بعضهم خرج وهو يبكي".
وبدوره أشار والد آدم "أبو سلمى خليل" كاتب السيناريو الذي أدى شخصية الأب في الفيلم أيضاً إلى أن حالة الحصار التي كان يعانيها مخيم "اليرموك" استدعت أن تكون هناك وسيلة لإيصال صورة واضحة وحقيقية عن معاناة الناس.

وأردف أن الكثير من أبناء المخيم حملوا كاميراتهم وبدؤوا بنقل ما يجري وكان "آدم" أحدهم.

وتابع محدثنا أن ابنه اعتاد على تصوير أنشطة المدرسة الدمشقية التي كان يديرها وأحب هذا المجال من حينه، وبدأت فكرة الفيلم -حسب أبو سلمى- من الرغبة في توثيق حالة وجدانية لها علاقة بمن علّمه التصوير وهو الفنان "نيراز سعيد"، ومن علمه التمثيل الفنان الشهيد "حسان حسان"، وكذلك عمه "أبو العبد خليل" الذي اغتيل في المخيم أثناء الحصار.

وأردف محدثنا أن ابنه كان يرغب أن يقتصر الفيلم على هذه الشخصيات الثلاث ولكنه اقترح عليه -كما يقول- أن يكون الفيلم عن جميع المعتقلين وشهداء التعذيب، على أن يهدى إلى "نيراز" و"حسان" و"أبو العبد".


ويصور الفيلم قصة أسرة فلسطينية سورية وجد الأب نفسه في مكان قاده إلى مصير كان يتحاشى كل الطرق إليه، إذ كان يريد حياة كريمة لأسرته، ولكن كيف ينجو من علق في أتون مجزرة لم ترحم أحداً والتهمت من الأبرياء أكثر بآلاف المرات مما التهمت من مشعليها، علماً أن أول فلسطيني أُعدم ميدانياً في مخيم "اليرموك" كان دهاناً يُدعى "علاء السهلي" تمت تصفيته بعد عودته من عمله على حاجز للنظام في منطقة "نهر عيشة" بدمشق.

وأضاف كاتب السيناريو أنه واكب تجربة "آدم" بكل مراحلها وكان من أصعب الحالات -كما يقول- أن يكون الأب كاتب السيناريو والابن هو المخرج.

وأردف بنبرة ساخرة أن تصوير الفيلم والتحضير له شهد الكثير من المناكفات، وحاول "آدم" أن يفرض رؤيته بعيداً عن رؤيتي كمؤلف وكان الأمر يُحل أحياناً بالنقاش والجدل وأحياناً بسلطة الأب، وكان الهدف الأول أن ينجح في تجربته.

ونوّه أبو سلمى إلى أن فيلم "مادخلني" قُدم لإدارة مهرجان السينما الفلسطينية الذي تنظمه مؤسسة "هنا، هناك، هنالك" في مدينة "تولوز" الفرنسية كل عام ووافقوا على عرضه، ولكن الموعد الذي تم تحديده كان سيئاً وهو وقت وجود الفرنسيين في أعمالهم والطلاب في مدارسهم، وكان الخوف من عدم حضور الناس للفيلم، ولكن المفاجأة أن الصالة امتلأت بالحضور والبعض –كما يؤكد- اضطروا للوقوف، وكان هدفهم -كما يقول- أن يروا تجربة فنان شاب لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره والأهم ربما هو أنهم عرفوا شيئاً عن معاناة السوريبن والفلسطينيبن السوريين في معتقلات النظام.

وعبّر والد المخرج الشاب عن شكره لكل الأصدقاء الفرنسيين الذين قدموا كل الإمكانيات وساهموا في إتمام الفيلم دعماً وتشجيعاً، وكذلك الأصدقاء السوريين والفلسطينيين والعراقيين الذين شاركوا في الفيلم تمثيلاً وعمليات فنية.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(113)    هل أعجبتك المقالة (125)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي